مقالات

لا تربك القبطان حتى ترسو السفينة

 الحميقاني

د.عبدالوهاب الحميقاني

 

إذا تلاطمت الأمواج واضطربت السفينة فأمل النجاة يكون، بتحكم القبطان والتعاون معه والاستماع لتوجيهه ، حتى يرسو بها ببر الأمان، ولو ابتدر أحد الركاب أو بعضهم لحظة الإضطراب ليجدها فرصة لنقد سلوك القبطان أو التقليل من قدراته أو التشكيك في نياته،  لكان شاغلا له عن أهم مهماته مشتتا لجهود الإنقاذ في أحلك الظروف مسهما في سرعة الهلاك بكل برود، وهذا ما نجده من بعض منسوبي الجماعات.

 
أقصد ذاك الذي يجد في محنة جماعته منحة له لتصفية حسابه أو فرصة لإبراز نفسه أو لإيجاد حظه متسربلا لذلك بثوب النصح والتقويم ، يستر تحته رقة دين أو ضعف مروءة أو نقص عقل أو قلة فهم ولو خلصت النية أحيانا ولو أنه قام بواجبه تجاه إخوانه ليتجاوزوا نكبتهم ثم في حال سلامتهم تفرغ لنصحهم لكان من الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

 

ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إقامة عقوبة القطع في حال مواجهة العدو
كما تأخر نزول القرءآن لتصويب مخالفة الصحابة في وقعة أحد وأرجأ عتابهم على المعصية وكشف حالهم وإرشادهم لتقويم اعوجاجهم إلى بعد الانتهاء من المعركة بل إلى بعد الرجوع من غزوة حمراء الأسد لحكمة بالغة وهي أن الانشغال بالتصويب الجزئي في حال المواجهة التي تستأصل الكلي لا يؤدي إلا لمزيد من الفرقة وتشتيت القدرة لانشغال الأذهان مع الأفعال بالدفع عن السماع للنصح لا سيما إن كان من متفرج.

 

فاتركوا القبطان ولا تشغلوه وقت الاضطراب بالنقد والسباب وتعليمه قواعد الإبحار 
حتى إذا ما رست السفينة بالساحل كان لكم مع القبطان جلسات وجلوات وخلوات كافية وليس هذا من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه والذي لا يسوغ 
وإنما هو من باب تأخير البيان عن وقت العمل به وهذا مما يسوغ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى