مقالات

إيران والحوثيون.. مفاوضات لالتقاط الانفاس

كــاتب صحــأفي
كــاتب صحــأفي

أمجد خشافة

بعد أول يوم من شن طائرات التحالف العربي (عاصفة الحزم) على مقرات الدفاع الجوي في صنعاء 26 مارس الماضي، صَعد عبدالملك الحوثي اليوم التالي عبر قناة المسيرة في كلمة حربية يتوعد فيها وهو يتمالأ بانتصاراته في اليمن بضربة وشيكة ضد السعودية.

ورغم أن خطاب الحوثي أعلن عن رد عسكري على السعودية إلا أن مرور أكثر من اسبوعين على القصف لم تعط أي مؤشرات عمليه لخاطبه، الأمر الذي أثار تساؤلات عن سبب استماتتهم في التوسع نحو الجنوب رغم أن الضربات التي أصابتهم في العظم لم تكون الا من طائرات التحالف.

من الأشياء التي باتت مؤكدة أن الحوثيين وقوات صالح أربكتهم الضربة المفاجئة التي دمرت قوات الدفاع الجوي وشبكة الاتصالات، وسيطرت طائرات التحالف على الأجواء اليمنية، مما تسبب في شل حركة القتال ميدانياَ، وأجبر الرئيس السباق علي صالح التوجه بخطاب يغازل فيه بعض الحُلفاء في الامارات ويقدم نفسه كوسيط لحل المشكلة.

هذا المعطى، كسر قرن الغرور في رأس الحوثيين، وبقي لهم قرن اتجهوا به الى مدينة عدن لنطح ما بقي من قوات الرئيس هادي والمقاومة الشعبية محاولين كسب انتصارات عملية باعتبار أن عدن كانت في قائمة اهداف السعودية بعدم دخولها أو سقوطها بيد الحوثيين، ومع ذلك وجد الحوثيون انفسهم أمام حرب استنزاف في عدن وقصف مستمر قـَطع عليهم حبال الامداد وجعلهم منكشفين أمام ضربات التحالف وكمائن المقاومة الشعبية في عدن.

في هذه الأثناء لوَّحت إيران بتهديد السعودية تارةَ وتخويفها بأن الحرب ستشمل المنقطة، وتارة بأن طهران والرياض قادرتان على التوصل الى حل سياسي في اليمن حسب ما قاله حسين أمير مساعد وزير الخارجية الايراني في مؤتمر المانحين للوضع الانساني في سوريا المنعقد في الكويت 31مارس الماضي.

وآخر حديث صدر من إيران ما جرى بين نائب وزير الخارجية الروسي “ميخائل بوغانوف” وحسين أمير مساعد وزير الخارجية الايراني من حديث حول سعي الجانبان لإيجاد حل سلمي وتسوية سياسية في اليمن.

  

في المقابل التزمت قيادات الحوثيين الصمت –على الأرجح- تجاه أي حديث عن حل سياسي يمكن التوصل إليه، لكن بعد أن تيقنوا أن استمرار الحرب ليست في صالهم في الوقت الراهن، وإيران باتت هي من تلوح بمشروع الحل السلمي؛ خرج تصريح من رئيس المكتب السياسي للحوثيين صالح الصماد في 6 ابريل يتحدث عن استعدادهم للحوار والحل السياسي.

وقال الصماد أن جماعته مستعدون لإجراء محادثات سلام إذا توقفت الضربات الجوية التي تقودها السعودية وأشرفت عليها أطراف “ليس لها مواقف عدائية”.

الحوثيون لا يبحثون عن حل إلاّ إذا كان في مصلحتهم، أو يحقق جزءَ من أهدافهم، ربما أخذوا خبره من إيران بفعل الخبراء العسكريين والسياسيين المتواجدين في اليمن بالمراوغة السياسية والهدنات العسكرية، فإيران تعاملت أكثر من ثلاثين عاما على المراوغة السياسية مع أمريكا والمجتمع الدولي.

وعملياَ، تعاملت جماعة الحوثي مع خصومها منذ ابتلاعها لمنطقة دماج معقل السلفيين بمحافظة صعدة شمال صنعاء بالمواثيق والعهود، وكلما توسعت في منطقة وسقطت تحت سيطرتها عملت على صُلح ومعاهدات مع المناطق التالية حتى تعمل على تحييدها، وما تلبث حتى تضع المعاهدات على فوه البنادق واسقاطها بأول طلقة.

 

ماذا تريد روسيا وايران؟

في الوقت الذي تدفع دول مجلس التعاون الخليجي بمشروع قرار لمجلس الأمن حول فرض عقوبات شديدة على الحوثيين، تقوم روسيا بمحاولة عرقلة أي مسعى ما من شأنه التحرك عملياَ ضد الحوثيين.

فقد رفعت دول الخليج  لمجلس الأمن مشروع قرار يقضي بطلب الحوثيين بتنفيذ قرار 2201 الذي أدان ممارسة الحوثيين وطالبهم بالانسحاب من صنعاء، والامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات أحادية الجانب، التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن، وفي حالة طبق الحوثيون القرار يتم وقف العمليات العسكرية.

 

روسيا وإيران تعرفان أن نَفـَس مجلس الأمن طويل ولا يتعامل بشكل سريع، لذا تسعى الدولتان الى الضغط لهدنة عسكرية وادخال مساعدات إنسانية.

 في المقابل عبر سفير السعودية في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي عن استغرابه لاهتمام روسيا والذي وصفها بـ”المفاجئ”، لكن الهدف من ذلك، ربما تزويد الحوثيين بأسلحة، وتكرار ما فعلته الطائرة الروسية في 4 أبريل الجاري والتي قامت بإجلاء دبلوماسيين روس من مطار صنعاء واصطحبت معها أسلحة أفرغتها للحوثيين، حسب ما جاء على لسان وزير الخارجية اليمني رياض ياسين.

في الوقت ذاته، لا يزال الحوثيون يمتلكون، طبقا لمعلومات مؤكدة، أسلحة وصواريخ عابرة للحدود رغم الضربات الجوية التي دمرت أماكن تخزينها، غير أنهم يفتقدون للقدرة على استخدامها وفقدانها لبعض القطع التي تعمل على انطلاقها.

وبفعل الهدنة العسكرية قد تستغل ايران عن طريق روسيا تمرير ما تحتاجه تلك الصواريخ التي لا يزال الحوثيون يمتلكونها في مخازن تابعه لهم، ربما لن يستخدمها الحوثيون حالياَ ولكن قد يفتعلون على المدى المتوسط أي مشكلة، ويوجدون لها مبرر لتفجير الوضع عسكريا مع السعودية.

الحوثيون مصرون على الرد العسكري ولا يهمم أي موقف من المجتمع الدولي ولكن يحتاجون لتدخلات روسيا في مجلس الأمن لوقف قصف (عاصفة الحزم) لالتقاط الانفاس وترتيب الصفوف من جديد، فهم لا يزالون يبحثون عن نصر عسكري ولو بشكل خاطف يعيد قليل من ماء الوجه تجاه أنصارهم، والاعتبار لغرور الجماعة التي تعتبر نفسها جماعة صاحبة الحق الإلهي التي لا تهزم.

……

موقع عربي 21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى