مقالات

ما بعد الانتصار

 

10255707_240604032797726_9084315319155610417_n

عبد الواسع الفاتكي

 ستنتهي الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي وصالح على اليمنيين لا محالة وستندحر مليشيات الموت والدمار تاركة لنا آثارها الإجرامية التي لها انعكاساتها على الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية ستمتد لتكون في المستقبل روافدا لصنع المواقف السياسية لليمنيين.

 

 نعم سننتصر على عصابات الموت أو ستعلن استسلامها ولا يعني ذلك أننا تخلصنا منها ومن مخلفاتها فأمامنا مرحلة جد مهمة وخطيرة وبالغة الصعوبة تتمثل في تفكيك البنى الفكرية والاجتماعية التي غذتها ورعتها واستخدمتها لتمزيق الهوية الوطنية دون ذلك فالهزيمة في قاموس تلك المليشيات ليست إلا استراحة محارب قبل أي محاولة لإيجاد حلول لوضعنا المأساوي الحالي وإزالة ملامحه لابد من تشخيص الواقع وعمق تأثيره ودوافعه لا سيما وأن اليمن لم يشهد عنفا موجها اتسم بالحدة والتوسع ليشمل معظم أرجاء اليمن مثلما يشهده اليوم في هذه اللحظات الفارقة.

 

 وتتطلب الحلول الخروج من دائرة التحليل المتحيز المؤدلج المفتقد للموضوعية في التقييم والمعالجة والعمل على اعتماد أسلوبين:

 

 الأول- الوقوف على أسباب هذا الوضع الكارثي ومحاصرتها وعوامل استمرارها.

 والثاني – العمل على إيجاد البديل على مختلف المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية، فليس من المعقول أن نحاول الخروج من الجحيم بذات الأدوات والأفكار التي أوصلتنا إليه سيستحضر اليمنيون هذه الحرب بعد أن تضع أوزارها كذكرى إما أن تؤسس لذاكرة وطنية عادلة تفهم الماضي وتعترف بالإساءة بمقدورها الغفران تضع في مقدمة اهتماماتها تعويض الضحايا وتكريس المصالحة.

وإما أن تكن ذاكرة انتقامية حاقدة ستكن موجودة إذا استمر حضور كل شخوص ورموز ووسائل وتقنيات العنف في الساحة الوطنية وستؤسس لجولات من الصراع أشد من سابقاتها وتفشي إرشيفا مناطقيا طائفيا ثأريا عوضا عن إرشيف تاريخ جماعي بعيدا عن الطمس والتشويه يحلل بنى العنف لضمان عدم عودته مرة أخرى لكي نتمكن من توطيد وحماية السلام في نفوسنا ومغادرة دائرة الحروب الدورية التي قضت على ماضينا وحاضرنا ومستقبل أجيالنا القادمة.

 

 علينا السعي الجاد والدؤوب لترسيخ ثقافة المواطنة وتعزيز الانتماء للوطن بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واعتماد الخيار الديمقراطي القائم على التعددية السياسية لمنع احتكار السلطة من أي فئة أو منطقة كانت والأخذ بمبدأ الفيدرالية أو نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات لتتمكن المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها ولتتخلص من هيمنة المركز وإشاعة ثقافة الاعتدال والتسامح عبر تعزيز التواصل الإيجابي بين فئات ومكونات المجتمع الاجتماعية والسياسية لنتجاوز الماضي بآلامه وأحزانه ونتجه صوب بناء وطن يتسع لكل أبنائه .  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى