مقالات

معذرة إلى ربكم

 العامري

د.محمد بن موسى العامري
كثير من الناس يعيبون علينا مواصلة المشاورات في الكويت مع الإنقلابيين ومرد ذلك عندهم إلى أمور منها :
1- عدم جدوى الإتفاقات والمعاهدات معهم لكثرة نقضهم لها وانقلابهم عليها متى ما سنحت لهم الفرصة .
2- كون هذه المشاورات قائمة بين طرفين أحدهما يمتلك الشرعية والمركز القانوني والدستوري والآخر منقلب ومتمرد على الشرعية .
3- سلوك المراوغة والمخادعة المعهود لدى الطرف الإنقلابي فهم يعلنون شيئآ ويبطنون خلافه في أغلب تصرفاتهم وأحوالهم وهو أمر بات يعرفه أغلبية الشعب اليمني .
4- قناعة كثير من الناس أنهم غير مستعدين لتسليم الأسلحة للدولة ولا للإنسحابات حتى وإن أعلنوا أنهم موافقون على تطبيق القرار 2216 إلا أن ذلك لا يعدو كونه مجرد مخادعة ومراوغة لكسب الوقت ولإعادة ترتيب أنفسهم لجولة قادمة من العدوان .
5- إدراك أكثر اليمنيين أنهم لايملكون رصيدآ شعبيآ وبخاصة طائفة الحوثيين التى تتعالى على الشعب اليمني بالنفس العنصري ومن ثم فإنهم لايعولون على المسار السياسي مالم يكونوا متمسكين بالسلاح على غرار حزب الله اللبناني .
6- القناعة التامة لدى أبناء الشعب اليمني بأن الفئة الإنقلابية لا تملك قرارها كونها مجرد أداة لتنفيذ المشروع الإيراني في المنطقة ومن ثم فإن الحوار معهم قليل الفائدة كون مصدر القرار الحقيقي في طهران .
7- استمرارهم في القصف والعدوان واختراق الهدنة يؤكد بما لايدع مجالآ للشك أنهم لم يأتوا باحثين عن السلام حتى وإن أعلنوا ذلك إلا أن القول يناقضه العمل والعدوان في الميدان.
8- ممارسة هذه الفئة للإرهاب والتعدي على الناس بالقتل والتهجير وتهديم المنازل ونهبها ونسف المساجد ودور القرآن واختطاف الناس وإخفائهم قسريآ كل ذلك يؤكد أن التحول من هذه الأعمال إلى المسار السياسي أمر بالغ التعقيد فالطبع غالب للتطبع فكيف إذا غاب الطبع والتطبع .
9- وجود أجندة خارجية إيرانية وغيرها من الجهات المشبوهة ذات تاثير كبير في توجيه هذه الطائفة لخلق صراعات في المنطقة بواسطتهم حتى وإن أعلنوا عداوتهم لتلك الجهات إلا أن مثل هذه المساحة من الهوامش الشكلية أمر مفسر في التحالفات السياسية الخفية .
10 – جميع الحركات المتطرفة ذات التوجه العنيف بمختلف أشكالها تسعى جاهدة لخلق مناخات الفوضى والإضطرابات وغياب الدولة إدراكآ منها بأن قيام الدولة بمؤسساتها هو الضامن للجميع لتحقيق العدالة والحقوق والحريات المعتبرة والأمن والشورى ومثل هذه المعانى لا يمكن أن تكون مساعدة للتيارات المليشاوية بالتوسع والإنتشار .
11- يضاف إلى ذلك الشعور العام لدى قطاع كبير من أبناء الشعب اليمني بأن الإنقلابيين لم يواجهوا من جهة المجتمع الدولي بكشف حقيقة الجناية التي قاموا بها تجاه المسار السياسي التوافقي الذي تم الإنقلاب عليه وربما ولد ذلك الشعور بتدليل القوى المتمردة وبأن سير العدالة غير متحقق في التعامل مع تطبيق القرار الدولي وبقية المرجعيات الأمر الذي قد يؤسس لبوادر جائرة في دعم أو غض الطرف عن أي جهة تسعى لتحصيل مكاسبها عن طريق العنف والإستيلاء بالقوة على مؤسسات الدولة .
لذلك نقول وبالرغم من جميع ما يذكره كثير من الناس من هذه الحيثيات وغيرها إلا أن ذلك لايمنعنا من البحث عن فرص السلام والسعي الجاد لحقن الدماء والصبر والمصابرة دون التنازل عن الحقوق المشروعة أو التفريط في كفاح الشعب ومقاومته فذلك غير مانع من إقامة الحجة وتحقيق المصالح العليا ودفع المفاسد – إن تيسر ذلك بالتشاور –
ومع علمنا بصعوبة التفاهم مع القوى التي دأبت على جحود الحقيقة واختيار معركة العناد والمماطلات ونحوها فإن الصبر والمصابرة سيظل هو النبراس في طريقنا ….
ولعل في هذه الآية ما يجيب على التساؤل وهو قوله سبحانه وتعالى….
( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون}

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى