مقالات

قبل أن يتحول اللقاء المشترك إلى تحالف للشوالات!

ناصر يحي

 

لم أكن أتوقع أن يعبر الزميل فتحي أبو النصر عن رفضه لأفكار الشيخ عارف الصبري بكل هذا العنف الذي جعله يطالب الإصلاح بوضع الصبري في (شوالة)؛ إن لم يمكن لجمه أو لمه!

 

ليست خطورة هذا الموقف الحاد أنه يصدر من صحفي وشاعر وأديب صار له حضور دائم في الصحافة؛ ولكن من كون الطلب يفتح أبواب جهنم الشوالات على أحزاب اللقاء المشترك، ويهدد بتحويلها إلى مستودعات للشوالات من كل طراز ونوع!

 

لست بصدد مناقشة الأفكار التي تضمنها كتاب الشيخ عارف الصبري، ومن حق من يريد أن يناقشها ويفنّدها، وأن يكيل للصبري ما شاء من الأوصاف والاتهامات، هذا حق يجب أن نتفق على مشروعيته؛ فلا حصانة لأحد ولا قداسة لبشر. وطالما أن الصبري قد كتب ما كتب فهو مسؤول عن فعله وعن أحكامه التي أطلقها في حق الآخرين. ومن نافلة القول إن من حق الذين تناولهم في كتابه أن يردوا عليه كما يشاءون، وكما فعل الدكتور ياسين سعيد نعمان. ومن حق من شاء أيضا ممن لم يذكرهم أن ينتقدوا أفكار الكتاب، ومنهجه (ومن ألف فقد استهدف).

 

ما ليس مفهوما أن يتحول كتاب “مؤتمر الحوار الوطني: عمار أو دمار” إلى مشروع مشكلة بين الإصلاح والحزب الاشتراكي، وأن يحاول خصوم اللقاء المشترك استغلاله في الوقيعة بينهما، وهو ما فهم من البيان الذي أصدره الإصلاح وأعلن فيه عدم مسؤوليته عما جاء في الكتاب، وهو موقف كان يجب أن ينهي الجدل تماما، ويئد أي محاولة لإثارة الفتنة بين الحزبين الحليفين.

 

وفي الأصل؛ لم يكن هناك أي داعٍ لإصدار بيان للإصلاح ينفي مسؤوليته أو علاقته بأمر الكتاب، فهو أولا لم ينشر باسم الإصلاح، ولا أشادت به القيادة الرسمية للإصلاح، ولا روّجت له الصحيفة الناطقة باسم الإصلاح، ولا موقعه الرسمي في شبكة الإنترنت. وحسب علمي فحتى الوسائل الإعلامية المحسوبة على الإصلاح لم تفعل ذلك. بل أعلم يقينا أن من تولى نقد الكتاب وتفنيد أفكاره هم علماء ومثقفون إصلاحيون.

 

المشكلة أن الإصلاح صار مسؤولا أو يراد تحميله مسؤولية كتاب نشره أحد أعضائه على مسؤوليته الشخصية – كما تدل كل القرائن، وهنا تكمن الخطورة أو المأزق الذي ستواجهه كل أحزاب المشترك؛ لأنها ببساطة شديدة ستكون ملزمة بالتعامل مع كل ما يصدر عن قيادات أحزاب المشترك وأعضائها ويُسيء لبعضها بعضا بالطريقة نفسها التي اقترحها الأخ فتحي.. أي إما اللجم أو اللم أو وضع المدان في “شوالة”. وكما هو واضح، فالأمر سوف يتحول فورا إلى إعادة انتاج محاكم تفتيش “قروسطية”، أو “مكارثية” جديدة على الطريقة الأمريكية في الخمسينيات ضد الشيوعيين أو على الطريقة المعروفة عربيا ضد الإسلاميين!

 

وبالنظر إلى المهام التاريخية الخطيرة المنوطة بـ “المشترك” في الوقت الراهن؛ فإن الاستجابة لمطلب (أبو النصر) لن يستفيد منه إلا الخيل وصاحب الخيل (وطبعا تجار الشوالات!)! وبدلا من أن يكون هناك (سبع الشريعة) فسيظهر أيضا (سبع الشوالة).. وتضطر أحزاب المشترك إلى تعديل أنظمتها الداخلية واستحداث دوائر للشوالات.. فمطلب إلجام الخارجين عن السياسات الرسمية للأحزاب لن يقتصر على الإصلاح، وربما كان الإصلاح هو أقل أحزاب المشترك إسهاما في انتاج الأفراد المحتاجين للوضع في الشوالات.. بينما هناك قيادات حزبية عليا بل في المنصب الأول في حزبها، وأعضاء في المجلس الأعلى للمشترك، ومع ذلك فإنها تمارس من قلة الذوق التحالفي والافتقاد لآداب الالتزام بمقتضيات التحالف ضد الإصلاح حصريا ما يجعلها مؤهلة بامتياز تحسد عليه لأن توضع ليس فقط في شوال بل في حفرة!

 

وليتخيل الأخ فتحي لو أننا في الإصلاح صنعنا مثله، وبدلا من أن نواجه ما يقوله ضد الإصلاح: تصريحا وتلميحا رفاق له من الاشتراكيين؛ ومنهم أعضاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية؛ بالنقاش والمجادلة أو بالتجاهل، بدلا من ذلك رفعنا أصواتنا، وكتبنا في الصحف والمواقع نطالب الحزب الاشتراكي – بحجر الله وبحق الشراكة بيننا التي تعمدت بالدماء في الثورة الشعبية – أن يكف سفه (لبؤة العلمانية) وشعوذة (ضبع الحوثية)، ومهاترات (بومة الدولة المدنية) وغيرهم ممن لا يترددون أن يقولوا بأحقد ما يمكنهم كل ما يسيء للعلاقات التحالفية بين الإصلاح والاشتراكي، على أن يتم توجيههم نحو بقايا النظام السابق خيوله، على الأقل حتى نهاية الفترة الانتقالية، أو الانتخابات القادمة؛ إن شارك اللقاء المشترك فيها بقائمة واحدة وتنسيق كما هو مفترض!

 

وماذا سيكون الحال أيضا لو ناشدنا د. ياسين شيئا بسيطا جدا، أن يوجه صحيفة “الثوري” إلى عدم نشر ما يسيء للإصلاح، وتحويل كل المقالات من هذه النوعية إلى صحف المؤتمر أو صحف الحوثيين، وأمثالهم ممن لا يرون عدوا لهم اليوم إلا الإصلاح، وكل من يخالف ذلك فمصيره: شوالة؟

 

ولأن د. ياسين رجل دمث الأخلاق؛ فهذا يجعلنا نطمع أن نزيد مطلبا آخر؛ أن يوجه موقع (الاشتراكي نت) إلى عدم الانشغال بإعادة نشر المواضيع المسيئة للإصلاح نقلا عن صحف أخرى؛ لأن المهنية لا تلزمها بذلك، وخاصة أنه لم يحدث أن تم إعادة نشر مواضيع مماثلة تسيء لحزب الحق والحوثيين – أو غيرهم من حلفاء الاشتراكي – نقلا عن “أخبار اليوم” أو أي صحيفة أخرى!

 

هل رأى الأخ فتحي خطورة المصير الذي ساق إليه اللقاء المشترك؟

حتى إعلام صالح سوف يشمت بنا وبكم، ويعاير الجميع بأنهم يفتقدون روح الحوار والتسامح والتقدير لبعضهم البعض، وفي الأخير سوف نسمع عن تأسيس شركة مؤتمرية – حوثية – حراكية – قاعدية مساهمة لصنع “الشوالات” وتوفيرها في السوق المحلية بأسعار مناسبة!

 

على أية حال؛ كل ما سبق مجرد مداعبة للأخ فتحي، وعارف الصبري أمامه، ليقل فيه ما يشاء، ولا يخش لوما من الإصلاح ولا عتابا! بس رجاءً؛ بلاش حكاية “الشوالات” هذه، ولو أنه من حسن حظك أنك لست محسوبا على الأحزاب الإسلامية، وإلا كانت مواقع التواصل الاجتماعي (قد ورتك شغلك).. وبـ “الشوال”!

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى