مقالات

اليمنيون بين فشل التعليم وضياع الأخلاق  …

الرشاد برس

مقال : زيد اليمني

الملاحظ اليوم عندما نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي  نلاحظ بان الكثير قد سقط في مستنقع الشتيمة والرذيلة فتجد البعض يشتم هذا ويسب هذا  ويلعن ذاك .فلا يكاد يحترم صغيرا ولا كبيرا ولا يفرق بين رجل وأنثى ولا بين عالم وجاهل ولا بين داعية ودكتور ولا بين حي وهالك ،ولا بين قتيل وقاتل ….

بل الطامة  من ذلك قد نجد البعض يتطاول على هامات الصف الأول من قيادات الأمة الإسلامية ورموزها وذلك اما استرضاء لفلان او لجماعة معينة ،او نكاية بشخص اخر او جماعة أخرى…

فالمقابل من هذه اخلاقه هو ذاك الجيل الذي تربى في ذلك العصر الذي اتسمت فترته بالاستقرار النسبي لا اكثر …اي في الثمانينات والتسعينات والعقد الاول من عام الفين (2000م)  ذلك الجيل الذي تربى في ايام ازدهار التعليم  المدرسي في اليمن وكانت الجامعات في اوج قوتها التعليمية والعلمية …

فإذا كانت هذه اخلاق ذلك الجيل فكيف ستكون اخلاق هذا  الجيل الناشئ ،الجيل الذي لم يحصل حتى على 10%من محصلته العلمية سواء كان طالب في المراحل الأولى او المتوسطة او الجامعية ،فنلاحظ طالب في الثانوية او الاعدادية لايستطيع ان يكتب اسمه او ابسط الكلمات التي تواجهة في حياته اليومية الا من رحم ربي ،والملاحظ بان الكثير لم يحصل على القدر الكافي من التعليم الاساسي في ايام دراسته، حيث مضت دراستة اما اضرابات او مشاكل وفتن وحروب ولم يستفد من دراسته الاساسية والثانوية الا ورقة هزيلة (شهادة ) منحت له من ادارة مدرستة تحت ترويسة وزارة التربية والتعليم  ومذيلة بختم مكتب التربية في المحافظة شهادة لله يشهدونها بان هذا الطالب يستحق النجاح والانتقال من صف لاخر او من مرحلة لاخرى وهو بالاصل لايستحق ان ينتقل من الصف الثاني اساسي لانه لايستطيع القراءة ولا الكتابة فعلى اي اساس منحت له هذه الشهادة ،ومن المخزي والمحزن في السنوات الاخيره وقد شاهدنا هذا جميعا بان الطالب يحصل على شهادته الدراسية وينتقل بها من صف الى اخر وهو لم يحظر المدرسة نهائيا ،بل المدرسة لم تفتح ابوابها نهائيا واذا فتحت لمدة شهر او شهرين ثم تغلق ابوابها في وجوه  طلابها …

فاذا كان هذا جانب التعليم فكيف بجانب التربية والاخلاق وماهي الاخلاق التي اكتسبوها وتعلموها في مدارسهم ياترى هل تعلموا الصدق والأمانة والاخلاص والكرم والشجاعة والاخلاق الحسنة ،ام تعلموا الكذب والمكر والخداع والنصب والاحتيال والسب والشتيمة  والسرق والنهب واكل المال الحرام ،لا اقول انهم تعلموها من المدارس ولاكن تعلموها من مجتمعاتهم  ومجالسهم وممن يكبرونهم سنا والمدارس لم تقم بواجبها في تربية الاجيال التربية الصحيحة الصادقة ولم توصل رسالتها التي شيدت وبنيت من اجلها ،فكانت احد اسباب ضياع المجتمع بالإضافة الى اهمال الأسرة دورها في التربية ومتابعة ابنائها وكذلك ضياع دور الهيئات الثقافية والإعلامية في الدولة وعدم القيام بدورها الريادي في توجية المجتمع نحو الاخلاق السامية وابعادهم عن الرذيلة وعن كل ما يضره او يضر غيره او قد يضر الوطن برمته ….

فاذا اردنا ان ننهض ونخلص ممانحن فيه فعلينا اصلاح منظومة التعليم برمتها والعمل على اعداد منظومة تعليمية متكاملة بما تتناسب مع عصرنا هذا واستمداد التجارب والعبر من الماضي ،وكذا تفعيل دور الهيئات الثقافية والإعلامية والرقابية والدعوية كل في مجال عمله واختصاصه ،وكذا اخذ تجارب الامم والدول الاخرى ممن سبقونا في مجال العلم والتعليم ،وابعاد التعليم عن المماحكات السياسية والحزبية والطائفية والمناطقية المقيته….

ولاكن لاننسى الدور المادي والمعنوي للقائمين على مهنة التعليم فيجب اعطائهم المستحقات التي يستحقونها واكثر بما يكفيهم ويكفي اسرهم من جميع متطلبات الحياة ،وذلك لكي يتفرغوا لعملية التعليم والتعلم في نفس الوقت فيكون الصباح في المدرسة والفترة المسائية يبحث ويطلع ويتابع كل ماهو جديد في مجال اختصاصة حتى يستطيع ان يوصل رسالته العلمية على اكمل وجه ويستطيع ايصال كل جديد الى طلابه في الوقت المناسب  …..

لا ان يكون الصباح في المدرسة وبعد العصر في الجولة او المزرعة او المقوات يبحث عن ما يكمل به احتياجاتة واحتياجات من يعول من ضروريات الحياة ومتطلباتها ،ليأتي في صباح اليوم الثاني وعقله فارغ من كل علم قد تعلمه من قبل فما بالك بماهو جديد الا من هموم الحياة واحزانها وضيقها وكدرها ،فأنى لهذا ان يوصل رسالتة التعليمية التي هو مكلف بايصالها وأنى لهذا أن يكون قدوة لطلابه ومجتمعه….

فاذا صلح التعليم وطبقت مبادئه واهدافه واساليبة الصحيحة سنتخلص من مشاكلنا رويدا رويدا ،وستنهض الدولة وتاتي التنمية ويستقيم القضاء و تزدهر الصحة وستضاء الكهرباء وستزول المطبات والحفر من الشوارع وستختفي الرشوة والمحسوبية وسيطبق القانون على الجميع دون استثناء ….

لذلك فالعلم اساس لبناء الدول وتطورها وازدهارها وضروري لثقافة المجتمعات وزيادة وعيها ،ولن تقوم اي دولة الا بالعلم ولن تتطور الا بالعلم ،واي دولة لاتهتم بالتعليم ستظل تقبح تحت الفقر والبطالة والفوضى وستظل مسرح تجارب للاعداء وساحة للحروب والصراعات  الدولية والإقليمية،وستضل تلهث خلف فتات زهيد يقدمه لها اعدائها تحت مسمى مساعدات ومعونات إنسانية متحكمين بذلك في مصيرها وقرارها وسيادتها …

اخيرا ياقومي لن تفلحوا الا بالعلم ولن يصلح حالكم الا باصلاح منظومة التعليم ….

والله من وراء القصد ….

بقلم : زيد اليمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى