مقالات

يومٌ أسود في مؤتمر الحوار :

مقال

محمد شبيبة

………………….
يُذكرني ذلك اليوم بهذه الأيام التي نُمارس فيها التناقض والإزدواجية
فَمِنْ بداية تمرد مليشيا الحوثي في صعدة إلى دخول مؤتمر الحوار إلى إحتلال العاصمة وحتى انسحاب جيشنا اليوم من الحديدة ولازال توصيفنا لهذه المليشيا يتناقض مع تعاملنا معها!!
ففي الوقت الذي نَصِفُهُم بالإماميين – وهم كذلك – تجدنا لانُمانع أن يُعْطَوا حتى وزارات سيادية إذا وافقوا على الشراكة
بالله عليكم كيف نقول أنهم حركة لاتؤمن بالجمهورية ولا بأهداف الثورة السبتمبرية، ثم نتقاسم معهم حكم الجمهورية؟!!

نَصِفُهُم بإلارهاب – وهم كذلك- ثم لانُمانع أن يكونوا في هرم السلطة.
هل يُعقل أن تتقاسم حكومة شرعية السلطة مع مليشيا إرهابية؟!!

نَصِفُهم بالصفويين عملاء إيران-وهم كذلك – لكننا في نفس الوقت نؤمن أن لهم حق في السلطة والثروة!!
هل سمعتم بحكومة تحترم نفسها تُشرك عُملاء لدولة أخرى في السلطة والثروة؟!
المعروف أن العملاء يُعْدَمُوا بتهمة الخيانة العظمى وليس يَحْكُمُوا؟!

نَصِفُهم بالمتعصبين العنصريين أدعياء الحق الإلهي السلاليين – وهم كذلك – ومع ذلك نرحب بوجود هذا السِل في مفاصل الحكم المدني والعسكري؟!

إنَّ هذا التناقض العجيب والفعل المُشين يُذكرني باليوم الأسود الذي صنعه فريق قضية صعدة أيام مؤتمر الحوار بقاعات (موفمبيك) حينما اتفق رؤساء المكونات على أن يمنحوا صرعىٰ الحوثي في الحروب الست لقب شهداء ويضموهم مع بقية المتمردين الأحياء على كشوفات عساكر الدولة وتُصرف لهم معاشات مثل معاشات العسكر والضباط

أعترض على هذا الإتفاق رئيس أحد المكونات فقط ورفض التوقيع على هذه (المُخرجات) وقال لهم :
كيف نُوَقِع على أن الذي انفجر فيه اللغم وهو يفجر جامع في صعدة يُعتبر مناضل وشهيد!!

كيف نقرر دفع معاشات ونُوصي بمنح درجات وظيفية للذين فجروا جامع الغرابين و جامع سالم أحسن و جامع سلمان علي سلمان و جامع آل عثمان و جامع آل حيدر وجوامع في ساقين وكتاف.

ماذا نقول لأمهات وأرامل وأيتام الذين اُستشهدوا وهم يواجهون إرهاب المليشيا وتمردها في صعدة عندما يعلمون أننا فرطنا في دمائهم بل وكآفأنا من قتلهم برتبةٍ ومعاش ؟!

فجروا البيوت
هجّروا الناس
قصفوا المراكز العلمية
اختطفوا المواطنيين
نهبوا الممتلكات
تمردوا على الدولة والمجتمع
ومع هذا القُبح كله نُلقبهم بالشهداء ونُلزم الدولة التي حاربوها وقتلوا مواطنيها أن تعطيهم معاشات!!
وتعتذر لهم ولمليشياتهم المتمردة وزعيمهم المجرم!

ما أشبه صنيعكم وحكمكم بأولئك الذين حكموا على الملطوم المظلوم أن يعتذر لظالمه وَلِلاطِمه وألزموه بذلك
فقال : ياجماعة هو الذي لطمني كلموه يعتذر لي أنا
قالوا : لا أعتذر أنت :
قال : خلاص لايعتذر ولا اعتذر
قالوا : لابد أن تعتذر
فأنشد المظلوم بيتاً من الشعر بحرقة وألم وقال :
أَلَا اعتذروا لي عنده فأنا الذي
صفعتُ بخدي كَفَّه فتألما!!
اعتذروا للكف الغليظة فقد آلمها الخد الناعم!!

قال لهم هذا الكلام ومثله ومعناه لكن للأسف كان كلامه محل استغراب واستهجاناً وسخرية ونظروا إليه كمتشدد متعصب أو بدوي ساذج
ثم قالوا له إرزىٰ إرزىٰ – بلهجة أصحاب صنعاء- يعني اسكت…..
وَقِّعْ وإلا ارزىٰ!!….
وكانت والله الرزية والرزايا
وبسبب هذا اليوم الأسود الذي صنعناه بأيدينا تلفعت أيامنا كلها بالسواد وسقطت حتى معسكرات السواد.
وللأسف لازلنا بنفس العقلية تلك
ولا زالت إرزىٰ هي شعارنا حتى اليوم

تتكرر نفس المغالطة لشعبنا وجيشنا وجمهوريتنا وكرامتنا وأجيالنا
……………..
أعتذر عن طول المنشور لأن مصيبتنا أطول وإذا بقينا بهذا التناقض فهي مطولة…..
(تالله ماأزرىٰ بساستنا
إلا ازدواج ماله حدُ)… مع الإعتذار للشاعر بالتصرف اليسير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى