مقالات

هادي في مهمة هدم دولة ترأسها ولم يحكمها

 

كاتب صحفي
كاتب صحفي

جمال عامر

يبدو عبد ربه منصور هادي وكأنه في مهمة هدم الدولة التي شأت الظروف أن يكون رئيسها دون أن تمكنه قدراته على إدارة حكمها إذ لم يتمكن الرجل مغادرة ماضيه وظل حبيسا لفترة كان فيها موظفا عند رؤساء حكموه مازالوا أحياء وأكثر من ذلك يمثلون حضورا في الشأن الوطني والعام أكثر مما يمثله بكثير.

 

علي سالم البيض علي ناصر محمد حيدر العطاس علي عبد الله صالح مع كونهم يحملون لقب رؤساء سابقين إلا أنهم يمثلون له تنكيدا يوميا مع كل يوم يظهرون فيه على وسائل الإعلام ويعد صالح الغصة الأكبر كونه الوحيد الذي مازال في وطنه بل ويرأسه في الحزب الذي يشغل فيه موقع نائبه ولذا سخر جل جهده على مستوى الداخل والخارج لإبعاده خارج معترك السياسة وخارج حدود بلاده أيضا.

 

عامان في الحكم قضاهما هادي لم تضف له شيئا كرئيس لأنه مازال مثقلا بتبعات ثمانية عشر عاما من التبعية المذلة التي لايجروء على التفاخر من أنه قد حقق إنجازا ملهما فيها ربما ماعدى قيادته لحرب 94 للدفاع عن الوحدة وتخليص ثأر حرب الرفاق في 86 ومع ذلك حتى هذه صارت بالنسبة له اليوم عارا يحاول جهده نسيانه لحساسيتها في الجنوب الذي يطالب بالانفصال.

 

تعود هادي أن لا يكون صانع قرارا طيلة تسلمه منصب الرجل الثاني في السلطة وهو شعور بالعجز مازال راسخا في اعماقه وفي الا شعور لديه وحتى بعد أن صار الرجل الأول في الدولة ظل يبحث عن قوة أكبر منه يتكئ عليها وكان اللواء علي محسن الذي ما فتئ يبرر انسياقه وراءه { هذا أخرج علي عبد الله صالح } وحين ظهر السفير الأمريكي كان القوة الأخرى الذي راهن عليه وكان كلما واجه معضلة أو تحد يجهر بالصوت {أنا معي أمريكا }.

 

القائد حين لايملك جسارة اتخاذ القرار يضعف نفسه وقبل ذلك ينتقص من شرعيته وخلال عامين مضت انكشف الرئيس الذي كان يمثل أملا شعبيا حين ذهب الناس مختارين لانتخابه إلى حد قفز الجميع فيه عن سؤال بدى ترفا في تلك اللحظة عن الأصوات التي صارت في الصندوق وعددها وكيف ملئت بهذه البطائق.

 

إلا أنه ومع كل خيبة أمل يتذكر الناس سؤالا مثل هذا وهو حقهم , إذ أن الهدف الذي استدعى انتخاب الرئيس على علاته والمتمثل بإعادة بناء الدولة لم يعجز عن تحقيقه فقط بل كان الفاعل في هدم ماتبقى لها من أركان بسبب انه وفيما هو يريد ان يصنع قرارا يكون رأسه في العادة مزدحما بحسبات تتجاوز قدراته على المواجهة وبمحظورات تضعف إرادته على التحدي وهو ما تجلى أثناء حضوره التوقيع على الوثيقة الختامية للحوار حين ظهر لشعبه على الهوى مكشوفا بأكثر مما تحتمله كرامة شعب وزاد في تأكد عدم فاعليته حين وعد باتخاذ قرارات جسورة فيما هو يعتقد أنه يهزئ ب556 من أعضاء الحواروليس بكل مواطنيه الذي بعضهم تكبد عناء انتخابه حين شاهدوا فعلته على الهواء ودون حواجز نقل إعلامية.

 

في المقابل فأن قوته تتبدى وهي ،هنا سلبية ، حين يتبنى قرارات مأمونة الجانب وبعيدة عن المساس بحدود أطراف القوى مع كونها قرارات مرتجلة وغير قانونية ثم يحاول أن يكون قويا في المكان الخطأ بتحدي أحكام القضاء كما في بطلان قراره بتعيين هيئة مكافحة الفساد أو بتعيين نائبا لرئيس الجهاز المركزي أو وهو يتقمص قوة امريكا حين لم يكترث لقرار مجلس النواب بمنع طائراتها بدون طيار من انتهاك سيادة بلده وقتل مواطنيه.

 

في شهور حكم الرئيس الأولى كان ملاحظا أنه يكتفي بالمشاهدة أكثر منها بالعمل على إثبات حضوره ومن باب أن للرجل فرصة تأمل ودراسة كان يجب أن تمنح له مع كون ذلك لايستقيم مع ضيق الوقت وضرورات إنجاز المهام التي صارت محددة ومع مرور الوقت اتضح أن دولا هي من تقرر وتفرض بمشاركته أحيانا وبغيره أحيانا كثيرة وبعد أن استتب الأمر تقريبا وصارت القوة بيده لم يستطع أن يبارح سجن ضعفه وعاد مجددا إلى دور المشاهد ولكن هذه المرة المشاهد العاجز.

 

وهو ما سارع في تفتت الوطن الذي كان موحدا على الأقل جغرافيا فيما شرعية الدولة وهيبتها تتآكل، بينما هو محشورا بين أعوان يحتاجهم ربما بالقدر ذاته من احتياجه للاحتماء منهم وفي نهاية المطاف لن يكون قادرا حتى على تسليم البلد والدولة كما استلمها.

……

نقلا عن صفحته الشخصية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى