تقارير ومقابلات

نقاط المليشيا الحوثية المتمردة.. كابوس يرعب المسافرين….

الرشاد برس_تقرير

………………………………………………………………………………

لا شيء يؤرق من يعتزم السفر من مدينة إلى أخرى سوى نقاط التفتيش الحوثية.. يستحضر المسافر عقله، ويستجمع قواه، ويبدأ حديثا مطولا مع نفسه في كيفية الرد المناسب للأسئلة التي توجه له من قبل القائمين على تلك النقاط لكنه – حتى وإن كان لبقا وبارعا في الجواب – حتما ستخرسه عرقلة مقصودة من قبل المليشيا، ولامناص له سوى تلبية رغباتها، وتنفيذ مطالبها التعسفية.

تلك الابتزازات من قبل النقاط الحوثية أصبح كابوسا يهدد جميع مواطني الجمهورية في المناطق التي ما تزال تحت سيطرتها.

منذ أن اجتاحت المليشيا العاصمة صنعاء في ال21 سبتمبر / أيلول في العام 2014م قامت بتأسيس نظام موازٍ للنظام الأساسي العام في خطوة أرادت به جملة أهداف من أبرزها استباحة الأموال، وجلبها بكل الوسائل، ولكي تفتح الباب لمن يتجشمهم الجشع ليلتحقوا بمسيرة الفيد، والنهب، والسلب.

دبر حالك

في نقاط التفتيش الحوثية، أو ما يعرف بالحواجز الأمنية ترك قادة المليشيا – عمدا- أفراد النقاط بدون رواتب، وما كان منهم إلا أن استخدموا قاعدة أسيادهم القائلة: « بأن لا شيء اسمه لايجوز إلا ما تعسر أخذه»!!

يعتبر نفسه محظوظا من يسعفه القدر، ويلتحق بإحدى نقاط التفتيش، فالعابرون، والمسافرون، والتجار هدايا تسوقهم الأقدار إلى بين أيديهم ليسلبوا من جيوبهم ما يريدون!! خصوصا وأن قادة المليشيا قد تركوا لهم حرية التصرف، وكامل الصلاحية.

وفق تقديرات فإن مئات النقاط الحوثية تمتد على طول الطرق تمارس فيها جميع وسائل الابتزاز.

ابتزاز المسافرين

تلفيق التهم أسلوب تجيده المليشيا بحق المسافرين في خطوة من خلالها يتم نهب أموالهم، وممتلكاتهم.

يقول مسافرون: لا يتوانى أفراد النقاط الحوثية بإلصاق التهم بالمسافرين، وسيوجدون لأنفسهم ما يتذرعون به عليك، وإن بافتعال المشاكل في أثناء الاستجواب، كأن يقول لك: ليش بترفع صوتك، أو بتفتح نخرك « أنفك»؟! وهذه- رغم ادعائها كذبا – جريمة كافية لسجنك، وضربك، وسحلك ويالتعاسة من لم يكن” جيبه دافئا” ليسترضي غضبا مصتنعا، ويتفادى سجنا بدون جرم ارتكبه.

حين تستمع قصصا يرويها المسافرون تندهش وتغضب معا في الوقت ذاته، وتضحك تارة حين تسمع قصص إنكار ما هو واضح للعيان حينها لا يجد المواطن الموقوف ألفاظا يستعين بها لتبيين الواضح؛ فالتفسير والشرح حينها لن يكون إلا من باب « توضيح الواضح يولد إشكالا».

كامل القنازي مواطن من محافظة حجه يسرد قصة له مع نقطة حوثية يقول – ضاحكا-: كنت أحمل دافورا محلي الصنع قمت بتصليحه شخصيا، أوقفني أفراد نقطة الحمراء في كحلان عفار وسألوني:

أيش معك؟؟

دافور.

شغله.

فقلت: كيف أشغله؟!

فأجابوا: ما يضمن لنا أنه دافور؟!

يقول: وقفت حائرا ولم أدر بماذا أرد عليهم فالجميع؛ يعرف الدافور وليس غريبا على أحد، لكنهم تذرعوا بالقول «ممكن تعمل داخله عبوة وتفجر»!!

على ذمة الدافور تم حبسه!!

يقول آخر: لي قصص كثيرة مع نقاط الحوثيين، وكل مرة تحصل مشكلة وما نتخارج إلا بعد أخذ ورد، وتوقيف، وتعسفات!!

يحتفظ فارع بتفاصيل تلك القصص ويستحضرها بكثير من الهم، يقول: أنا إذا قد نويت أسافر لا أهم تعب السفر بقدر ما أخشى نقاط الحوثيين؛ يفتشوك يتعبوك يوقفوك، ويبهذلوك حتى وإن جلبت لهم ألف دليل لابد ما يطلعوا لك الضغط.

يحتار فارع ويتنقل بين تفاصيل تعسافات الحوثيين معه غير أن إحدى تعسفاتهم معه لاتزال تحضر بكثرة في مواجعه، يقول : ذات مرة شحنت بضاعتي ونزلت أنا مع النقل الجماعي، وصلنا إلى نقطة أبو هاشم في رداع، أوقفنا الحوثيون وكنا نعتقد أننا نمشي بعد ما توقفنا لساعات، إلا أن الحوثيين منعونا من السفر وأرجعونا رغما عنا رغم عرض التصريح وورقة إيجار المحل، وأنني تاجر، يتوقف عامر برهة ويواصل حديثه يقول: لم يكن أمامنا إلا الرجوع، وسلكت طريقا طويلة ذمار – إب – تعز- عدن حتى وصلت إلى محلي.

صورة أخرى من صور الابتزاز تقوم المليشيا باختطاف بعض المسافرين لعدة أيام، ويتم إبلاغ أهاليهم لتدبير مبلغ مالي كفدية مقابل الإفراج عنهم.

حقوقيون يعتبرون ماتقوم به المليشيا انتهاكاً صارخاً لأبسط الحقوق، التي تتمثل في التنقل الحر بين مدن ومحافظات بلده.

حلب التجار

منذ أن شنت حربها على الدولة عمدت المليشيا الحوثية إلى تدمير الاقتصاد اليمني الرسمي وظهر ما يسمى بالاقتصاد الطفيلي الذي يكوّن ثرواته بموارد الدولة، وعائدات السوق السوداء.

ما هو معروف أن المليشيا الحوثية سعت إلى تأسيس كيانات اقتصادية موازية في مناطقها لتمويل الحرب؛ لتجني ملايين الريالات يومياً.

المليشيا فرضت إتاوات على شاحنات التجار، وناقلات الوقود التابعة للشركات الخاصة لتجني أموالاً طائلة من وراء ذلك.

يقول مراقبون : إن نقاط التفتيش أصبحت مصدر دخل وتمويل تحت مسمى الإجراءات الأمنية.

مورد اقتصادي

النقاط وإن كانت بدأت ممارسة الابتزاز لتدبير مصاريف أفرادها، فما هو مؤكد أنها تحولت لاحقاً إلى مورد ثابت ومصدر دخل تقدر عائداته اليومية بملايين الريالات، وباتت أموال النقاط تعوض توقف موارد أخرى، ويمكنها تمويل أنشطة كثيرة.

فضمن اقتصاد الحرب باتت نقاط التفتيش مورداً مالياً مهماً، تلك الإتاوات يتم جمعها من خلال ابتزاز شاحنات التجار أو المسافرين وسيارات النقل الداخلي بين المدن.

وتتفاوت الرسوم التي تفرضها النقاط الحوثية فالمبالغ تحددها الأهواء.

عقوبات الامتناع عن الدفع تبدأ بمنع المرور وتنتهي بحجز المركبة أو الشاحنة ولا يُفرج عنها إلا بعد دفع فدية مالية.

يؤكد خبراء اقتصاديون أن الأموال التي تجنيها نقاط التفتيش من ابتزاز مسافرين وفرض إتاوات على التجار لم تعد مجرد مصاريف لتغطية احتياجات أفرادها، بل باتت مصدر دخل ومورداً لتمويل الحرب تحت مسمى: «المجهود الحربي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى