مقالات

دروس وفوائد

بقلم / محمد شبيبة
………………………………………………………………………………
في يوم الفتح العظيم دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مكة ، فأتاه أبو بكر بأبيه وكان لازال على الشرك ، فلما رآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : هلا تركتَ الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ – وكان قد كف بصره – فقال أبو بكر : يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه…
فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، ثم مسح صدره ثم قال له : أسلم فأسلم ، ونظر إلى رأس الشيخ وكأنه ثغامة فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر غيروا هذا الشيب…..
كان في غاية الحرص لزيارة المشرك إلى بيته.. فما بالنا قسونا على المسلمين وحرَّمنا زيارتهم ؟!
حَفِظَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحبة ووفىٰ لها لذلك قام بإكرام أهل الصديق وأراد زيارتهم إلى دارهم،… من أجل عين تكرم مائة عين
في يوم فتح ونصر وتمكين وهزيمة ماحقة لأشد الأعداء، ومع ذلك لم يغتر أو يتكبر، كحال الناس في مثل هذه المواطن، بل ازداد تواضعاً حيث كان من برنامجه زيارة هذا الشيخ الأعمى وتفقد حاله… طبعاً بدون أن تلاحقه كاميرات التصوير وهو يجلس على الحصير مع هذا المسن، وبدون أن يطبل للزيارة عشرات الصحفيين
لا يوجد في الزيارة أي غرض مادي، فهذا الشايب لن يركب الخيل ليقاتل معه، ولم يعد فيه طاقة ليستفيد منه ولو في رعي الغنم، ولكن الزيارة تؤكد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إنقاذ الناس من الشرك ولو كانوا في آخر لحظاتهم من الدنيا، فلا يكن همك دعوته لتكسب صوته في الإنتخابات أو لتتكثر به على خصومك، أو لكي يكون من جماهيرك.
مع انه صلى الله عليه وسلم مشتغل بالفتح وتطبيع الحياة في مكة بعد هذا الإنتصار التاريخي إلا أنه قد وضع في جدوله هذا النشاط الفردي والزيارات الخاصة،… لا نقول زر الناس إلى بيوتهم فلست من هذا الصنف النبيل، ولكن افتح للناس يزوروك، وأعلم أن ملفات الشرق الأوسط بيد غيرك، أما أنا وأنت فلا زلنا في المنفىٰ واغلب الوقت نقضيه في المقهىٰ
الرفق في الدعوة والحرص على المدعو… لم يقل هذا مشرك وسلم عليه برؤوس أصابعه ونظر إليه بنصف عين، بل مسح على صدره وقربه منه وأجلسه بين يديه.
النظافة والجمال والذوق وحسن المنظر، أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم حقها من الإهتمام ، لذلك عندما وجد شعر الرجل المُسن متطايراً كالثغامة وهي نبته بيضاء الورق والثمر والغصون وشكلها مبعثر، أمر بتغييره بالحناء أو مافي حكمه كالكتم، ولا يليق بمن في عمره وقد تجاوز الثمانين أن يغير بالسواد الصارخ حتى لايكون كالمتصابي والله أعلم
وصلى الله وسلم على أعظم معلم وأكرم مخلوق نبينا وقدوتنا محمد وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى