عربية

قوات النظام تدخل بلدة في شمال شرق سوريا بعد الانسحاب الأمريكي


الرشاد برس… عربي وكالات
لم تضيع القوات السورية المدعومة من روسيا وقتا في انتهاز فرصة الانسحاب الأمريكي السريع من سوريا يوم الاثنين فانتشرت في عمق الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد جنوبي الحدود التركية بعد أقل من 24 ساعة من إعلان واشنطن سحب قواتها من المنطقة.
وقال الأكراد، حلفاء واشنطن السابقون، إنهم دعوا القوات الحكومية كإجراء طارئ للمساعدة في التصدي للهجوم التركي الذي بدأ الأسبوع الماضي بضوء أخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفه الأكراد بأنه خيانة.
ويمثل نشر القوات السورية يوم الاثنين نصرا كبيرا للرئيس السوري بشار الأسد وروسيا حليفته الرئيسية، اللذين سيطرا على مساحات كبيرة من أراضي البلاد كانت خارج سيطرتهما.
ومن المقرر بموجب الاتفاق مع الأكراد أن تتحرك القوات السورية إلى داخل المنطقة الحدودية من بلدة منبج في الغرب إلى ديريك على مسافة 400 كيلومتر باتجاه الشرق.
وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن قوات الجيش دخلت بالفعل بلدة تل تمر في شمال شرق البلاد على طريق سريع استراتيجي يربط بين الشرق والغرب على عمق 30 كيلومترا من الحدود مع تركيا.
وعرض التلفزيون الرسمي في وقت لاحق لقطات لسكان يرحبون بالقوات السورية في بلدة عين عيسى التي تقع في منطقة أخرى من الطريق السريع على مسافة مئات الكيلومترات. وقال مسؤول إعلامي من قوات سوريا الديمقراطية إنه لا يمكنه تأكيد هذا الانتشار.
وتتحكم عين عيسى في المشارف الشمالية للرقة، العاصمة السابقة لدولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية والتي انتزع مقاتلون أكراد السيطرة عليها من التنظيم قبل عامين في واحد من أكبر انتصارات حملة قادتها الولايات المتحدة.
ويقع أغلب الطريق السريع على الطرف الجنوبي للمنطقة التي تريدها تركيا ”منطقة آمنة“ داخل سوريا. وقالت تركيا إنها سيطرت على جزء من الطريق السريع. وأفاد مسؤول من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد بأن الاشتباكات مستمرة.
* الاستراتيجية الأمريكية تتهاوى
جاء انتشار القوات السورية في الوقت الذي تهاوت فيه الاستراتيجية التي انتهجتها الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس الماضية في سوريا بين عشية وضحاها. وأعلنت واشنطن يوم الأحد على نحو مفاجئ سحب قواتها المتبقية وقوامها ألف جندي والتي قاتلت إلى جانب الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية منذ 2014.
وقال مسؤول أمريكي يوم الاثنين إن فريقا دبلوماسيا يعمل على المساعدة على تحقيق الاستقرار في الأراضي التي انتُزعت السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف المسؤول أن القوات الأمريكية ما زالت على الأرض لكن المراحل الأولية من الانسحاب بدأت.
وذكر مسؤولان أمريكيان آخران لرويترز أن سحب أغلب القوات الأمريكية سيكتمل في غضون أيام.
وجاء إعلان الانسحاب الأمريكي يوم الأحد بعد أسبوع واحد من قول ترامب إنه سينقل عددا محدودا من قواته بعيدا عن المنطقة الحدودية مما سمح لتركيا بمهاجمة الأكراد فيما وصفه المسؤولون الأكراد بأنه ”طعنة بالظهر“.
ولقي آلاف المقاتلين من قوة يقودها الأكراد حتفهم وهم يقاتلون الدولة الإسلامية بالمشاركة مع الولايات المتحدة في إطار استراتيجية دشنتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما واستكملتها إدارة خلفه ترامب.
ويقول ترامب إنه يريد إخراج الولايات المتحدة من حروب ”لا نهاية لها“ في الشرق الأوسط تطبيقا لرؤيته بأن الولايات المتحدة يجب ألا تضطلع بدور شرطي العالم. غير أنه أعلن الانسحاب من سوريا في الوقت الذي أرسل فيه آلاف الجنود إلى السعودية.
ومكن تغير سياساته في سوريا تركيا من الشروع في هجوم عبر الحدود الأسبوع الماضي أدى إلى نزوح آلاف المدنيين ودفع الأكراد للبحث عن أصدقاء جدد.
وقال المسؤول الكردي البارز بدران جيا كرد ”بعدما تخلى التحالف الدولي والأمريكيون عن حماية الحدود أو المنطقة من التهديدات التركية وأعطوا الضوء الأخضر للهجوم التركي فاضطرينا بأن نتوجه إلى البحث عن خيار آخر وهو النقاش مع دمشق وموسكو لإيجاد مخرج والتصدي لهذه الهجمات التركية والإرهابيين المرتزقة لكون شعبنا يواجه حرب إبادة شاملة“.
وأضاف ”هذا اتفاق عسكري مبدئي ولم يتم مناقشة الجوانب السياسية وهذا الأمر سيتم مناقشته في المراحل اللاحقة“.
وقال السياسي الكردي البارز ألدار خليل إن ”الإجراء الطارئ“ الذي تم اتخاذه بإشراف روسيا، الحليفة الرئيسية للحكومة، يهدف إلى التصدي للهجمات التركية عبر الحدود.
وأضاف ”الأولوية الآن هي حفظ أمن الحدود من الخطر التركي. نحن على تواصل من أجل الوصول لصيغة مشتركة في المستقبل مع حكومة دمشق“.
وهذا التطور هو أكبر تغير منذ سنوات على أرض المعركة في أعنف حرب يشهدها العالم الآن، ويوجد جبهة جديدة محتملة بين قوات روسيا وتركيا وحلفائهما السوريين.
وأصبح الرئيس التركي رجب طيب أردغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب إيران، حليفة الأسد، هم قوى الوساطة الأجنبية في سوريا بلا منازع.
وتوصلت روسيا وتركيا إلى هدنة هشة في شمال غرب سوريا، وهي المنطقة الأخرى الوحيدة في البلاد التي لا يسيطر عليها الأسد. وتوقع الجانبان أن بإمكانهما تجنب نشوب صراع في المنطقة في حين تتسع المنطقة التي يتواجهان فيها لتمتد بعرض البلاد.
وقال أردوغان ردا على سؤال عن احتمال المواجهة مع روسيا ”هناك الكثير من الشائعات في الوقت الراهن. لن تكون هناك مشكلات على ما يبدو في ظل النهج الإيجابي لروسيا في كوباني“. وكوباني الواقعة على الحدود التركية واحدة من أوائل المدن التي سيطر عليها الأكراد ووردت تقارير عن احتمال انتشار القوات الحكومية فيها.
ورفض المتحدث باسم الكرملين احتمال وقوع اشتباكات بين روسيا والقوات التركية قائلا ”لا نرغب حتى في التفكير في هذا السيناريو“.
* قلق
أثار الهجوم التركي انتقادات واسعة وقلقا من أن يسمح لمقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا بالفرار من السجون المحتجزين بها في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد ليعيدوا تجميع صفوفهم.
وتقول أنقرة إن هجومها يهدف إلى تحييد وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية بسبب صلاتها بمتمردين في جنوب شرق تركيا.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يوم الأحد أن من أسباب سحب القوات اعتزام قوات سوريا الديمقراطية إبرام اتفاق مع روسيا وسوريا للتصدي للهجوم التركي. وبعد بضع ساعات قالت الإدارة التي يقودها الأكراد في المنطقة إنها أبرمت اتفاقا يقضي بنشر قوات الجيش السوري على امتداد الحدود مع تركيا للتصدي للتوغل التركي.
وهدف أنقرة المعلن من العملية هو إقامة ”منطقة آمنة“ داخل سوريا لإعادة توطين الكثيرين من بين 3.6 مليون لاجئ فروا من الحرب السورية وتستضيفهم تركيا على أراضيها. وقال أردوغان يوم الأحد إن العملية ستمتد من كوباني في الغرب إلى الحسكة في الشرق وبعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى