مقالات

على_الريق

 

مقال \محمد شبيبة

وفاز أبو بدر :

مر بي شريط الذكريات، فطاف الكثير ممن أعرف أمام عينيَّ فرايتُ منهم من أصبح غنياً يرتع بين المال، ومنهم من حاز على وظيفة مرموقة يفاخر بها ، ومنهم من أصبح صاحب شهرة واسعة ،
ومر أمام عينيَّ مع هؤلاء أبو بدر الرازحي، الرجل الذي أعرفه وخالطته كثيراً ، وكان حارساً في إحدى المقرات ، عاش بسيطاً ومات فقيراً
لكنه ماتخلف عن صلاة جماعة
أبيض القلب عفيف اللسان
ما تكلم بسوء ولا أوجع أحداً
أمضى حياته يبحث عن لقمة صغاره بعرق جبينه
كأنه أمامي الآن وهو يحتضن المصحف ويُقلّب أوراقه ويتلو آياته
ثم تأملت تقلبات الزمان،
فرأيت رئيساً مقتولاً وأولاده في السجن، وآخر يعيش في المنفى وقد صودرت كل ممتلكاته وضاع سلطانه
فقلت في نفسي أنا وكل هؤلاء الذين اعرفهم من الزملاء وتذكرتهم الآن، نعيش في غرور ونمسك بالسراب ولم نحضى بشيء يستحق أن يُذكر
كل هذه الأموال والوظائف سراب في سراب، إما أن تغادرنا أو نغادرها
الرابح فينا والفائز من بيننا أبو بدر حارس العمارة، والرجل البسيط
فقد مضى رحمه الله وهو عبد لخالقه قلبه معلق بالمسجد لم يتلوث بشيء ولم يتخوض في باطل، نحسبه والله حسيبه
ياليتنا نفهم ميزان الربح والخسارة
ونعرف حقيقة الدنيا وزوال نعيمها
فنقدم لحياتنا الحقيقية ونعمر دارنا الباقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى