تقارير ومقابلات

أمين عام الرشاد الحميقاني في حوار مطول لمجلة البيان

 الحميقاني

الرشاد برس-البيان

 

 

 يتحدث في هذا الحوار الشامل لـ”البيان” عضو وفد الحكومة اليمنية المشارك في مشاورات جنيف مع الانقلابيين الحوثيين وحلفائهم تحت رعاية الأمم المتحدة، حول ما جرى في جنيف، والتفاعلات السياسية التي ترافقت مع تلك المشاورات، وما هي نتائجها.. وتقييمه لتعامل الأمم المتحدة مع الأطراف المتصارعة في اليمن، كما يتطرق الحوار إلى خطوات الحكومة اليمنية بعد فشل مشاورات جنيف، وواقع المقاومة الشعبية على الأرض، ومستقبل الأزمة اليمنية..

 

في تفاصيل الحوار التالي..

 

البيان: بداية.. كيف جاءت فكرة مشاورات جنيف، وكيف تعاملت الحكومة اليمنية مع هذه الدعوة؟

– لقاء جنيف جاء بناء على دعوة قدمها الأمين العام للأمم المتحدة إلى الرئيس ورئيس الحكومة، يدعوا فيها الحكومة والسلطة الشرعية للحضور إلى جنيف لعقد مشاورات لحل قضية اليمن تحت مرجعيات ثلاث وهي: مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة منها قرار مجلس الأمن 2216.. وهذا اللقاء أيضا هو تتميم للعملية السياسية أو تكملة للحوارات التي تجريها الأمم المتحدة في الشأن اليمني، وأيضا تكملة لمؤتمر الرياض الذي حث عليه قرار مجلس الأمن وكذلك حث على الجهود الأممية، حث على الانخراط في المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة.. فكان تعامل الحكومة معه تعامل ايجابي واستجابت للدعوة، والتزمت الحكومة اليمنية بجميع القواعد التي جاءت في دعوة الأمين العام للأمم المتحدة سواء من جهة العدد ومن جهة المواعيد ومن جهة الالتزام بالمرجعيات والالتزام بموضوع المشاورة في الدعوة، وكانت استجابة السلطة الشرعية اليمنية والقوى السياسية المؤيدة للسلطة الشرعية استجابة نموذجية نالت استحسان كثير من الدبلوماسيين في جنيف وفي الأمم المتحدة.

البيان: هل لك أن تحدثنا بشكل تفصيلي ما الذي حدث في جنيف منذ أن سافر الوفد الحكومي وحتى عودته إلى الرياض؟

– الذي حصل في جنيف، طبعا هي مشاورات منفصلة وليست عن قرب، في قاعة بمبنى الأمم المتحدة تم استقبال الوفد الرسمي اليمني وتسليمه البطائق وسلمت لهم قاعة في مبنى الأمم المتحدة لإجراء مشاورات فيها، ومنذ أن وصلنا أجرينا المشاورات مع المبعوث الأممي إسماعيل لد شيخ أحمد، ومع الخبراء المرافقين له في عدة جلسات، وجلسة مشاورات في مبنى الأمم المتحدة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكثير من أعضاء الأمانة العامة للأمم المتحدة، وكذلك أجرينا مشاورات مع سفراء الاتحاد الأوروبي، ومشاورات مع سفراء الدول الـ16، وإن لم يحضر كلهم لكن حضر سفراء الاتحاد الأوروبي والأمريكي والياباني والتركي.. أجرينا مشاورات جانبية مع عدد من السفراء مجلس التعاون الخليجي مع السفير السويسري ومع السفير الصيني، كذلك عقدت جولة من المشاورات بين الوفد الرسمي مع بعثة مجلس التعاون الخليجي برئاسة الدكتور عبداللطيف الزياني، إلى جانب ما قام به الوفد الرسمي في سويسرا ومبنى الأمم المتحدة من لقاءات بينية، وتعارفيه، ونقل قضية اليمن إلى كثير من الدبلوماسيين والمعنيين، إلى غير ذلك من النشاط الإعلامي الذي قام به الفريق، هذا يكاد يكون جملة ما قام به الوفد الرسمي منذ أن وصلنا إلى جنيف إلى أن رجعنا.

البيان: هل التقى الوفد الحكومي، أو أحد أعضائه، بوفد صنعاء الممثل للحوثيين وحزب صالح؟

– لم يلتقي الوفد الحكومي الرسمي بالوفد الحوثي مطلقاً، بل حتى في السكنى كان الوفد الرسمي في فندق آخر مستقل، بل وفد الانقلابيين من حين وصل إلى أن غادر لم يحدد ممثليه ولم يدخل قاعة المشاورات في الأمم المتحدة، ولم يلتزم بقواعد المحادثات التي تضمنتها دعوة الأمم المتحدة لا في العدد ولا في المرجعيات ولا في أي شيء، وبالتالي لم تصرف لهم حتى بطائق من الأمم المتحدة ولم يمكنوا من دخول مبنى الأمم المتحدة فضلاً عن قاعة المشاورات، لذلك لم يكن هناك لقاء مباشر وكانت المشاورات بين الوفد الرسمي والأمم المتحدة والدبلوماسيين الغربيين، أما فريق الانقلابيين فلم يلتقي بهم إلا المبعوث الأممي حتى الأمين العام للأمم المتحدة لم يلتقي بهم في مقر إقامتهم، وكنا في مقر اقامة منفصل عنهم، إلا أنه في أحد شوارع جنيف كان بعض أعضاء الفريق الرسمي في مطعم وعن طريق المصادفة وجدوا بعض أعضاء وفد الانقلابيين، لكنه ليس لقاءا رسميا ولم يبنى عليه أي شيء.

البيان: هل لك أن تصف لنا موقف الأمم المتحدة من تعامل الحوثيين مع هذه المشاورات، ونتائجها؟

– موقف الأمم المتحدة وموقف الدبلوماسيين وسفراء الدول ال16 أبدوا استياء من عدم انضباط الحوثيين وعدم التزامهم بقواعد المشاورات، بل بعض أعضاء فريق الانقلابيين أراد الدخول إلى مقر الأمم المتحدة ببطاقة بعض المنظمات، فمنع من الدخول.. وإنما تجولوا في حديقة الأمم المتحدة، كما أفصح لنا كثير من السفراء انزعاجهم من عدم انضباط الحوثيين بهذه القواعد حتى قال السفير الأمريكي في لقاءه مع الوفد الرسمي بالسفراء الـ16، قال إن الوفد الرسمي اليمني سجل واحد صفر بينما الفريق الآخر رفعت له بطاقة صفراء إن لم تكن حمراء.. دبلوماسية الأمم المتحدة والدبلوماسية الغربية منزعجة من فوضوية الحوثيين والانقلابيين وعدم انتظامهم وانضباطهم.

البيان: كيف قيمتم أنتم في الوفد الحكومي من خلال لقائكم بالأمين العام للأمم المتحدة، موقف منظمة الأمم المتحدة تجاه الأزمة اليمنية؟

– الأمانة العامة للأمم المتحدة التي رعت المشاورات هي بمثابة السكرتارية لشؤون الأمم المتحدة التي رعت المشاورات، ووظيفتها الحقيقة في هذه المشاورات هي التيسير لا التسيير، فالأمر يُعنى باليمنيين بالدرجة الأولى، وبالدول المتنفذة في الأمم المتحدة لا سيما دول مجلس الأمن الدول الدائمة العضوية ، هي ربما التي لها دور أساسي في إما تنفيذ القرار أو عرقلته أما الامانة العامة للأمم المتحدة فدورها لوجستي وتسيير.. ولذلك قد يكون دورها في النهاية محكوم بمواقف هذه الدول، وكذلك موقفها سواء من مشاورات اليمن أو غيرها، يكون محكوم بمواقف هذه الدول.. ولكن من خلال لقاءنا بالأمين العام للأمم المتحدة أفصح لنا وقرر لنا أن التزامه والتزام الأمم المتحدة بالمرجعيات الثلاث للمشاورات وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن الدولي منها القرار 2216، ومخرجات الحوار الوطني.. وأكد على قضية تطبيق القرار، لكنه أكد وكان مطلب واضح للأمم المتحدة على الهدنة الانسانية التي ألح الأمين العام وممثله وكذلك السفراء الغربيين عليها، وكان الوفد الرسمي مرحب بهذا الطرح للهدنة لكن كنا نطلب هدنة حقيقية مراقبة على الأرض، لا هدنة صورية يستثمرها الانقلابيون في التوسع وفي مزيد من الانتهاكات والجرائم الإنسانية، وأن تكون هدنة متزامنة مع الانسحاب وكف الانقلابيين عن عدوانهم، لان المقاومة في اليمن هي مقاومة اضطرارية تقاوم عدوان غاشم قادم عليها، فإذا كف العدوان وانسحب تلقائيا سيتحقق وقف اطلاق النار من المقاومة، وبينا ذلك للأمم المتحدة على لسان وزير الخارجية.. على العموم من خلال لقائنا بالأمين العام للأمم المتحدة نستطيع القول أنه كان لقاء ايجابيا ولقاء مثمراً وأبدأ سروره بالتزام وانتظام الوفد الرسمي بقواعد المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة.

البيان: ما هو رأيكم بالدور الذي يقوم به المندوب الأممي الجديد إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد؟

– الدور الذي يقوم به ممثل الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد، هو دور الأمم المتحدة ما أسلفناه سابقا، أي أنه نه دور الدعم اللوجستي للمشاورات، لا التسيير لها، وحقيقة القضية اليمنية هي مربوطة باليمينين، لا نرمي العبء على الأمم المتحدة ولا على الممثل للأمين العام إسماعيل ولد شيخ أحمد، إذا قرر اليمنيون أن يتشاروا ويخرجوا من أزمتهم ويخرجوا البلاد من الحالة التي وصلت إليه يستطيعون عمل ذلك، لا سيما الطرف الانقلابي الذي انقلب على الشرعية، متى ما قرر أنه يكف عن ممارساته ستنتهي الأمور.. أما الأمم المتحدة صحيح قد لا يكون دورها غير مرضي، وموقفها من الانقلابيين لا سيما تمردهم على القرار الأممي 2216 غير واضح.. لكن هذا يؤخذ في سياق أنهم يحاولون رعاية المشاورات من دون إبداء مواقف معينة حتى يسهلوا عملية التشاور، لكن في النهاية موقف ممثل الأمين العام موقف الأمين العام ولا يستطيع أن ينكف عنه لأنه يتلقى توجيهاته من الأمين العام للأمم المتحدة.

البيان: برأيك.. على ماذا يراهن الحوثيون في رفضهم للقرارات الدولية، واصرارهم على المواجهة العسكرية؟

– الحوثيون يراهنون في تمردهم على الشرعية الوطنية والدولية وعدم انصياعهم لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التي ألزموا بها ومنها قرار 2216، يراهنون على مواقف الدول المتنفذة في مجلس الأمن الدولي، نتيجة مفاوضات جانبية يقومون بها مع هذه الدول، ويقدمون أنفسهم كقوة يمنية يمكن أن تخدم مصالح هذه الدول، كما أنهم يجعلون من اليمن ومن قضيتهم ملف من الملفات التي تتحكم بها إيران وتضعها على طاولة المفاوضات مع هذه الدول في الملف النووي وفي غيره، الحوثين يراهنون أنهم رهنوا اليمن وقضايا اليمن على طاولة المساومات في قضايا دولية بين إيران وبين تلك الدول، وكذلك في سبيل تحقيق بعض المصالح الذاتية لهم يرهنون اليمن لتلك الدول.

البيان: ما هي خطوات الحكومة بعد فشل المفاوضات في جنيف؟

– خطوات السلطة الشرعية والقوى المؤيدة لها بعد جنيف، الاستمرار في المسار السياسي والاستمرار في دعم المقاومة الشعبية، بل وإعادة ترتيب الجيش الوطني والعمل على اغاثة الشعب اليمني، وكذلك تسيير وتوفير الخدمات في المحافظات التي تتمكن السلطة من الوصول إليها وحتى بعض المحافظات التي يتسلط عليها الانقلابيون، فالمسار السياسي ماض والمسار الميداني ماض وإن شاء الله ماضون إلى أن تستعاد الشرعية ويعود اليمنيون والأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن.

البيان: هل نتوقع أن تدخل اليمن في مفاوضات أخرى في جنيف، على غرار الأزمة السورية؟

– هناك جولة من المشاورات قد لا تكون في جنيف، وإنما قد تكون في الرياض أو غيرها من البلدان.. جولة المشاورات من قبل الأمم المتحدة لن تنتهي وهذا طبيعي في مثل هذه القضايا.. لكن حقيقة على اليمنيين أن لا يراهنوا على مثل هذه المشاورات وإن كنا نأمل أن تخرج بشيء وتتبلور بحل يخرج به اليمن من محنته.

البيان: كيف تقيمون واقع المقاومة الشعبية على الأرض.. ودور الحكومة في دعمها بالسلاح والمال؟

– المقاومة الشعبية كل يوم في اتساع، وكل يوم تحقق نجاح، وهناك بدأ بلورة دعم وتنسيق من قبل الحكومة وإعادة ترتيب لهذه المقاومة وتنسيق جهودها، وإن كانت المقاومة تشكو إلى حد الآن من ضعف الدعم لا سيما في السلاح النوعي، وعدم وجود غرفة عمليات مشتركة سواء على مستوى المحافظة الواحدة أو على مستوى اليمن لإدارة المقاومة من غرفة عمليات واحدة.. عدم قدرة المقاومة الشعبية لعدم تكتيها العسكري في المحافظة على الكثير من المناطق التي تحررها والتي سرعان ما يستعيدها الانقلابيون نتيجة أن المقاومة تزيلهم من تلك المناطق وليس عندها تنظيم عسكري يجعلها تقف في أماكنها، وضعف دعمها اللوجستي والتنظيمي يجعل مكتسبات المقاومة عرضة للانتكاسة، نأمل إن شاء الله أن هيئة الأركان في خطواتها القادمة التي بشرت بها القوى السياسية، أنها ستنقل المقاومة الميدانية نقلة نوعية، نأمل في الأيام القادمة أن تفرز مثل هذه النقلة ونراها،  ونرى المقاومة حققت النصر المؤزر على الأرض.

البيان: ما هي توقعات لمستقبل المشكلة في اليمن؟

– المستقبل بيد الله عزوجل، لكن نأمل بخير، وما دام الشعب رافض لهذا الانقلاب، ورافض لهذه المليشيات فالرهان بعد الله عزوجل هو على هذا الشعب، الرفض الشعبي والرافعة الشعبية التي هي اليوم في اتساع وبتعابيرها المتنوعة من الرفض بالسلاح إلى الرفض بالكلمة إلى الرفض بالانعزال إلى الرفض بعدم التعاطي مع هذه المليشيات الانقلابية المسلحة، هذا هو العامل الأساسي الذي بعد فضل الله وتأييده وتأييد التحالف العربي، هذا هو الذي نراهن عليه بأنه مهما طال الزمن لا يمكن أن يبقى لهذه المليشيات سلطة ولا يمكن أن يقر لها قرار وأن تتسلط على الشعب اليمني.

بيان صادر عن الوفد الرسمي للجمهورية اليمنية لمشاورات جنيف

انطلاقا من الروح الوطنية المسئولة ومن أجل ترسيخ السلام في بلادنا واستعادة مؤسسات الدولة فإن الوفد الرسمي للجمهورية اليمنية قدم إلى جنيف ملبيا لدعوة الأمم المتحدة في الوقت المحدد وبروح إيجابيه منفتحة والنظر بعين المسئولية لكل ما يمر به وطننا ملتزما بتفاصيل ما اتفق عليه في أن اللقاء التشاوري في جنيف بين طرفين هما السلطة اليمنية  وطرف الانقلابيين ، وأن أي مواقف معلنة تخالف ذلك لا تعد مقبولة ، وقد وجهت الدعوة  على أساس سبعة أعضاء وثلاثة من المستشاريين يمثلون السلطة الشرعية ومثلهم للطرف الآخر.

 وقد أكد الوفد الرسمي للجمهورية أنه يذهب إلى اللقاء التشاوري مستندا بوضوح على قرارات الشرعية الدولية وعلى المرجعيات المتفق عليها والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار ٢٢١٦ الذي شكل خارطة طريق واضحة للحل وإحلال السلام ، ووقف العدوان التي شنتها مليشيات الحوثي-صالح المتمردة ، والانسحاب من كافة المحافظات التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء، والبدء بجهود الاغاثة الانسانية العاجلة، وبما يعزز  من الاستقرار المنشود .

ويؤكد الوفد عن دعمه لكل الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة السيد بانكي مون ومبعوثه الخاص الى اليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد وبما يخدم هذا التوجه ، ويحقق تنفيذ القرار الدولي ٢٢١٦

……

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى