أيهما أفضل للاستثمار: الذهب أم الفضة؟
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصادشهدت أسعار الفضة صعودًا قويًا، حيث بلغ سعر أوقية الفضة 32.6 دولارًا في أحدث تعاملات اليوم ، مقارنة بـ 23 دولارًا كانت قد سُجّلت في مايو/أيار 2020، مسجلة بذلك واحدة من أعلى القفزات السعرية في السنوات الأخيرة.
ويأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بجملة من العوامل المتداخلة، أبرزها التوترات الجيوسياسية، وفرض الرسوم الجمركية الواسعة من قِبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طالت قرابة 90 دولة، إلى جانب اضطرابات الأسواق العالمية، ما زاد من جاذبية المعادن كملاذات آمنة.
الذهب يلامس 3344 دولارًا للأوقية
في السياق ذاته، واصل الذهب أداءه القوي، حيث قفز سعر الأوقية إلى 3344 دولارًا في أحدث التعاملات، صعودًا من 2151 دولارًا في مايو/أيار 2020، مستفيدًا من موجة طلب عالمية عززتها المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي واحتمالات الركود.
نسبة الذهب إلى الفضة:
تُعد نسبة الذهب إلى الفضة واحدة من أقدم مؤشرات الأسعار في التاريخ، إذ تعود أولى محاولات تحديدها إلى عام 3200 قبل الميلاد، حين حدد الملك “مينا” – أول ملوك مصر القديمة – النسبة عند 2.5:1.
ومنذ ذلك الحين، تذبذبت النسبة بحسب الندرة والتدفقات المعدنية. ففي روما القديمة، تراوحت النسبة بين 8:1 و12:1، بينما بلغت ذروتها الحديثة في عام 2020 عند 125.1:1، مع اندفاع المستثمرين نحو الذهب خلال جائحة كوفيد-19.
الفضة… معدن المستقبل :
رغم ماضيها المرتبط بالمجوهرات والعملات، فإن الفضة أصبحت اليوم معدنا صناعيا استراتيجيا بامتياز. فهي أفضل موصل كهربائي معروف، ومكون أساسي في الإلكترونيات الدقيقة، وأنظمة الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، والذكاء الصناعي.
ووفقًا لمنصة “مونيكس”، فإن الطلب على الفضة يشهد تحولًا هيكليًا طويل الأمد، سيستمر لسنوات وربما عقود، مع اعتماد التقنيات الخضراء والطاقة الشمسية، التي تُعد أبرز المستهلكين الصناعيين للفضة اليوم.
ويوضّح المسح العالمي للفضة أن 50% من الفضة المتاحة يُستخدم في قطاعات صناعية متقدمة، تشمل الهواتف الذكية، السيارات الكهربائية، الألواح الشمسية، وبطاريات الليثيوم الحديثة.
الطاقة الشمسية تعيد تشكيل سوق الفضة
تشهد الطاقة الشمسية نموًا متسارعًا يفوق التوقعات، مدفوعة بانخفاض تكاليف التركيب، ودعم حكومي متزايد، ووعي بيئي عالمي. ومع كل لوح شمسي يتم تركيبه، يرتفع الطلب على الفضة التي تُستخدم في الخلايا الكهروضوئية بكفاءة عالية.
ويتوقع خبراء أن تُشكّل هذه الطفرة ضغطًا مستدامًا على المعروض العالمي من الفضة، ما يعزز الاتجاهات الصعودية في أسعارها.
مقارنة استثمارية: الذهب أم الفضة؟
بحسب تقرير لمجموعة مورغان ستانلي، هناك أربعة عوامل رئيسية ينبغي مراعاتها عند المفاضلة بين الذهب والفضة:
1. الارتباط بالاقتصاد: الفضة أكثر تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية نظرًا لطبيعتها الصناعية، بخلاف الذهب الذي يرتبط بالاستثمار والاحتياطيات.
2. درجة التقلب: أسعار الفضة تتقلب بمعدل 2 إلى 3 مرات أكثر من الذهب، ما يعزز فرص الربح ويزيد المخاطر.
3. تنويع المحافظ: رغم أهمية الفضة في التنويع، يظل الذهب الأداة الأبرز لخفض المخاطر بفضل استقراره النسبي.
4. التكلفة: الفضة أقل تكلفة بكثير، ما يجعلها في متناول المستثمرين الأفراد الراغبين في امتلاك أصول مادية.
الفضة والذهب.. من يربح في المدى الطويل؟
عند مقارنة الأداء منذ عام 1925، يظهر الذهب كاستثمار أكثر تفوقًا:
الذهب: ارتفع من 20.63 دولارًا إلى 2062.60 دولارًا بنهاية 2023، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 4.81%.
الفضة: صعدت من 0.68 دولار إلى 24.30 دولارًا في نفس الفترة، بمعدل 3.71% سنويًا.
وباحتساب التضخم، فإن النمو الحقيقي يبقى محدودًا، خصوصًا في حالة الفضة، رغم أنها تبقى أكثر ديناميكية من حيث الاستخدام الصناعي.
البنوك المركزية تعزز احتياطي الذهب:
تشير تقارير غولدمان ساكس إلى أن الذهب مرشح لمواصلة التفوق، بدعم من مشتريات البنوك المركزية، خاصة بعد تجميد الاحتياطات الروسية عام 2022. كما أن ندرته (أقل بـ10 مرات من الفضة) وقيمته الأعلى (100 ضعف للوزن ذاته) واستقراره الكيميائي تجعله ملاذًا مثاليًا.
في المقابل، تواجه الفضة تحديات تتعلق بالسيولة والتقلب، رغم دورها الحيوي في مستقبل التكنولوجيا.
خلاصة: استثمار الفرص والتقلبات
مع دخولنا في عمق الثورة الصناعية الخامسة، يبدو أن الفضة ستبقى في قلب التقدم التكنولوجي. ومع ذلك، يبقى الذهب ملك الأصول الآمنة، وخيارًا طويل الأجل لمَن يبحث عن الاستقرار.
وبينما يقدّم كلا المعدنين فرصًا متنوعة للمستثمرين، فإن الفهم العميق لاستخداماتهما وخصائصهما هو المفتاح لاتخاذ القرار الاستثماري الرشيد.
المصدر: رويترز