مقالات

الإمامة في اليمن: خطر متجدد وفكرة عنصرية لا تموت

الرشادبرس_ مثالات

بقلم- الشيخ / محمد عيضة شبيبة  _ وزير الأوقاف والإرشاد

عندما سقطت الإمامة على يد ثوار 26 سبتمبر الخالدة، وقامت على أنقاضها الجمهورية، سارع فلول الإمامة إلى مبايعة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي، نزيل “ضحيان” في صعدة، إمامًا عليهم لإعادة الحكم في البطنين.

وقد سموه “إمام السِّر”، لأنهم في حينها كانوا في حالٍ من القلة والذلة لا تسمح لهم بإعلان البيعة وإظهارها، فبايعوه سرًا، والتزموا له بالسمع والطاعة حتى يقوى عودهم ويكثر عددهم، ثم يعلنون الخروج أو الانقلاب المسلح.

ويعرف بهذه البيعة كل من خالطهم أو اقترب من خواصهم. كما أن أمرها لم يخفَ على حكّام الجمهورية.

لقد تمت هذه البيعة قبل أن يظهر الشيخ مقبل الوادعي بعقود، وقبل المعاهد العلمية، وجماعة التبليغ، والإصلاح، وغيرها من المكونات السنية.

إن الإمامة في البطنين فكرة عنصرية قديمة، تتجدد مصائبها على اليمن بين حين وآخر. هذه النظرية يُرضعها السلاليون أطفالهم مع اللبن، فتجري في عروقهم، وتتغذى بها عقولهم، وتتشبع بها قلوبهم جيلًا بعد جيل. وكلما سقطت رايتها، بعثها أتباعها الجدد بالسيف والقتل والإرهاب.

ومن تقليل خطرها، أن نتصور أنها كانت نائمة، ولم يوقظها إلا ظهور الشيخ الفلاني أو تلك الجماعة، وهذا تسطيح مخلّ بالحقيقة. فالإمامة فكرة عنصرية مسمومة قائمة بذاتها، لها أتباعها ومناصروها، وليست نائمة حتى يُظن أن أحدًا ما هو السبب الرئيس في إيقاظها.

إن مثل هذا التبسيط في فهمها وأسباب عودتها يصرف الأنظار عن خطورتها، سواء شعرنا بذلك أم لم نشعر، قصدنا أم لم نقصد. ولهذا، فإن الحديث عنها لا بد أن يكون بوعيٍ تام، وإحاطة شاملة، ومحاذير دقيقة، وبوتيرة حساسة، حتى يكون شعبنا على بينة، ونؤدي أمانة الكلمة بحق.

كما أنه، ونحن نسير في طريق واحد يرفض الإمامة ويحاربها، علينا أن نرفق بمن معنا إذا زلّ قلمه أو خانته العبارة، أو غاب عنه جزء من الحقيقة؛ فالكمال عزيز، والنقص وارد على كل البشر، ولا معصوم من الخطأ إلا الأنبياء.

وزير الأوقاف والإرشاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى