الاحتفال بالغدير بدعة في الدين وتفريق للمسلمين
مما لاشك فيه ولا ريب أن الإسلام ليس عنصرياً، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس سلالياً ولا محابياً أو مجاملاً لقرابته، كما انه جاء لترسيخ مبادئ المساواة والشورى والحرية، والقول بوجود نص بإمامة علي بن ابي طالب – رضي الله عنه- أو احد غيره، بل إن القول بالنص والوصية، يهدم الإسلام من أساسه وقواعده، بل ويصطدم هذا القول بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة وجمهور الامة وتاريخ المسلمين، والأكثر غرابة ان الإمام علي بن أبي طالب لم يقل بوجود نص عليه ولا وصية له، وكذلك أنصاره والمقربون منه لم يقل احد منهم بهذا، وفرق كبير بين أن يعتقد الإمام علي والذين كانوا معه انه أولى بخلافة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبين أن يعتقد أن الخلافة حقه الإلهي ولكنها اغتصبت منه «1» فلنستمع إلى الإمام علي وهو يحدثنا عن هذا بكل وضوح وصراحة، ويؤكد عدم وجود نص سماوي في أمر الخلافة حيث يقول انه بايعني القوم الذين بايعوا ابا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب ان يرد، اذن فلا نص ولا وصية، واما حديث الغدير «من كنت مولاه فعلي مولاة» فإنها موالاة دينية تعني المحبة والمودة، والقائلون بأن الموالاة سياسية وان الحديث يحمل دلالة على أحقية الإمام بالخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يقعون في خطأ عقائدي وانحراف منهجي بالإضافة إلى إنهم بهذا القول يتهمون الصحابة في دينهم وأمانتهم، وإنهم ينقلبون على وصية الرسول واغتصبوا الحكم وانتزعوا السلطة من أصحابها، وهذا تصور تآمري للإسلام نابع من تصور فارسي وحقد مجوسي استطاع ان ينقل قصة الحديث من مفهومها الواضح ومعناها الساطع إلى دهاليز من الغموض والمؤامرة والصراع على السلطة، ثم إنهم عمدوا إلى تخليد هذا اليوم بصورة احتفالية فكان أن قام الصفويون واتخذوا من ألثمان عشر من ذي الحجة يوم عيد بمناسبة تعيين علي والنص عليه بالولاية، وبهذه البدعة استطاعوا تجديد الخلاف بين المسلمين كل عام واستمرار التحريض ضد الصحابة الكرام، واحداث فجوة كبيرة بين السنة والشيعة يستحيل معها اي التقاء أو تقارب.
ومن إيران الصفوية انتقل يوم الغدير إلى اليمن وكان اول من احتفل بالغدير هو الامام المتوكل اسماعيل بن القاسم وذلك سنة 1083هـ بإشارة ونصيحة من الأمير الرافضي احمد بن الحسن بن القاسم وتأتي هذه الخطوة في إطار الغزو الرافضي الاثني عشري للفكر الزيدي الهادوي، فالزيدية الحقة لا تعرف الاحتفال بيوم الغدير وانما تعتبره بدعة، والامام زيد -رضي الله عنه- لم يقل بالنص ولا الوصية، ولم يقل بحق- الامام علي- بالخلافة بعد رسول الله، وانما قال الإمام زيد بأفضيلة الإمام علي وعلى هذا فإن الاحتفال بيوم الغدير بدعة رافضية ومن شعائر وإعمال الاثني عشرية، وكما أنها مخالفة للواقع والتاريخ فكيف يتم الاحتفال بولاية لم تقع وخلافة لم تتحقق فالذي تولى الأمر بعد رسول الله هو أبو بكر الصديق ومن بعده عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان وبعده علي بن أبي طالب، أن الأمر يتطلب شيئاً من الرؤية الموضوعية والنظرة الواقعية من الزبدية المعتدلة، هل يعقل أن يترك الإمام علي حقه الشرعي في الخلافة والولاية ويسكت طوال خلافة أبي بكر ثم يتولاها عمر عشر سنوات وابو الحسن ساكت ثم يدخل ضمن الستة في الشورى والاختيار وهو ساكت وصامت و….؟! ثم يسمي أبناءه ابا بكر وعمر، ويصاهر عمر ويزوجه بابنته أم كلثوم، وبعد كل هذا يأتي من يقول: إن أبا بكر وعمر اغتصبا حقه في الخلافة، وهذا اخطر ما في الموضوع، فالذين يحتفلون بيوم الغدير لا يقتصر الأمر عندهم على الغلو في الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، وإنما يتجاوز ذلك إلى الطعن بالشيخين أبي بكر وعمر وبالتالي الطعن بعموم الصحابة الذين سكتوا ولم ينكروا عليها، وينتقل الأمر إلى الأمة كلها وخلال التاريخ الإسلامي فإنها متواطئة مع الذين اغتصبوا الحق المزعوم.
ان احتفال الشيعة بيوم الغدير إساءة لأهل السنة الذين يشكلون «95%» من هذه الأمة الإسلامية، فلماذا يصر هؤلاء على إحداث الفتنة بين المسلمين مرة باسم «الغدير» وأخرى باسم «عاشوراء» و«كربلاء» ومرة بمناسبة «اغتيال واستشهاد الإمام علي» وأخرى «بمولد الإمام زيد»؟!.
وهكذا نعيش طوال العام بهذه الذكريات بين الولادات والوفيات والحزن والعزاء، وإشاعة ثقافة المؤامرة والصراع، والقتل والاغتيال، وتشويه صورة الإسلام والإساءة للمسلمين .