الحرية والانحلال.. أو العبودية
ظل الغرب على مدى العقود الماضية ركنا تستند إليه الديكتاتوريات العربية حيث فرض شكلا من أشكال الديمقراطية الصورية التي مكنت أدواته من الحكم في الأقطار العربية.
وحين تقدم وعي الشعوب وبدأت تطلب أقل حقوقها “العيش، الحرية، العدالة اجتماعية” لم يكن الغرب وهو مدعي مساندة الحرية سوى وهم كبير لم يقدم لها شيئا.
لكن إصرار الشعوب على التخلص من ربق الديكتاتوريات ومحاولة خلق وضع جديد جعل الغرب يدركون أنه لا محالة من وصول الشعوب العربية إلى مرادها، فواجهوها بكل شيء بصلف الحكام أولا، ثم بكل مكيدة وحيلة.
وجد الغرب أن الشعوب العربية تتجه نحو أمرين الإسلام والحرية..
ولم يستطع الغرب المواجهة المباشرة مع الشعوب العربية فلعب لعبته الماكرة..
قدم لها الإسلام على شكل جماعات متطرفة ترتكب أفضع الجرائم وتقدم الاسلام بوصفه دين الحرب والموت الأحمر فحسب.. ما يجعل الإنسان يفكر ألف مرة قبل أن يقدم الاسلام كحل حتى لا يُلصق بتلك الجماعات ويقال عنه رجعي متخلف قاتل.
ثم قدم الحرية على شكل انحلال أخلاقي وقيمي وانسلاخ من كل المعاني الإسلامية والعربية،
حيث تصدر للحديث عن الحرية والمطالبة بها في كثير من الأحيان مهزومون نفسياً لا يرون حلا سوى في التبعية المطلقة للغرب والانسلاخ الكامل من كل القيم والمبادئ.. حيث يؤمن هؤلاء بحرية اللباس سوى الحجاب، وحق اختيار التوجه سوى التدين، وحرية التعبير عدا الفتوى، يستشهدون بكل عبارات الحرية عدا عبارة ابن الخطاب “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”
وكثيرا ما هاجموا الدين والتدين اعتمادا على تصرفات الجماعات المتطرفة التي قدمها الغرب أساساً لذات الغرض.
بالتالي وجدت الشعوب العربية نفسها بين ثلاثة خيارات إما إسلام الذبح “الذي شاهدته الشعوب في ممارسات المتطرفين”، وإما حرية الانحلال التي تدعو لها الليبرالية، وإما العبودية.
بينما تستطيع الشعوب العربية أن تختار الإسلام الحق الوسطي “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” وتعيش معه الحرية بعيدا عن الانحلال القيمي والأخلاقي.
ويجدر اليوم بكل دعاة الإسلام أن يتحدثوا هم أيضا عن الحرية بمفهومها الصحيح الذي يتوافق مع الآدمية ومصالح البشر.. لا أن يحملهم توجهات دعاتها المدفوعين غربيا على مقاطعة الحرية أو مهاجمتها فيبدون كمدافعين عن الديكتاتوريات والعبودية.
أبوبكر الدوسي