مقالات

رمضان مناسبة لرفض الضيم

محمد الأحمدي

يحلّ رمضان آخر ولا تزال عائلات كثيرة في بلاد المسلمين تنتظر بشوق وحسرة أقارب لها على مائدة الإفطار، إما أنهم اعتقلوا وزُجّ بهم في السجون، أو فرقت بينهم الحروب والنزاعات فغادروا هربا من البطش، وقد يصل الأمر حد التغييب القسري عن الحياة برمّتها.
في اليمن، كان لنا حظ وافر من مآسي التشرد والغياب وفراق الأحبة، بفعل الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الإيرانية الإجرامية على الشعب اليمني، واضطرت الملايين إلى النزوح داخليا واللجوء خارجيا، واقتادت الآلاف إلى السجون ظلما وبغيا وإفسادا في الأرض، ناهيك عن آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى بفعل انقلاب الحوثيين وحربهم العدوانية على اليمن.
إن عبادة الصوم تتمتع بخصوصية روحية لافتة، فهي تهذب النفس وتبعث فيها قيم الرحمة والتضامن في مواجهة حالة التوحش والبغي التي تسود في ظل غياب الوازع الروحي، والأخلاقي، خصوصا لدى الجماعات ذات النزعة العنصرية والإجرامية كمليشيا الحوثي وأقرانها من المليشيات الطائفية في العديد من البلاد العربية.
ولذلك، لا تجد هذه المليشيا (الحوثية) غضاضة في انتهاك حرمة الشهر الفضيل وهي تختطف شاباً عاد لتوّه من الغربة، تنتزعه من بين أطفاله وأسرته، وتقتاده إلى سجونها ثم تعيده جثة هامدة جراء التعذيب، ولا تجد غضاضة في إرسال صواريخها وقذائفها لحصد أرواح المواطنين والنازحين دون رحمة، ولا تجد أدنى حرج في ارتكاب أبشع الجرائم، والسبب أنها جماعات مردت على الجريمة والظلم، فصارت قلوب عناصرها كالحجارة أو أشدّ قسوة، ولا يهمها إن كان هذا الوقت رمضان أو أشهر الحرم، أو سائر أيام الله.
بالمقابل، شهد المسلمون في رمضان غزوات وفتوحات مباركة كانت في حقيقة الأمر إحدى تجليات الروح المتسامية الرافضة للظلم والبغي والعدوان، ومن أجل العدل والحرية والكرامة الإنسانية، بدءا من غزوة بدر الكبرى، وهلمّ جرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى