مقالات

الرشاد .. صناعة الوعي وبناء القيادة

بقلم / مازن الحكمي
تبقى الأحزاب السياسية الرشيدة إحدى الركائز الأساسية لبناء الأوطان وترميم ما تهدّم من الثقة بين الدولة والمجتمع. فحين ترتقي الأحزاب بأدائها من منابر الشعارات إلى ميادين الفعل، تصبح أداة للتغيير الحقيقي ومنصة لصناعة القيادات وبناء الوعي، لا مجرد واجهات للتنافس السياسي.
وفي المشهد اليمني المزدحم بالاستقطابات والانقسامات، يبرز حزب الرشاد اليمني كنموذج مختلف، يقدّم خطابًا سياسيًا متزنًا، ومشروعًا وطنيًا يستند إلى مرجعية شرعية معتدلة، تُجنّبه مزالق الغلو والانفعال، وتمنحه قدرة فريدة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة.
منذ تأسيسه عام 2012، عبّر حزب الرشاد عن توجه واضح يقوم على قيم الشورى والعدل والحكم الرشيد، مؤمنًا بأن إصلاح اليمن يبدأ من إصلاح الفكر، وتهذيب الممارسة السياسية، وتمكين الإنسان. وقد جسّد هذه الرؤية في مشاركته الفاعلة خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حيث قدّم أوراقًا نوعية تعكس نضجًا سياسيًا، وفهمًا عميقًا لجذور الأزمة اليمنية، وحلولًا واقعية متزنة.
يمتاز الحزب بخطابه العقلاني، الذي يتجنب المزايدات ويبتعد عن خطاب الكراهية والتأزيم، وهو ما جعله محل احترام واسع من مختلف التيارات الوطنية. لقد نجح الرشاد في أن يكون مظلة جامعة لشرائح مجتمعية متعددة، طامحة إلى التغيير، لكن دون تفريط أو تصعيد. هذا الاتزان مكّنه من أداء دور الوسيط حين احتدم الصراع، ودور الباني حين تعثر المسار.
ولعل من أبرز ما يُحسب لحزب الرشاد، تركيزه على صناعة القيادات الشابة، من خلال برامج تربوية وتدريبية متخصصة تهدف إلى بناء شخصيات قيادية متزنة، تحمل الوعي الشرعي والبصيرة السياسية. فالحزب لا يكتفي بالتأطير النظري، بل يسعى إلى التمكين العملي، وتنمية المهارات، وتقديم الفرص الحقيقية للمشاركة في العمل السياسي، واتخاذ القرار. وهو بذلك يصنع قيادات لا تكتفي بالشعارات، بل تتقدم للمسؤولية بحكمة وانضباط.
كما يتبنى الحزب “الرشاد” كقيمة محورية، تتجلى في خطابه وممارساته، في اختيار مواقفه، وفي بناء تحالفاته. إنه لا يبحث عن حضور آني بقدر ما يطمح إلى تأثير عميق ومستدام، يقوم على البدائل السياسية النزيهة، وعلى تعزيز قيم الدولة والمؤسسات، لا تقويضها أو استغلالها.
ورغم التحديات الجسيمة التي تمر بها البلاد، ظل الحزب ثابتًا على مبادئه، وفيًا لقيمه، رافضًا لأي ارتهان خارجي، ومنفتحًا في الوقت ذاته على جميع القوى الوطنية الصادقة. فهو يرى في العمل المشترك والتفاهم السياسي السبيل الوحيد لإنقاذ اليمن واستعادة الدولة.
واليوم، ومع تعقّد المشهد السياسي، وتداخل المؤثرات الإقليمية والدولية، تزداد الحاجة إلى كيانات حزبية وطنية، تملك الرؤية والجرأة والأخلاق السياسية، كي تعيد الثقة بالعمل الحزبي، وتدفع نحو مشروع وطني جامع. وفي هذا الإطار، يبرز حزب الرشاد كواحد من أبرز المكونات المؤهلة للقيام بهذا الدور الحيوي، بما يملكه من تجربة ومصداقية وخط وطني واضح.
في نهاية المطاف، إن الأحزاب لا تُقاس بحجمها العددي، بل بوزنها النوعي، وبمدى تأثيرها في صناعة الوعي وبناء المستقبل. وحزب الرشاد، بما أثبته من جدية واعتدال ورؤية، يُعد من القلائل الذين يستحقون الرهان عليهم في مرحلة مفصلية من تاريخ اليمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى