تقارير ومقابلات

الزهيري: صنعاء سلمت للحوثيين.. وهادي سقطت شرعيته

 

 710521102014094724

حاوره: أحمد الصباحي

يعد الدكتور محمد الزهيري من أبرز اليمنيين المتخصصين والخبراء في الحركات الشيعية، والحركة الحوثية في اليمن بشكل خاص.. وللرجل خبرة واسعة ومعايشة حقيقة للحركات الشيعية في العراق نظراً لإقامته فيها لأكثر من خمس سنوات أثناء تحضير رسالة الدكتوراه، ليعود بعدها أستاذاً ورئيساً لقسم اللغة العربية في جامعة إب، ولديه العديد من البحوث والكتابات الخاصة بالحركة الحوثية، وساهم في تأسيس عدد من المؤسسات والجمعيات الخيرية في اليمن.. يتحدث الدكتور الزهيري في هذا الحوار الخاص بـ”البيان” عن آخر التطورات الحاصلة في اليمن منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، ويتطرق الحوار إلى الأطماع الحوثية والأجندة الإيرانية التي يتبعها، وقراءته للموقف الرسمي والخليجي بعد سقوط صنعاء، ومستقبل اليمن بعد كل التطورات التي حدثت مؤخراً..

 

* دكتور محمد، كيف تقرؤون الأوضاع التي تمر بها اليمن في هذا الوقت الحرج؟

– تقييمي للأوضاع اليمنية قد اجبت عليه بسؤالك بانه وضع حرج وحرج جدا.. عصابة مسلحة تحتل العاصمة وتنهب المعسكرات والمؤسسات والبيوت، وحراك انفصالي جنوبي، وعمليات مروعة تنفذها القاعدة ضد ابناء الجيش والامن، وسيادة منتهكة بل مباحة من قبل المخابرات العالمية تتجلى ابرز مظاهرها في قصف وتحليق الطائرات بدون طيار في كل ارجاء اليمن، والاخطر من ذلك هو غياب الدولة التام عن القيام بواجبها مما سينذر بكارثة مروعة.

* ما الذي أوصل اليمن إلى هذه المرحلة التي أصبحت الحرب الأهلية قاب قوسين أو أدنى؟
٢– الذي اوصل اليمن الى هذا الوضع السيئ عوامل كثيرة، هي التي اوصلت العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبا والصومال، منها غياب الاسلام الذي لا صلاح لهذه الامة بغيره عن تسيير الامور العامة والخاصة، بل غياب او ضعف الوازع والقيم الذي يحكم نوازع الافراد والجماعات وغياب او تغييب دور العلماء، فحركت الناس الشهوات والمصالح والاهواء. والله تعالى يقول ((واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم لاتبعتم الشيطان الا قليلا))، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (حتى اذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا)، وقد ذكر ابن خلدون في المقدمة الباب(23) إن العرب لن يكون لهم ملك قوي إلا بأثر من نبوة او ولاية عظم، والتاريخ القديم والحديث يؤكد ذلك.

* برأيك، من المسؤول المباشر عن كل هذه المخاطر التي تهدد أمن واستقرار اليمن؟

– السبب الاساسي ذكرته وهو البعد عن الاسلام وقيمه واحكامه وشرائعه واستبداله بأنظمة مستوردة كالاشتراكية  والعلمانية والديموقراطية.. وليس بالضرورة ان ما يصلح لبيئة او مجتمع او حضارة يصلح لغيرها، واوضح متل ان حزبية البرامج في الغرب تحولت الى حزبية طوائف في العالم الاسلامي، وانظر الى لبنان اول بلد عربي طبق الديمقراطية، والعراق نموذج الشرق الاوسط الجديد واليمن على الاثر، فنحن مسلمون ولن يصلحنا الا الاسلام.. يقول الشاعر محمد سعيد جرادة :

 شرعة الامة من بيئتها               ان للحكم من الشعب السند

 والدساتير التي تكتبها                صورة من رأيها والمعتقد 

واسألوا التاريخ في اطواره          اي دستور دخيل قد خلد

* كيف تقرأ ما تقوم به جماعة الحوثي من فتح جبهات في الجوف ومناطق أخرى، وتسليح المليشيات داخل العاصمة صنعاء؟

–  فتح الجبهات الكثيرة من قبل الحوثي ليس غريباً على مذهب يقوم على الحق الالهي والاصطفاء العنصري، وعلى القوة والغلبة في الوصول الى الحكم، ومن يقرأ تأريخ اليمن يجد انه عاش في معركة متواصلة منذ  قدوم الهادي ٢٨٤ الى اليوم بسبب هذا المذهب الذي يقول من توفرت فيه الشروط  وعنده ( ٣١٤ ) مقاتلاً تعين عليه الخروج وهذا لن يتم الا بقمع كل معارض.

* بشكل واضح ومختصر، ماذا يريد الحوثيون؟

– الحوثي ( حزب الله اليمني)  يريد تطبيق نموذج حزب الله في اليمن، بحيث يكون له ارض وضاحية “كوتنة” طائفية شمال اليمن مقابل جنوب لبنان وضاحية شمال صنعاء مقابل الضاحية الجنوبية لبيروت وحكومة يهيمن عليها ورئيس صوري أشبه بسليمان وكل ذلك تحت هيمنة السلاح.

* ما هو رأيك بالموقف الرسمي للدولة إزاء ما تمارسه جماعة الحوثي؟

– الموقف الرسمي بما فيه موقف الرئيس هادي موقف سلبي مخز، وأعتبر أن ما حدث خيانة، حيث تخلت فيه الدولة عن واجبها الشرعي الدستوري والقانوني  المتمثل في حماية البلاد وامنها واستقرارها وحفظ حقوق مواطنيها ودمائهم واعراضهم واموالهم، وبهذا فقد الرئيس وحكومته شرعيتهم، ومن اقبح واغرب ما سمعت هو القول بحيادية الدولة والجيش وهذا يعني الفوضى وشريعة الغاب.

* هل يدل ذلك على أن جماعة الحوثي أصبحت قوة ضاربة، حتى تعجز الدولة وكافة القوى أن تقف في مواجهتها، أم أن ما وراء الكواليس شيء آخر يجهله المواطن اليمني؟

– لا.. الحوثي ليس قوياً بهذه الدرجة، انما هو ضعيف ويثبت ذلك  معركة دماج التي استمرت ١٠٠ يوم بعد حصارها من الحوثيين سنة وسبعة اشهر وهي قرية مساحتها كيلو متر واحد، وهزيمه الحوثي في معركتي الجوف وحجة والرضمة ومعركة كتاف الاولى، وحتى صنعاء متى جرت فيها معارك وكان الامر اشبه بدراما ومسرحية، حيث سُلمت صنعاء للحوثيين بدون أي مواجهة من قبل الجيش.

* كيف تقيم الدور الإيراني في اليمن، ودعمها للحوثي؟

– ليس لدي دليل على الدور الإيراني في اليمن، غير تصريحات مسئولين وكتابات غير مقنعة، لكن  الامكانيات التي مع الحوثيين كبيرة جداً  تعادل امكانيات دولة، و ما انا متأكد منه هو دعم الحوزات للحوثي كما ذكر لي احدهم.

– ما هو رأيك بالدور الذي تقوم به الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وجمال بنعمر، تجاه الأزمات المفتعلة التي جهات معلومة عند الجميع، خصوصاً جماعة الحوثي؟

– دور الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والمبعوث الأممي في اليمن جمال بنعمر، هو دور “العراب” للحوثي الذي أوصله إلى صنعاء ومكنه منها.  ولا يغيب عنك اللين مع المليشيات الشيعية كحزب الله في لبنان وله تجربة في اقتحام بيروت وغزو سوريا، والمليشيات الشيعية في العراق والتي تبلغ العشرات وعاثت فساداً في العراق وسوريا، والحوثي مثلهم فلم يتخذ ضدهم اي اجراء حتى وان صُنفت جماعة ارهابية.

  وفي المقابل تجد القسوة مع اي مكون سني فهو ارهابي بالهوية وان وجد اليوم، وانظر كيف يقصف ويقتل ميدانيا لمجرد الاشتباه بانتمائه للقاعدة حتى لو لم يحمل السلاح اصلاً.

* كيف تقرأ مستقبل اليمن في ظل سيطرة الحوثي على بعض المحافظات الشمالية منها صنعاء العاصمة؟

– مستقبل اليمن مبشر، لأن مع العسر يسراً، والفتن أعظم الأسباب لظهور الحق والله عز وجل يقول ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)) فالان تتميز الصفوف وينفى الخبث وتعرف مواطن الخطأ والضعف، فالنصر أقرب ما يكون حينما تنعدم الاسباب. وظهور الباطل يفضحه ويكشف عواره، وما ارتكبه الحوثي من قتل جعل عنده دم لكل قرية وقبيلة باليمن، وحصاره وتدميره للمراكز الشرعية ودور القرآن الكريم كشفت حقيقة المسيرة القرآنية المزعومة، واستفزت كل مسلم سني او شيعي، وتفجير منازل الخصوم استفزت كل يمني بانه سيلقى المصير نفسه.

– ما هي رسالتك لدول الإقليم، خصوصاً وصنعاء تحت السيطرة الحوثية، والوضع المنهك الذي تمر به البلاد؟

– رسالتي للدول الإقليمية والخليجية على وجه الخصوص: أن يتقوا الله ويشكروا نعم الله عليهم، ولا يقطعوا ايديهم وارجلهم ويضيعوا اليمن.. كم ضاعت العراق فاليمن، هي البوابة الجنوبية والعمق الاستراتيجي  للخليج الذي سيحقق لها التوازن السكاني والاثني والديني مع ايران الذي لا تخفي مخططاتها مطامعها في الخليج ولا حقدها عليه وعلى عقيدتها السنية التوحيدية السلفية وثرواتها الكبيرة، وما تصدر اليوم من تصريحات حوثية بالتوجه للسعودية وما نشروه من خريطة لا تعترف بالحدود الحالية، وادخلت جزاء كبيرا من السعودية باليمن.. وإن بدرت بوادر عدوانية من فصائل سنية فهي محصورة لا تمثل الاتجاه العام والغالبية العظمى الذين يرون في الخليج والسعودية الامتداد والعمق ويكنون لحكامها التقدير والاحترام.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى