المعسكرات الصيفية في مناطق الحوثيين: مخاوف مجتمعية ومأساة متجددة
الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
مع اقتراب نهاية العام الدراسي 1446 هـ.، بدأت ميليشيا الحوثي الاستعداد لإطلاق موسم جديد من معسكراتها الصيفية، والتي تهدف من خلالها إلى استقطاب طلاب المدارس، وتجنيدهم فكريًا وعسكريًا ضمن خطط ممنهجة تستغل الأوضاع التعليمية والمعيشية في مناطق سيطرتها.
ووفقًا لمصادر تربوية، تسعى الجماعة هذا العام إلى تكثيف حملات الاستقطاب، حيث غيّرت التقويم الدراسي لتُجري الامتحانات وفق الشهور الهجرية، بما يتيح لها بدء المخيمات الصيفية مبكرًا. وقد شكّلت ما تسمى “اللجنة الإشرافية العليا للمراكز الصيفية” لجانًا ميدانية وفرق تعبئة، وكلفتها بإجراء مسوحات تشمل أماكن التجمعات الطلابية، إضافة إلى رصد أعداد الطلاب والترويج للمراكز في المدارس والمساجد.
مخاوف مجتمعية
أثار هذا التحرك قلقًا متزايدًا في أوساط أولياء الأمور، الذين عبّروا عن مخاوفهم من استخدام هذه المراكز كأدوات لغسل أدمغة أبنائهم بالأفكار الطائفية، تمهيدًا للزجّ بهم في جبهات القتال. ويقول أحد المواطنين من صنعاء (م.ع.و) إن المليشيا تستغل هذه المعسكرات لتقديم تدريبات قتالية للطلاب، تحت غطاء الأنشطة الصيفية، مما يشكّل تهديدًا مباشرًا على مستقبلهم وحياتهم.
ودعا مواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين إلى حماية الأطفال من هذه الحملات، مؤكدين أن الجماعة تحاول تحويلهم إلى وقود لحرب تخدم أجندتها الطائفية، مستخدمة وسائل الترغيب المادي كالسلال الغذائية والمساعدات النقدية، بالإضافة إلى منح درجات “امتياز” في امتحانات نهاية العام الدراسي كنوع من التحفيز على المشاركة.
تصعيد خطير
المصادر التربوية كشفت أن الجماعة تخطط هذا العام لتوسيع نطاق المراكز الصيفية، وزيادة أعداد المشاركين فيها، حيث سيتم تدريسهم مناهج ذات طابع طائفي، تتصدرها “ملازم حسين الحوثي”، إلى جانب خطب زعيم الجماعة الحالي، قبل إخضاعهم لدورات قتالية مغلقة.
ويأتي ذلك في إطار حملة تعبئة واسعة تُجريها المليشيا تحت اسم “طوفان الأقصى”، تزعم من خلالها دعم القضية الفلسطينية، لكنها تستخدمها كذريعة لتجنيد المزيد من الأطفال والمراهقين، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يدفع بعض الأسر إلى قبول إرسال أبنائهم مقابل مساعدات بسيطة.
تحذيرات حقوقية وأممية
منظمات حقوقية محلية ودولية عبّرت عن قلقها البالغ من تصاعد عمليات التجنيد القسري للأطفال، محذّرة من آثار كارثية طويلة الأمد على النسيج المجتمعي في اليمن. وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن تجنيد الأطفال دون سن 15 عامًا يُعد جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني، داعية إلى تحقيق دولي لمحاسبة المتورطين.
كما أدرجت الأمم المتحدة جماعة الحوثي في “قائمة العار”، بسبب الانتهاكات المتكررة بحق الأطفال، واستخدامهم في النزاعات المسلحة.
ضغوط وتهديدات
رغم المحاولات المتواضعة من بعض الأسر لحماية أبنائها، سواء بإرسالهم إلى مناطق خارج سيطرة الحوثيين أو منعهم من المشاركة في الأنشطة الصيفية، إلا أن هذه الجهود تصطدم بواقع أمني معقّد، تُمارَس فيه ضغوط وتهديدات متواصلة من قبل الجماعة، إضافة إلى حملات رقابة واستدعاءات قسرية.
ويؤكد نشطاء حقوقيون أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تحركًا دوليًا جادًا لا يقتصر على الإدانة، بل يشمل تقديم الدعم المباشر للأسر المتضررة، والضغط على الحوثيين لوقف تجنيد الأطفال واستغلالهم في الحروب.
مأساة متجددة
ومع حلول كل صيف، تتجدد مأساة تجنيد الأطفال، وتُكتب فصول جديدة من المعاناة بدماء الصغار الذين لم يكملوا تعليمهم، ولم يعرفوا من الحياة سوى مشاهد البنادق والخنادق.
وبحسب تقارير حقوقية، فقد جنّدت المليشيا منذ اندلاع الحرب أكثر من 18,000 طفل، بينهم أكثر من 2,400 تم استقطابهم خلال العام الماضي فقط، معظمهم عبر المعسكرات الصيفية. وكشفت تلك التقارير عن أن بعض الأطفال المجندين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة، في حين يتم التجنيد أحيانًا دون علم الأسر، أو عبر إغراءات مالية موجهة لعائلات تقبع تحت خط الفقر.