مقالات

اليمن والحوثي مخالب ومطالب

كمال الحارثي كاتب وشاعر يمني
كمال الحارثي
كاتب وشاعر يمني

لم يعد الحوثي يمتلك أي سبب يقنع به أذياله كمبرر لوحشيته. فضلا عن الراي العام. مع انه ليس بحاجة لذلك. طالما هم آلته البلهاء. وطالما أن الدولة لا ترى ما يقوم به شيئا يستحق ان تضطلع بدورها.

الحياة أصبحت احتفالا بالقتل. والقانون يقاد إلى المتحف كغيره من الموروثات التي لا يابه بها زماننا. دعوا الحوثي يغرس مخالبه طالما ان نزعها سيؤلم أيضا..! هكذا يقول السياسيون وهم يتربعون مقاعد الدرجة الأولى لمشاهدة العرض. ليأتي الأدباء فيضيفوا إلى المأساة انتقاداتهم التي تتجاهل المأساة وتتركز في تناول عناصره الفنية وحسب. أما بقية مكونات المجتمع فهم أكثر احتفالا بالحدث. إذ لا شيء يضاهيه في إثراء الجدل الذي يملأ مجالسهم وأحسنهم حالا أولئك الذين أغلقوا دائرتهم عند مجرد اللوم واتهام الاخرين بالتقصير متكئين على مخزون هائل من الدموع والضجيج كسلاح لا يملكون غيره في مواجهة اي خطر يتهدد البلد والقداسة الفكرية.

ربما أنا واحد منهم ولكننا في الأخير لا نمثل اي عائق أمام توسع الحوثي بقدر ما نكون مبررا ليدعي الحوثي أن ذلك يثير مخاوفه كتكفيريين يتوجب عليه إزاء ذلك أن يدافع عن مشروعه وعرقه الضارب في الطهر والقداسة. فهو يرفع مظلوميته عند كل غزوة يقوم بها وبذات الوقت يحتفل بانتصاراته كعادته في التناقض المصاحب لكل ما يعتقده او يمارسه. الأمر الأكثر إدهاشا أننا كمستهدفين نجد اعذارا لضعف الحيلة.

الحوثي يعاديه العالم بزعمه ويدعمه العالم بزعمنا، ولا يزال ذلك يغذي وحشيته ويعلق آمالنا بالمجتمع الدولي، أين نحن من الحقيقة التي يبرزها الواقع ونحاول لمرارتها أن نتجاهلها؟ وأين هو المتاح أمام تفاقم الجرح وتقاعس الضمير والوعي؟ لندعي أن التساؤل كلما طال سيوصلنا إلى نهاية النفق! لكن ألا يجدر بنا ونحن نتساءل أن نركز في الاستفهام والتعجب باعتبارهما علامتان لا تثير اكثر من الدهشة والاحباط. وكان الأحرى بهما أن تتوقفا لنبدأ من بداية السطر بإبراز الحلول كتنظير على الأقل، ليأتي من يؤمن بالتنظير كمبدأ يستحق ان يترجم لا أن يرجم في رفوف اللامبالاة.

يكفي ان تجلجل ضحكة الحوثي في كهفه وهدير دباباته يملأ الوطن. اما بكاء العاجزين وخطب الساسة فلا يرتد له اي صدى. ما الذي ابقيناه في خططنا من دور يمكن ان يمثل حدا لهذا النزف بعد ان انتهى موسم الحوار إلى موعد للدم والخذلان. الجميع يشعر بالفداحة والجميع يمارس الشماتة ووحده الحوثي يمد رجليه غير مكترث لحرقتنا وسلبيتنا. نعم هناك قوة وطنية هائلة نعول عليها، بينما هي تدرك انها في مأزق سياسي فضيع ووعيها المحنك يقول أن من الفطنة ان لا ننجر لهذا المربع، وهو موقف قد لا نملك الرد عليه، لكن يبقى ان من الفطنة توفير خيارات بديلة ضمن الممكن. إذ أن دور الدولة شبه مستبعد من خارطة الأمل طالما أهم اجهزتها مخترق بما لا يترك مجالا للخوض والخروج بنتيجة مرضية. ربما نقول متوارين خلف عجزنا (للوطن رب يحميه) لكن ألا نعلم اننا نقاط العبور الى النيل من الوطن ثم من يقنع الحوثي وهو يقاتل باسم الله أنه ليس الطير الأبابيل، وهو يصم آذاننا عن سيادة الوطن.

قولوا ماشئتم فهو ايضا يفعل ما يشاء. إنما اللائق أن نوفر على الوطن ضجيجنا الذي يحجب انينه.. دعوه على الأقل يستمع له ليشعر أنه يشعر. وانتظروا ترسانة الحوثي لتلتقطوا لها الصور قبل أن تلتهم اثركم.

امقال نشر في موقع المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى