ال30 من نوفمبر.. تاريخ جلاء و منجز عظيم للشعب
الرشاد برس | تقرير /صالح يوسف
تطل علينا الذكرى ال56 لعيدالجلاء ال30 من نوفمبر1967م والبلاد تمر بمراحل صعبة ومحاولات استعمارية جديدة عنوانها الإمامة والكهنوت في الشمال والتمزق والتشظي في الجنوب وكان ال30 من نوفمبر تحقيقيا لأهداف ثورتي ال26من سبتمبر وال14من اكتوبر المجيدتين وكان طرد المستعمر والاستقلال الوطني ومن ثم الوحدة الوطنية، هما أبرز أهداف ثوار 14 أكتوبر، وعلى هذا كافحوا وقاتلوا بإمكانيتهم المحدودة أمام جبروت الإنجليز الذين كانوا القوة المستعمرة الأكبر حينه ولامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس ، لكنها كانت في ذات الوقت تجر خيبتها من المنطقة بعد اندلاع ثورات في معظم الدول العربية.والشعب اليمني يتذكر هذه الذكرى العظيمة والتاريخ المشرق من نضاله ربما تتكرر على اليمنيين مأساة التفكك وحالة التمزق التي يصنعها الطامعون في البلاد، بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يجعل من اليمن هدفاً لكثير من الأجندات الإقليمية والدولية وبسبب مشاريع الإمامة الكهنوتية في الشمال ومشاريع التقسيم والتبعية في الجنوب
أطماع استعمارية
ان موقع اليمن الإستراتيجي بتوسطه لثلاث قارات واطلالته على مضيق باب المندب وخليج عدن ووقوعه على ممر التجارة العالمية جعله محط اطماع الدول الإستعمارية ومنها بريطانيا التي ظلت في الجنوب لاكثر من قرن وابرز المحطات التي مر بها التاريخ النضالي لل طن في 19يناير/ كانون ثاني 1839 تمكن الاحتلال البريطاني عملياً باحتلال مدينة عدن، واستطاع عقد اتفاقات مع غالبية السلطنات في الجنوب ضمن صفقات كان هدفها إبقاء الصراع وحالة التمزق على أن يكون الاستعمار متحكماً بالمنافذ البحرية في مدينة عدن بشكل خاص.
وفي منتصف القرن الماضي بدأت كثير من المعطيات الدولية تتغير عقب الحرب العالمية الثانية، ونشأت حركات تحرر عربي واسعة في معظم الدول العربية التي كانت محتلة من قبل بريطانياً، ووصلت تلك الشرارة الثورة إلى جنوب اليمن، حيث بدأت شرارة الثورة مسلحة في 14 أكتوبر/ تشرين أول 1963، واستمرت حالة الثورة أربعة أعوام وصولاً لخروج آخر جندي بريطاني من العاصمة عدن
في 30 نوفمبر/ تشرين ثاني 1967 تم إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن تتولى مسؤولية الحكم، والتي عينت قحطان محمد الشعبي رئيساً لمدة سنتين، وتم إعلان تقسيم سياسي وإداري جديد للمحافظات الشمالية والشرقية 6 محافظات و30 مديرية بعد أن قسمها الاستعمار البريطاني إلى 21 إمارة وسلطنة ومشيخة، بالإضافة إلى مستعمرة محمية عدن.
سياسة فرق تسد
كان الاحتلال البريطاني في تلك الفترة يعتمد على سياسة فرق تسد ليحكم قبضته على جميع سلطنات الجنوب وكان ايضا دعم السلطنات مشروع المحتل لتعزيز بقائه، فقد كانت كل سلطنة لها كيانها السياسي والإداري وحدودها وعلمها وجواز سفرها وجهازها الأمني، والمرتبطة في الأخير بالمندوب السامي البريطاني في عدن.
إنعكس ذلك التفكك حتى على مسيرة الكفاح المسلح وما تخلله من تباينات بين فصائلها حيث دفعت إلى التصادم والاقتتال أكثر من مرة، والالتهاء عن العدو الأكبر المتمثل في الاستعمار البريطاني، لكن في العام 1967 تكتلت كافة القوى الوطنية بقيادة الجبهة القومية، وهو ما ساعد في تفعيل العمليات المسلحة ضد قوات الاحتلال.
يرتبط التفكك بمشروع المحتل، بينما تبرز الوحدة كهدف للاستقلال الوطني، وتلك ثنائية متلازمة في تاريخ الشعوب والأوطان، كما أن ذلك له ارتباط وثيق بالتاريخ اليمني الحديث على الأقل، فعندما يستعيد اليمنيين حالة التفكك والسلطنات في جنوب اليمن، فذلك كان مرتبط ببقاء الاستعمار البريطاني.
ويكرر التاريخ نفسه الآن بسيناريوهات متشابهة بعد أكثر من نصف قرن على جلاء المستعمر البريطاني، في إبقاء حالة الحرب وربطها بمشروع الانفصال والتمزق في المحافظات اليمنية الجنوبية تحديداً، بعد أن استفردت ميلشيات الحوثي بغالبية محافظات شمال اليمن، ذلك المسار يراد له أن يفرض كأمر واقع ربما.
30نوفمبر طريق للوحدة
يعتبر ال30 من نوفمبر المسار الحقيقي للوحدة اليمنية ويعتبر مصدر قوة لكل اليمنيين كانت ومازالت الوحدة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مشروع قوة لأي أمة من الأمم المختلفة كلياً في الأساس، وهذا لا ينطبق مطلقاً على اليمن، فهي أمة ودولة واحدة عبر التأريخ، وكل التباينات والاختلافات كانت مشاريع عابرة للقيمية الأساسية والمبدأ النضالي الراسخ.
ففي الثورات اليمنية سواء ضد الامامة والمستعمر، تم انجاحها في نضال مشترك وكل قادة الثورة والثوار كان في اهدافهم الوحدة لليمنية منطلقا للوحدة العربية الشاملة وكان هذا الاهدف الاسمي في قاموس الثورة المصرية والسورية والعراقية
في الحقيقة شكلت تلك الرؤى المشتركة للزعامات التأريخية في اليمن، النواة الأساسية للنضال الوطني المشترك من أجل تحقيق الوحدة الوطنية في 22 مايو 1990، باعتبارها المنجز الأعظم الذي ممكن أن يقدم لليمنيين من زعاماتهم سواء في الشمال أو الجنوب، حيث كانت هدفاً مشتركاً.
تعود مشاريع التقسيم والانفصال بذات الأهداف والأطماع، وربما بذات الأوضاع غير المستقرة لليمن في الصراع والحرب، فتلك البيئة هي من هيأت للأجندات الخارجية العمل بحرية على مشروع إعادة اليمن الى التقسيم والنزعات المناطقية التي ربما تبرز كرديف لحالة الفوضى السياسية في البلاد.