تصاعد الضغوط الأمريكية على الحوثيين: تداعيات الحملة العسكرية والاقتصادية
الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
في تصعيد غير مسبوق، تستمر الحملة العسكرية الأمريكية ضد الميليشيات الحوثية في اليمن، حيث تركز الضربات الجوية على معاقل الجماعة في صعدة، مستهدفةً منشآتها العسكرية وأسلحتها المتطورة. الحملة، التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منتصف مارس 2025، تسير بوتيرة عالية، ومن المتوقع أن تستمر لمدة تتراوح بين 6 إلى 8 أشهر، بهدف تقليص تهديدات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
الضغوط الأمريكية وتداعياتها:
منذ بدء العمليات العسكرية، كشف مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لصحيفة “نيويورك تايمز” أن واشنطن أنفقت ما يقارب 200 مليون دولار على الذخائر خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة، مع توقعات بتجاوز التكلفة ملياري دولار في المدى القريب. العملية العسكرية، التي أطلق عليها وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، اسم “عملية الفارس الخشن” نسبةً إلى الحملة التي قادها ثيودور روزفلت في كوبا، تشير إلى تصعيد كبير في العمليات الجوية.
ورغم الكثافة الجوية للضربات، اعترف المسؤولون الأمريكيون أن الحملة لم تحقق نجاحًا حاسمًا في تقليص الترسانة العسكرية للحوثيين، التي يتمركز العديد منها في مخابئ تحت الأرض، بما في ذلك صواريخ وطائرات مسيرة. الجماعة لا تزال تحتفظ بقدرات عسكرية كبيرة، رغم الضغوط المستمرة.
تأثير الضربات:
في داخل اليمن، كانت الضربات الأمريكية عاملاً حاسمًا في تغيير ديناميكيات القوة داخل جماعة الحوثيين. الناشط اليمني خالد عمران من عدن أشار إلى أن الضربات الأمريكية أثرت بشكل نسبي على القدرات العسكرية للحوثيين، لكنها لم تُسهم في تدمير ترسانتهم بشكل كامل. وأضاف أن الحل الجذري يكمن في إبعاد الحوثيين عن المناطق الاستراتيجية مثل البحر الأحمر، وتدمير الأسلحة النوعية التي يمتلكونها عبر دعم دولي موسع لقوات الشرعية.
وفي العاصمة صنعاء، اختفى العديد من قادة الجماعة من الظهور العام بشكل مفاجئ، في خطوة تعكس تخوفًا كبيرًا من استهدافهم المباشر من قبل الغارات الأمريكية. وقد تركزت تحركاتهم الأخيرة في مناطق أكثر أمانًا مثل صعدة وعمران، مما يضعف بشكل ملحوظ فعالية قيادة الجماعة في الميدان.
التكتم الحوثي:
ورغم التكتم المشدد من قبل الميليشيا الحوثية على الخسائر البشرية والعسكرية، أفادت مصادر ميدانية بتغيير جذري في هيكل القيادة، حيث تم نقل العديد من القادة الحوثيين إلى مناطق نائية لتجنب القصف. تغييرات واسعة شهدها الصف الأول والثاني من قادة الجماعة، حيث اختفى العديد منهم عن الأنظار، فيما يعتقد البعض أن الهجمات الجوية استهدفت بشكل رئيسي القيادات الميدانية.
كما أكد علاء دومان، ناشط من تعز، أن القصف الأمريكي استهدف معسكرات حوثية وأسلحة، مشيرًا إلى أن الجماعة تفرض تعتيمًا إعلاميًا على خسائرها. ويُتوقع أن تكشف الأيام القادمة عن حجم الخسائر الحقيقية التي تكبدتها الميليشيا.
الضغوط الاقتصادية:
على صعيد آخر، تعاني الميليشيا الحوثية من ضغوط اقتصادية متزايدة، خاصة مع سريان قرار الولايات المتحدة بحظر استيراد المشتقات النفطية عبر الموانئ التي يسيطرون عليها. تعتبر هذه المشتقات أحد المصادر الأساسية لعائداتهم، حيث تقدر تقارير غير رسمية أن الجماعة تحصل على ما يقارب مليار دولار سنويًا من تهريب النفط والمشتقات.
تواصل شبكات الحوثيين استخدام وسائل غير قانونية لتأمين تدفق الأموال لدعم أنشطتهم العسكرية. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الحوثيين يعتمدون على تهريب النفط عبر البحر الأحمر، واستخدام وثائق مزورة، ما يعزز من قدرة الجماعة على البقاء في مشهد الحرب رغم الضغوط الاقتصادية.
الخاتمة: الحل السياسي ضرورة لتجاوز الأزمة
في ظل التصعيد العسكري والضغوط الاقتصادية، تبقى الحاجة ملحة لحل سياسي شامل ينهي النزاع في اليمن ويحقق الاستقرار في المنطقة. ورغم الضغوط الأمريكية المتزايدة على الحوثيين، تبقى الحاجة ملحة لدعم دولي واسع لقوات الشرعية؛ لبسط سيطرتها على كامل التراب اليمني، والشروع في حل سياسي شامل يرتكز على مقررات الشرعية الدولية والمرجعيات الثلاث، ودعم جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإيجاد حل سلمي يعيد الأمن إلى اليمن ويحفظ مصالح الدول المجاورة.