مقالات

تصحر سياسي

 

 عبدالمجيد زين العابدين

عبدالمجيد السامعي

تشغل اليمن مساحة كبيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية, فقد ذكرها الله في سورة سبأ وفي سورة الاحقاف وسورة هود عليه السلام النبي الحضرمي, وجاء ذكر اليمن كذلك في سورة النمل وفي سورة القلم.

 وفي السنة النبوية هناك ما يزيد على اربعين حديت نبوي في اليمن واهل اليمن والذي منها قول النبي الكريم (جاءكم اهل اليمن هم الين قلوبا وارق افئدة الايمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان (.

اليمن لأهميتها حباه االله بنعم كثير وثروات عظيمة اعطها الله مساحة كبيرة في القرآن, وهذه المساحة ترقى بها الى ان تكون ارض مقدسة تتعدد فيها التضاريس من منطقة الى أخرا, وتنتج كل ما يحتاجه الانسان من مستلزمات غذائبة سواء من البحر المحيط بها أو من اليابسة .

غيران اليمن للأسف لم تجد زعماء أو أمراء جميلين كجماله فقد عانت عبر التأريخ من الحروب والازمات التي تمخضت عن حدوث الهجرات الداخلية والخارجية حيث تنقل المواطن اليمني بحثا عن الاستقرار الى اندنوسيا وماليزيا والي بعض دول القرن الافريقي والشام وشمال افريقيا والمغرب العربي واماكن كثيرة عبر العالم .

ولازالت اليمن تعاني الامرين من حماقات بعض الساسة وصحاب النفوذ الذين غالبا ما ينفذون بحماقاتهم اجندات خارجية, فإن ما يحدث هذه الايام من ارهاصات كسحب حصة المؤتمر من حكومة خالد بحاح يأتي ضمن سيناريو يهدف الى كشف ظهر الرئيس هادي وتركه في الملعب منفرداَ دون حماية أو غطاء من حزبه الذي خدم فيه قرابة العقدين من الزمن كأمين عام .

إن ما أقدم عليه بعض القيادات المحسوبين على تيار الرئيس السابق علي صالح داخل المؤتمر الشعبي العام بخصوص قرار سحب حصة المؤتمر من تشكيلة حكومة الاخ خالد بحاح, وفصل الرئيس هادي من منصبه كأمين عام لحزب المؤتمر يعد مخاطرة بمستقبل الحزب, ومجازفة ستضرب تماسك المؤتمر ورصيده النضالي كحزب عريق كان له دور كبير في تحقيق الكثير من الانجازات خلال الثلاثين السنة الماضية والتي من ابرزها تحقيق الوحدة بين الشطرين واستخراج البترول والغاز واعداد الجيش كقوة ضاربة مع بعض الصناعات العسكرية, كل هذا يعد انجازات وانتصارات.

بيدان القرارات البيزنطية و”الهوشلية” التي اصدرها صالح ضد هادي دفعة الاخير الي اصدار قرار حجر على ارصدة المؤتمر ومنع البنوك الحكومية والاهلية من صرف اي مبالغ من ارصدة الحزب حتى اشعار آخر.

قرار ابعاد الرئيس هادي ستثار عبرها خلافات وانشقاقات بين قيادات المؤتمر من جهة ومكونات المجتمع اليمني في الجنوب على وجه الخصوص, وسترتفع اصوات مطالبة بفك الارتباط او بالانفصال على اعتباران الرئيس عبدربه منصور هادي الذي أتى الى صنعاء في ١٣ينايرعام ١٩٨٦م يواجه برنامج اقصاء وإبعاد ممنهج من طرف الرئيس صالح و قيادات حزبه الذي عمل معهم لأكثر من عشرين عام.

هذا الاقصاء للرئيس هادي من طرف صالح ليس لكونه فشل في تصريف شؤن البلاد خلال السنوات الماضية, بل يفسره الكثير لكونه من الجنوب.

في تصوري أن ما قدم عليه الرئيس علي عبدالله صالح من تحالفه سياسي وعسكري مع الحوثيين الذين احتلوا الكثير من المعسكرات و المدن اليمنية ومارسوا ابشع الجرائم بقوة السلاح, فإن هذا التحالف إنما يعمل علي عرقلة الاستقرار والسلم الاجتماعي في اليمن و المنطقة وتقويض اعادة بناء الدولة اليمنية والتسوية السياسية, وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي رعته الامم المتحدة والدول المانحة ووقعت عليه جميع المكونات السياسية بعد جدال ونقاش دام لأكثر من احد عشر شهرا في فندق موفمبيك بالعاصمة اليمنية صنعاء.

هذا التحالف الخفي والذي تم الاعلان عنه مؤخرا بين حزب المؤتمر ومناصريه والحوثيين يهدف إلى إضعاف وارباك ادارة الرئيس عبدربه منصور هادي مما قد يخلق عنده شعور بحالة من التصحر السياسي الذي قد يدفعه الى رمي ملف الرئاسة الى حضن يحيى الراعي رئيس البرلمان وفق ما ينص عليه الدستور, وهو الحدث الذي ينتظره صالح بفارغ الصبر, لأنه لو حدث ذلك فسيتبعه سيناريو (طبخ انتخابات رئاسية على طريقة مطعم الشيباني, واحد لحقه ياليد) وسيعود بموجبها صالح أو ابنه الى كرسي الحكم مرة ثانية لتدخل اليمن في بوتقة افلام هوليودية من جديدة, وسيؤدي ذلك ان حدث الي إثارة المزيد من الفتن والازمات والانشقاقات التي ستؤدي الى انتقال رجال الاعمال بأموالهم الى الخارج وهو ما قد يتسبب في انهيار الاقتصاد اليمني وحدوث هجرات داخلية وخارجية للسكان مما سيسهل ان تكون البلاد تحت قبضة القاعدة او الحوثة ,وسيتوقف العمل في الكثير من مشاريع البنية التحتية المتوقفة اصلا من زمن طويل.

وفق ما ذكرنا فإن الكثير من المراقبين في الداخل والخارج مجمعين على ان هذه الارهاصات التي يؤججها صالح وحلفائه الذين لطالما رضعوا منه كثير تندرج تحت اجندة تنفيذ مخططات خارجية تهدف الي إثارة الفتن والشقاق وإنهاك الجيش اليمني وإضعافه ليسهل بعد ذلك فصل الجنوب عن الشمال او تقسيم اليمن الى اكثر من اربع او خمس دول متناحرة.

هذه الزوبعات والإرهاصات قد تذهب باليمن نحو الانهيار السريع على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو ما يستوجب علينا جميعا تقديم مصلحة اليمن على المصالح الحزبية والانانية, لنتمكن من انقاذ ما يمكن انقاذه.

الله جل جلاله يأمرنا بأن نعتصم به ونتمسك بحبله, قال تعالى :(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وقال(وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون) وقال النبي الكريم وهو يحذرنا من مغبة الانجرار وراء الفتن (لا ترجعوا بعدي كفاراَ يضرب بعضكم رقاب بعض)، ويقول النبي الكريم وهو يحثنا ان نكون كالجسد الواحد (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذ اشتكى من عضو تداعا له سائر الجسد بالسهر والحمى(.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى