ثورة فبراير..ذكرى للبحث عن دولة في اليمن “المحرر السياسي”
الرشاد برس-المحرر السياسي
الثالوث المرعب (الفقر والجهل والبطالة ) هو ما جعل الكثير من بلدان الربيع العربي تعيش في سراديب الضياع ردحاً من الزمن وفي الوقت الذي تبحث فيه هذه الدول عن بصيص أمل للخروج من هذا التيه لكنها كلما اقتربت من هذا الضوء أوصدت الأبواب في وجهها لتغطي بذلك الكم الهائل من الفساد المتراكم الذي غطى كل كوة يدخل منها الضوء بالأمل.
ومع طول الغربة واشتداد الظلمة إلا أن روح التطلع الى الحرية لا تزال مشعة تتسلل خفية لتدخل من ثقوب الحياة لتبعث الامل مرة أخرى في حياة ونفوس الناس.
وبعد أن أدرك الناس خطورة الفساد السياسي المتمثل في الاستبداد بالسلطة والاستئثار بالثروة كسروا حاجز الصمت وانحازوا لخيار التغيير والتغيير المشروط بالسلمية ومع أنهم تأخروا الا اننا نقول أن تأتي متأخرا خيراً من ألا تأتي.
وعلى غير موعد جاء موسم الربيع لتتفتح فيه أزهار ذبلت لجدب الحياة تحت وطأة القهر والظلم والاستبداد جاء الربيع بنوره ليكشف مدى عمق المأساة التي ظلت تسرق البسمة من شفاه الشعوب.. جاء ليكسر حاجز السجن الذي يقبع فيه كل من تدب في جسده نسائم الحرية او يتطلع لمستقبل أفضل.. جاء ليعيد صياغة العلاقة بين الراعي والراعية والحاكم والمحكوم حيث تنتهي بعد تعيينه وتنصيبه فتكون كعلاقة المريد بين يدي سيده وليس له الا السمع والطاعة فقط بدل من أن تكون علاقة تنصيب وتولية ثم رقابة ومحاسبة وعزله إن استحق ذلك..جاء الربيع ليعيد الى الاذهان وظيفة الحاكم الحقيقية وهي (حراسة الدين وسياسة الدنيا به).
حينما يتعذر الإصلاح الجذري الجاد، و يستشري الظلم والقمع وتصير مصالح الأمة حصرية بيد النافذين من أهل الفساد؛ فإن الثورة هي قدر الشعب الوحيد وهي الخيار الأمثل وإن بدت محفوفة بالمخاطر، لذلك قال بعضهم “الثورة لا يرتب لها أحد ولا يخطط لها الناس ولكنها تنفجر على حين غرة حين تسد طرق الإصلاح وتتوقف عمليات العدالة ويُمارس القمع”.
ومهما تعددت الآراء حول معنى كلمة ثورة إلا أنهم مجمعون على أنها تحمل مفاهيم ثابتة، مثل الانفتاح على إنجازات غير مسبوقة في خدمة الإنسان ، كالثورة المعرفية والمعلوماتية والجينية والصناعية وهو ما يعني مفهوم البناء والتطوير والمراجعة، وليس الهدم أو التقويض السياسي.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن ما دار في بلدان الربيع العربي عامة واليمن خاصة أنه ظاهرة اجتماعية متعلقة بتغيير الأنظمة السياسية عبر الفعل الاجتماعي والغضب الشعبي العام، وهذا كله ظهر جلياً في ثورة فبراير حيث ذهب كابوس الخوف وكسر حاجز الصمت وبحت الحناجر وهي وتردد( الشعب يريد بناء يمن جديد)، ثم جاء دور التوافق ثم الحوار الوطني ليضم إلى جانب قيادات العمل السياسي القوى الثورية ومكونات وأفراد لم تكن تفكر بالدخول والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية للبلد لولا ثورة فبراير وفي الحوار جاء الوزير والمواطن العادي وشيخ القبيلة والمهمش، المرأة والرجل، الشاب الصغير والشيخ الكبير كلهم يقفون في مكان واحد وبوقت واحد ويصوتون بصوت واحد من دون تفرقة وهذا بحد ذاته ثورة للبحث عن دولة في اليمن.