تقارير ومقابلات

حوار اليمن..‏ الشراكة في السلطة والثروة

1112231112332مع اقتراب انتهاء أعمال الحوار الوطني يدخل اليمنيون في أصعب استحقاق سيرسم ملامح ومستقبل بلادهم وهويتهم القادمة‏,‏ بل سيحدد معالم الاستقرار في جنوب شبه الجزيرة العربية التي تواجه تحديات أمنية كبيرة .. الاستحقاق القادم يبلغ ذروته في حل القضية الجنوبية ضمن مخرجات الحوار والذي يتجه نحو دولة اتحادية فيدرالية من عدة أقاليم أو إقليمين. ومع إقرار مختلف الأطراف بصعوبة التفاصيل في رسم عدد الأقاليم وشكل الدولة وتوزيع الثروة والسلطة والإقرار بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم والعودة إلى دولة ما قبل22 مايو1990, فإن هناك في الساحة اليمنية تيارين رئيسيين يتصارعان مع بعضهما يحاولان فرض نفسيهما علي قرارات الحوار الوطني, الأول يمثله حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه وحزب الإصلاح ذو التوجه الإسلامي وبعض حلفائه في تكتل اللقاء المشترك والذي يتبنى حماية الوحدة اليمنية من خلال وضع صيغة تضمن الحفاظ عليها كهدف ناضل من أجله الأجداد, ومعالجة أية قضايا حقوقية جرت في الماضي, هذا الاتجاه يؤيده الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والذي يري الحل الأفضل في دولة اتحادية من عدة أقاليم ومنحها صلاحيات واسعة في إدارة شئونها الذاتية, أما الاتجاه الآخر فيمثله أطراف في الحراك الجنوبي المشارك في الحوار وخارجه وبعض معارضة الجنوب في الخارج ويدعمه الحوثيون وايران والذين يصرون علي انهاء الوحدة القائمة مع الشمال وانتزاع الدولة الجنوبية بنفس حدودها الشطرية ــ وفي أحسن الأحوال ــ الموافقة علي نظام اقليمين بشرط منح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم واجراء استفتاء بعد خمس سنوات وهو ما يعني حتما السير في السيناريو السوداني المنتهي بانفصال الجنوب. وفي نظر المتحمسين لبقاء الوحدة ومعالجة أخطائها ورفع مظالم الفترة الماضية فان الانفصال لايمكن أن يكون حلا بل سيفتح الباب أمام تأجج صراعات جديدة وحروب وتفتيت اليمن الي عدة دويلات في منطقة مهمة وذات حساسية للمجتمع الدولي والملاحة العالمية. وفيما يسعي الرئيس هادي الي الضغط علي فريق الحراك الجنوبي للقبول بحلول وسط, فانه يعتبر أن الحلول ممكنة تحت سقف الحوار الوطني والوصول الي الدولة المدنية الحديثة المبنية علي الشراكة في السلطة والثروة وبعيدا عن الاقصاء والتهميش. ويري هادي أن الملامح الأولي لحل القضية الجنوبية قد حققت ما لم يحققه اتفاق الوحدة عام1990 ولا وثيقة العهد والاتفاق في عام1994, مشيرا الي أن أياما قليلة تفصلنا عن التوصل الي حل عادل للقضية الجنوبية قائم علي معالجة مظالم الماضي واعادة صياغة عقد الوحدة بين جميع المكونات اليمنية في اطار دولة يمنية اتحادية واحدة موحدة. وفي رأي وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي فانه اذا كان مسار الوحدة قد شابه بعض الأخطاء وسوء الادارة والنزعة الي الهيمنة من قوي متنفذة من جميع الأطراف, فانه لا يمكن التخلي عنها تحت أي مبرر كان بل يجب الدفاع عنها وتصحيح الأخطاء التي أساءت اليهما. وأشار القربي الي أن العالم اليوم ينظر الي اليمن كنموذج يحتذي به بين دول الربيع العربي وينتظر أن ننهي الحوار الوطني بأسلوب حضاري ومسئول وأن نتفق من خلاله علي الحلول لكافة القضايا التي شكلت بؤر صراعات وعنف واقتتال وفي مقدمتها القضية الجنوبية وقضية صعدة وبما يحفظ لليمن أمنه ووحدته واستقراره. وفي الاتجاه الآخر تبدو الصورة مختلفة جدا, حيث يحذر القيادي الجنوبي محمد علي أحمد عضو الحوار الوطني ورئيس فريق القضية الجنوبية من مغبة فرض أكثر من اقليمين ضمن حل المشكلة, مؤكدا أنه اذا لم تتحقق قضيتهم فانهم سيلجأون لاستعادة دولتهم وتقرير مصيرهم وبناء دولتهم الحديثة بالخروج الي الشوارع نساء ورجالا. ويذهب بدر باسلمة عضو لجنة التفاوض الثنائية عن الجنوب ضمن فريق الـ16 بالحوار الوطني الي ما هو أبعد من الاقليمين, مؤكدا تمسك الشعب الجنوبي باستعادة دولته وتقرير مصيره وعدم القبول بأي شكل فيدرالي. وفيما يتفاعل الشارع الجنوبي بتحركات ومسيرات مكثفة تطالب بالانفصال مجددا, فان المراقبين يلاحظون أن الشارع السياسي في الجنوب غير موحد أصلا ويواجه صراعات علي تمثيل الجنوب بين تيارين رئيسيين الأول موال لرئيس اليمن الجنوبي المقيم في الخارج علي سالم البيض, والثاني يتبع القيادي المعروف حسن باعوم وكثيرا ما سقط قتلي وجرحي في مواجهات بين أنصار الاتجاهين علي الأرض, كما أن علاقات البيض مع ايران وحزب الله تفتح الباب أمام تساؤلات مقلقة عن حجم التورط الايراني في تفتيت اليمن في اطار سعي طهران لمواجهة القوي الغربية ودول الخليج وايجاد موطئ قدم لها في البحر العربي والمحيط الهندي. ومع كل التفاعلات الداخلية تبدو المواقف الدولية والاقليمية المعلنة حتي الآن داعمة لحل يضمن بقاء الوحدة اليمنية ولو في صورة فيدرالية بدلا من الانفصال, هذا الموقف تجسده بوضوح نصوص مبادرة الخليج وآليتها المزمنة لتسوية الأزمة اليمنية حيث توفر دول الخليج في أغلب مواقفها غطاء سياسيا داعما لبقاء وحدة اليمن كعنصر للاستقرار علي حدودها الجنوبية ومنعا لتوغل الارهاب ووقف النفوذ الايراني الذي بدأ يتدخل بشكل سافر في شئون اليمن لدعم الانفصاليين والحوثيين, الأمر نفسه تؤكده مواقف أمريكا والاتحاد الأوروبي بل الأمم المتحدة التي أكد مبعوثها الي صنعاء جمال بنعمر أخيرا أن موقف المجتمع الدولي يدعم حل قضية الجنوب في دولة اتحادية موحدة علي أن يتم الترتيب لفترة تأسيسية تتراوح بين ثلاث الي خمس سنوات تعيد ثقة الجنوبيين وترمم مظالمهم بمنطق الندية والشراكة.

المصدر: الإسلام اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى