خالد مشعل في حوار خاص حول آخر المستجدات الوطنية الفلسطينية
الرشاد برس- متابعات
قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” خالد مشعل إن حركته تريد شراكة وطنية حقيقية تنهي الانقسام وتعيد وحدة الوطن، مؤكدًا أن حماس “لا تزاحم أحدًا على كرسي، ولا تريد أن تقصي أحدًا، كما أنها لن تسمح لأحد بأن يقصيها”. مشددًا على أن منظمة التحرير ليست مغانم، وإنما حقوق وطنية، وضرورات فلسطينية.
وأضاف مشعل في حوار خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إن حركة حماس أكدت على ضرورة أن تكون المصالحة رزمة واحدة وبمسارات متوازية، مشيرًا إلى أن حماس تسعى لإنجاح المصالحة وتنفيذها على الأرض وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية لبناء صف وطني موحد وفق استراتيجية فلسطينية قوية فاعلة ننتزع فيها حقوقنا دون استجداء أحد.
وشدد “أبو الوليد” على أنه عقب فترة استكمال التحضيرات التي جرى الاتفاق عليها، وتهيئة الأجواء والظروف لتكريس المصالحة، عندئذ يجري التوافق على موعد الانتخابات، وتشكيل الحكومة، مؤكدًا أن حركة حماس مع توافق الجميع على ضرورة الاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع سواء في إطار السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وانتقد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الاضطراب في بعض المواقف الدولية تجاه المصالحة الوطنية، والتي تعتبر من جهة أن الانقسام الفلسطيني يعطل جهود السلام بذريعة عدم وجود شريك فلسطيني، ومن جهة أخرى تعتبر مشاركة حماس بالمصالحة تعطيلاً لجهود تحقيق السلام، وبالتالي يضعون اشتراطات على حماس كشروط الرباعية الدولية.
وحول موقف الإدارة الأمريكية قال مشعل: إذا كانت إدارة أوباما الجديدة جادة في تغيير المشهد الراهن وإيقاف شلال الدم في المنطقة، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني لتصنع سلاما حقيقيا، فنذكرها بأن السلام الحقيقي يقوم على العدل والإنصاف وإعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها.
لقاءات القاهرة
وحول آخر المستجدات في لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة، قال مشعل إن أهم ما تم بحثه خلال اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية في القاهرة هو: أولاً بحث النظام الانتخابي للمجلس الوطني الفلسطيني، حيث عرض الأخ سليم الزعنون رئيس المجلس المسودة التي أعدتها اللجنة المشكلة لهذا الغرض، مشيرًا إلى أن هذا النظام سيصل إلى صورته النهائية خلال الأيام القادمة، وسوف نحسم كافة القضايا العالقة حتى الوصول إلى نظام انتخابي معتمد يتم رفعه للأخ أبو مازن لإصدار مرسوم به.
وأضاف: الأمر الثاني هو التأكيد على استكمال التحضيرات اللازمة في هذه المرحلة للملفات الخمس ضمن ما اتفق عليه من تطبيق المصالحة كرزمة واحدة وفي مسارات متوازية؛ حيث إنه خلال الفترة القادمة سيكون هناك استكمال لسجل الناخبين في غزة والضفة، واستكمال التحضيرات الخاصة بانتخابات المجلس الوطني من خلال إقرار نظام الانتخابات، وتشكيل لجنة خاصة في انتخابات المجلس الوطني في الخارج، فضلا عن استئناف المشاورات الخاصة بتشكيل حكومة توافق وطني، بالإضافة إلى المتابعة الحثيثة لملفات الحريات العامة في الضفة والقطاع من خلال متابعة وإشراف الإخوة المصريين .بالإضافة إلى تفعيل وانتظام لقاءات الإطار القيادي لمنظمة التحرير في هذه المرحلة الانتقالية لحين انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية، وكذلك ما يتعلق بلجنة المصالحة المجتمعية.
وأضاف إنه تم بحث الموقف السياسي والاستراتيجية الفلسطينية المطلوبة لتحقيق برنامج القواسم المشتركة المتفق عليه فلسطينيا وبما يساهم في حشد كل الجهود الفلسطينية ومن خلفها الجهود العربية الإسلامية والأصدقاء في العالم لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني والعمل على استرداد الحقوق الوطنية الفلسطينية .
الأسرى والقدس
وبخصوص الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال؛ قال مشعل إنه جرى مناقشة ملف الأسرى خاصة في ظل الإضراب عن الطعام وما يعانون من إجراءات تعسفية وانتهاكات لحقوقهم في السجون والمعتقلات الصهيونية، وكيفية العمل على تكثيف الجهد الوطني في الداخل والخارج لصالح ملف الأسرى، وكذلك جرى بحث قضية القدس وما تتعرض له من تهويد وتكثيف للاستيطان وتهجير المواطنين الفلسطينيين واستهداف للمسجد الأقصى المبارك، ومحاولة العمل على تقسيمه كما حدث للمسجد الإبراهيمي في الخليل، وضرورة تكثيف الجهود كقيادة فلسطينية والشعب الفلسطيني والأمة لإنقاذ القدس وغيرها من الموضوعات الفلسطينية.
وحول ما أثير مؤخرا في وسائل الإعلام من أن دولة قطر قدمت لحركة حماس أموالا لدعم النظام المصري؛ أكد مشعل أن حركة حماس نفت ذلك، واصفا تلك التصريحات بالافتراءات والأكاذيب والأقاويل الملفقة التي لا أصل لها سوى التشويش ومحاولة التشويه، مشددًا على أن هذا لم يحدث على الإطلاق حيث إن حماس لا تتدخل في الشأن المصري الداخلي ولا في أي شأن عربي آخر .وأضاف: نحن نحترم خصوصية كل بلد عربي أو إسلامي أو أي بلد آخر في العالم .
زيارات غزة
وعن مدى أهمية الزيارات التي يقوم بها الرؤساء والمسئولون ووزراء الخارجية لقطاع غزة؛ قال: نحن نرحب بكل من يزور قطاع غزة باعتبار ذلك يمثل تعبيرًا عمليا عن مساندة الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه، وتعزيز الخطوات نحو كسر الحصار بشكل نهائي عن قطاع غزة، وهذا موضع تقديرنا وشكرنا .
ودعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الجميع في الساحة الفلسطينية أن يتعاملوا بهذه الروح مع هذه الزيارات باعتبارها مصلحة فلسطينية، وتعزيزًا لصمود الشعب الفلسطيني، وتعبيرًا عن وقوف الأمة إلى جانب القضية الفلسطينية، وعدم القلق من أي بعد سياسي.
وأضاف: نحن لا نسعى مطلقا لأي تكريس لابتعاد غزة عن الضفة أو العكس، بل نحن كما يتابع الجميع جادون ونبذل قصارى جهدنا من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني وتعزيز المصالحة واستكمال ملفاتها، فنحن شعب واحد وأرض واحدة وقضية واحدة وبالتالي من الطبيعي أن نكون في ظل نظام سياسي واحد له رئاسة واحدة ومرجعية وطنية واحدة متمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية يشارك فيها الجميع وتبنى على أسس ديمقراطية ومجلس تشريعي واحد وحكومة واحدة.
زيارة أوباما وتشكيل الحكومة
وبخصوص التحليلات التي تقول إنه تم تأجيل تشكيل الحكومة لما بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته للمنطقة، قال مشعل: هذا يُسأل للإدارة الأمريكية، ولكن ما يمكن أن نقوله نحن أن المصالحة الفلسطينية ضرورة وطنية وحق طبيعي للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، ولا يحق لأحد في العالم أن يتدخل في هذا الملف، حيث إن هذا شأن وطني فلسطيني غير مسموح لأحد التدخل فيه، فضلا عما يقوم بوضع عراقيل وعقبات واشتراطات أمامه، مشيرا إلى أنه تم التوافق خلال اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير على ضرورة المضي في إنجاز خطوات المصالحة وعدم التأثر بأي مقولات من هذا النوع أو ربط ذلك بزيارات هنا وهناك أو ربطها بجهود أي طرف في استئناف المفاوضات .
وأوضح أن هناك اضطرابا في بعض المواقف الدولية؛ فمرة يعتبرون الانقسام الفلسطيني معطلا لجهود السلام لأنه لا يوجد شريك فلسطيني، وأخرى يقولون إن المصالحة الفلسطينية بمشاركة حماس تعطل جهودهم ويضعون اشتراطات على حماس كشروط الرباعية وغيرها، ما يدل على اضطراب الرؤية والموقف، وهو أمر مرفوض حيث إنه ليس من حق أحد أن يعطل مصالح الشعب الفلسطيني وضرورياته الوطنية، خاصة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل وإنهاء الانقسام من أجل مبادرات سياسية اعتادت المنطقة عليها دون أن يكون من ورائها طائل.
ورحب مشعل بأي جهد أمريكي أو أوروبي أو دولي يسعى لتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه وتحقيق مشروعه الوطني وقيام دولته الفلسطينية الحقيقة على الأرض بسيادة حقيقية، وإنهاء الاحتلال البغيض عن أرضنا، ووقف العربدة الصهيونية المتمثلة في العدوان والقتل والاعتقال والاستيطان والتهويد .
وأشار مشعل إلى أن المشكلة ليست في الطرف الفلسطيني سواء كان في فتح أو حماس وليست في الجانب العربي، بل إن المشكلة في الاحتلال الصهيوني، وبالتالي كل من يريد تغيير المشهد الراهن عليه أن يمارس ضغطا حقيقيا على الاحتلال، خاصة وأن الانتخابات الصهيونية عززت من موقف اليمين الصهيوني وتياراته.
عقبات المصالحة
وحول عقبات تطبيق المصالحة الفلسطينية، أكد مشعل أن هناك عقبات لتحقيق المصالحة، وجزء أساسي من هذه العقبات جاء نتيجة التدخلات الخارجية والسلبية وعلى رأسها التدخلات الصهيونية لإجهاض المصالحة، والاعتقالات المتلاحقة لقيادات حماس ونوابها في المجلس التشريعي في الضفة الغربية خلال الأيام الماضية دليل على ذلك، وكذلك الاشتراطات الدولية و”الفيتو” والضغط على السلطة بقطع المساعدات إذا ذهبت للمصالحة، كل هذه تمثل عقبات أمام إنجاز المصالحة.
وتابع: هناك عقبات فلسطينية أيضا نتيجة طول الأمد على الانقسام والأوضاع السلبية التي ترتبت عليه، مشددا على أن كل ذلك لن يثنينا عن إنجاز المصالحة، واستطرد مشعل: هناك عقبات فعلية، ولكن الإرادة الفلسطينية قوية وجادة خاصة في ظل المناخات الإيجابية التي تحققت في الأسابيع الماضية منذ انتصار المقاومة في غزة على العدو الصهيوني في حربه على القطاع حيث انتصرت المقاومة بشروطها، فضلاً عن خطوة الأخ أبو مازن في الأمم المتحدة، وخطوات التقارب بين فتح وحماس في الضفة والقطاع، إضافة إلى الثقل المصري الكريم الذي يقف خلف المصالحة ممثلاً في الرئيس محمد مرسي والإخوة في المخابرات المصرية.
رئاسة منظمة التحرير
وحول ما نشر عن سعي حماس وخالد مشعل لرئاسة منظمة التحرير، أوضح “أبو الوليد” أن حماس مع المصالحة بكل ملفاتها، وقال إن المنظمة ليست مغانم وإنما حقوق وطنية وضرورات فلسطينية، فنحن نريد أن نحتكم لانتخابات نزيهة وبظروف على الأرض تسمح بإجرائها ويشارك فيها الجميع بحرية، ونريد تشكيل حكومة توافق وطني وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية من خلال انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية للمنظمة يشارك فيها الجميع، بالإضافة إلى إنهاء الممارسات الأمنية على الأرض والتي تعكر الوحدة الوطنية، وإنشاء حالة فلسطينية طبيعية في الضفة والقطاع وتسوية كل ما ترتب على الانقسام من مشكلات من خلال لجنة المصالحة المجتمعية .
وقال: “نحن نريد التعامل مع كل هذه القضايا ونؤدي واجباتنا ونمارس حقوقنا، فهذا هو العدل والمنطق الوطني في التعامل مع ملف المصالحة الفلسطينية، مضيفـًا: نحن نريد أن نكون شركاء معًا في السلطة والمنظمة ومؤسسات القرار الفلسطيني جنبا إلى جنب مع الآخرين، وهذه هي فلسفة حماس ورؤيتها، وعلى الجميع أن يحاسب حماس على ما تفعل، وليس على ما تتهم به الحركة من هنا أو هناك .
زيارة الأردن
وردًّا على سؤال حول الحوار مع الولايات المتحدة وما تردد عن رسالة من حماس إلى أوباما عبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قال مشعل: إن لقاءه مع الملك عبد الله العاهل الأردني كان بناء على دعوة كريمة منه للتشاور حول مجمل ما يجرى في المنطقة وفي مستقبل الوضع الفلسطيني والمصالحة، وللاستماع لرؤية حماس للوضع الراهن، ولمستقبل القضية الفلسطينية، وهذا ما نفعله مع كثير من زعماء المنطقة.
وأكد مشعل أن الحركة لا تقبل بأي اشتراطات عليها، لافتا إلى أنه لا يصح لأي أحد أن يتعامل مع المنطقة العربية والإسلامية من خلال الاشتراطات والضغوط. وتابع: حماس لا تقبل هذا المدخل أو هذا المنطق على الإطلاق؛ فنحن أصحاب حق ولنا قضية عادلة، ومنحازون لمصالح شعبنا وثوابته الوطنية، وفي نفس الوقت عقولنا منفتحة، ومستعدون للحوار مع أي دولة في العالم غير المحتل الصهيوني من أجل إنجاز حقوقنا الوطنية، أما الاشتراطات فهي مدخل مرفوض .
وأكد مشعل أن الشعب الفلسطيني هو الذي لديه مطالب مشروعة ومحددة، وهو الذي يبحث عن أمنه واستقلاله وحريته وتخلصه من الاحتلال ويكون مسؤولا عن دولته وتقرير مصيره وإنجاز مشروعه الوطني، وقال هذا هو النقص في المنطقة اليوم؛ فالشعب الفلسطيني ما زال يعاني ويعيش بعيدا عن أرضه، وبالتالي من يريد أن يغير مشهد المنطقة وتحقيق سلام عادل وحقيقي عليه أن يكون مدخله العدل والإنصاف ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، ومقاومة المحتل الذي عربد في المنطقة بما فيه الكفاية، وهو الذي عطل الجهود الدولية التي كانت تريد إحداث شيء في مسار السلام في المنطقة .
المصالحة إلى أين؟
وعن مدى تفاؤله بإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وطنية منتصف العام الجاري 2013 ؛ قال مشعل: بعيدًا عن مسألة التوقيت هناك جدية حقيقية، ونحن قادرون معا أن نصنع الإنجاز بما يتطلع إليه شعبنا، وفي ضوء كل العوائق والإشكاليات السابقة لا شك أن النجاح في تنفيذ الخطوات على الأرض يحتاج لبعض الوقت وكثير من العزم والإصرار حتى نحقق الإنجازات ونصنع مصالحة حقيقة ونطوي صفحة الانقسام دون رجعة.
وعن الانتخابات الداخلية لرئاسة المكتب السياسي لحركة “حماس” قال “أبو الوليد”: “هذا الموضوع لا أريد مناقشته في الإعلام”.
المصدر : المركز الفلسطيني للإعلام