خسارة معركة الاتحادية
كاد الرئيس وكذلك الشرطة، يخرجان منتصرين من “معركة” الاتحادية الأخيرة.. لم يفصلهما عن هذا النصر إلا أقل من ساعة، حين شاهد العالم كله سحل مواطن مصري عاريًا كما ولدته أمه، أمام مكتب الرئيس!
قبل مشهد السحل.. كان ثمة تعاطف مع “مرسي” ومع “الداخلية”، بدأ في التنامي التدريجي مع كل قنبلة مولوتوف تقذف على قصر الاتحادية.. فيما يتمتع المهاجمون بحرية التنقل والحركة بسهولة ويسر، دون أن تتعرض لهم السلطات الأمنية إلا بخراطيم المياه.. وأدوات فض المظاهرات القانونية.
كان المشهد يمضى نحو تسجيل شهادة الوفاة الرسمية لـ”جبهة الإنقاذ”.. ولعل ذلك كان واضحًا حين طفقت الجبهة تخصف على “سوأتها” من ورق المبادرات التي ألقتها من قبل على أسوار القصر الرئاسي.
الجميع سواء: من “مع”.. ومن “ضد” الرئيس، شعروا بالإهانة.. إذ يظل مرسي ـ بصفته لا لشخصه ـ يمثل “رمزية جماعية” تختصر عندها إرادة ما يقرب من 13 مليون مصري، اختاروه رئيسًا لهم.
قد نختلف مع الرئيس وقد نتفق معه.. وقد ندافع عن بعض سياساته، وقد نقسوا عليه في النقد.. وقد نظل محتفظين بالأمل والتفاؤل بـ”مشروعه السياسي”.. وقد تخيب آمالنا.. قد نفرح باختيارنا له.. وقد نندم.. غير أن هذا كله لا يغير ولا ينقص من حقه على الشعب في أن ينزله منزلته كأول رئيس مدني منتخب ولا يسمح بأن يتعرض لمثل هذا الإهانات التي تتساقط زخات من على الفضائيات وعلى مقر عمله بشكل يؤسس لمنطق “تهييف” المقعد الرئاسي، خدمة للفاشلين الذي أضاعوا فرصًا أفضل بأنانيتهم وانتفاخ إحساسهم بالزعامة الموروثة من عصور القمع والاستبداد والمقابر الجماعية التي ظلت شاهدة على محنة من يحكموننا الآن.
يبدو لي أن سحل المواطن حمادة صابر.. حمل إلى جبهة الإنقاذ “عربة الإسعاف” المجهزة بكل أجهزة غرف “العناية المركزة”.. بما فيها أجهزة التنفس الصناعي بعد أن دخل قادتها مع الدخان المتصاعد من داخل قصر الاتحادية مرحلة “الموت السريري” وبداية الرحلة إلى أسوأ ما يسجله التاريخ من مخازٍ لقادة العمل السياسي.
سحل صابر لم يكن الطوق الذي أقلّ المعارضة إلى الشاطئ، وإنما تحول إلى سلعة لـ”تجار الدم” وعصا المعارضة الغليظة التي ما انفكت تجلد ظهر السلطة بها آناء الليل وأطراف النهار.
لم تغضب المعارضة لهذا المواطن الذي أهدرت كرامته وإذلاله على الهواء مباشرة.. وإنما كانت في قمة سعادتها حين استثمرت جسد عامل المحارة العاري والمنهك والمسحول على الإسفلت، وتسييله إلى “سولار” رخيص لإشعال الحرائق فيما تبقى للنظام من “شرعية” يستر بها ما تآكل من شعبيته.
على قادة المعارضة تقديم آيات الشكر إلى “الشرطة” التي أهدت إليهم مشهد السحل المخزي.. ليخصم من رصيد “الشرعية” ويضيف إلى رصيد دعاة الفوضى وتجار الدم.