مقالات

خواطر في جرح الوطن..

زكريا السادة صحفي يمني
زكريا السادة
صحفي يمني
كثيراً ما يجهد الكتاب في وطني أنفسهم في نثر لا حصر له ، وكثير ما يكتب المثقف هوايته المفضلة على رشفة قهوة أوشاي (لبتون) ، واللاعبون في السياسة على أوراقهم يرسمون الخبز والملح وأفواج من حشود لا تذكر ، السائغ لا يجيد فن تشكيل القطع الذهبية بينما اللص قد يلوك في فمه الماس ويمطه عن أنظار أصحابه ، الكف مفرغ من الدعاء ولم  يبقى سوى انتظار العطاء ولا عجب بين قاصد الثورة وبائع الرق في الساحات ، كم أحن إلى ذلك الوطن القوي في ملامحنا المتهالك في دواخلنا الرصين في حكمنا الثرثار باسم منافقينا ، الجميع له مذهبه في الحب أو البغض أما أنا فمذهبي الحب والبغض معا .
أما الحب فلا تفسير لذلك المعنى وأما البغض فلتلك الوجه المنسوخة من فساد الماضي والحاضر ، أقرب القريب إلى الواقع تنظير مجنون في مداخل تلك الأسواق القابعة تحت أسقف مهترئة ينفذ منها الماء إذا هطل وأنظار من أحتل سيادة أجواء اليمن عندما يقابلك بلكلمتين : (البلاد خاربه ) وكأن له من التنظير والخبرة في الأسهم  ما يكفيه ليحلل تلك الأوضاع الدولية وإن كان الجميع يرددها من العقلاء ، أتذكر زميلي (أمجد) حينما كان يستشهد بحديث شريف يأتي فيه كلمة (الرويبضة) ويطرحها من فطرة سليمة لتلك المتناقضات التي تعج بخواطره ولا أشير تأييداً لمن أعطى رأيه في هذا المقام عن إجتهاد وحسن فطرة دون كبر أو عناد ، وإن كانت الحياة لا تقوم إلا بإثراء الواقع وإشباعه سواء من الغث أو السمين  ، إلا أن واقعنا  يشكوا من تلك الوجوه التي تحرف الكلام عن مواضعه بزخرف القول وتشتري بالوطن ذلاً وهوانا وبطونها ممتلئة بالفساد وجيوبها موصدة بأموال العباد ، ولكي لا نلحق بركب من سبقونا بقصد أو بدونه ، حينها كان المحراب يشكوا الصمت هو الآخر والعزلة توسد الفضول بالفطرة ، فكنت كمن ينتظر هطول الأمطار دون إلقاء البذور في الأرض وتساءلت ما يضيرني إن كتبت عن جروح الوطن فما الشفاء يبدأ إلا من وصفة تلك الطبيب على رشتة علاج .
الكهرباء الماء الغاز لقمة العيش البطالة الصحة وغيرها كثير لم تعد تهمني أو تدور في خاطري فالحس إن عاش مع تلك الجراح أصبح الأمر هين ونحسبها جراح كسابقها نألفها وتألفنا ولم يعد يفزعنا “سميع” إن أطفاء الكهرباء أو “العنسي” إن جفف الدماء أو بن “دغر”  حكاية العنكبوت والثرياء ، ما يدور في خاطري ليس سواء تلك الأيادي التي تصنع الجراح وتعبث باسم النشيد الوطني وتعتلي الكراسي بعد أن جاءت الثورة نذر شؤم عليه لكنا تلونت وتحولت ونالت المناصب والقلادات وباتت تحفر في جسد الوطن غير آبهة بالدماء التي تنزف والعروق التي تجف غاية الأمر ومقصده الانتقام من الوطن بالوطن ، إن راعت المواطن أدرات له ظهر صفحات تكتب بالفساد ويصنعها المفسدون في ما بعد مر حلة التغيير ، ألفنا كل تلك الجراح لأنها توجعنا مباشرة ، لكننا لم نعد نحتمل تلك الحقن المخدرة لغرض سرقة أعضاءنا ، هذا هو واقع من جاءوا بعد الثورة واعتلوا كراسي الحكم (بدقة وبرع جديد) ، ولم يكتف البعض منهم فكأنه الشوكة في الصلاح ضد المفسدين وكأنه قاد التغيير وجاء بشرعية الفساد من جديد .
التنبه لكل تلك الحيل التي خلقت جراح وآلام جديدة في حياة اليمن وتصور الناس الطوفان وهم فيه بعد أن أسند الفاسد شقيقه بعكازين وبات السند له والمتكلم باسمه والداعي إلى رضوانه ، يشد بعضه الآخر لتكوين عصابة يصعب عليه التغيير إن كان ، مشروع كغير المشاريع التوريثية التي حافظت وإن نالت تشبثت وإن لم فالجحيم قصة وعبره ، والخطر في إدارة البلاد من عصابات لا يدرك شفراتها إلا القوى المتنافسة التي هي في صراع دائم وتسابق وتزاحم على ثروات الشعب وما بقى من ماء وجهه في كل المحافل ، فإن وجود الفساد بشره ونهم في الآونة الأخيرة أوجد مضمار صراع وتسابق على استغلال المال العام وإن كان الكثير من أصحاب الأيادي السوداء في دفة الحكم فهذا امتياز آخر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى