مقالات

دخان المؤامرات الأسود في تونس الخضراء

بعد وقت قصير من الهدوء ووسط محاولات مضنية من الإسلاميين من أجل لم الشمل بين مختلف الفرقاء السياسيين دخلت تونس في خضم الاحداث الملتهبة وانتشر الدخان الاسود في ربوع تونس الخضراء المزهرة التي كانت الشعاع الاول في نور الربيع العربي ضد الظلم والتسلط والطغيان, وقام العلمانيون في تونس بنفس المخططات التي يقوم بها “اخوانهم” في مصر..

وتونس هي التي فتحت الباب واسعا أمام الشعوب العربية لتتنفس الصعداء واستطاعت أن تنتصر على واحد من أخطر الأنظمة البوليسية التي عرفها العالم العربي وهرب بن علي بعد أيام قليلة من انتفاضة الشعب وكالعادة فاز الإسلاميون بثقة الشعب التونسي رغم أنهم غابوا عشرات السنين عن الساحة السياسية بفعل الاضطهاد والمطاردة ولم يتباهى الإسلاميون بانتصارهم وأعلنوا أنهم سيتعاونون مع الجميع لخدمة البلاد ووضعها في مكانة عالية وفتحوا أذرعهم للقوى السياسية المختلفة ورشحوا أحد قادتها للرئاسة وشكلوا حكومة ائتلافية مع حزبه وتوافقوا على بنود الدستور الجديد مع بقية الاحزاب ونحوا الكثير من الخلافات جانبا..

ولكن هل رضي الآخرون؟! لقد تصيدت القوى العلمانية وعلى رأسها القوى اليسارية التي تنتابها حساسية شديدة تجاه كل ما هو إسلامي مهما كان معتدلا ومتفقا مع ما تريده الشعوب, تصيدت هذه القوى الاخطاء واستغلت الاوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد نتيجة للثورة وما تبعها من فترة انتقالية وقامت بحشد الغاضبين من العمال والموظفين لتنفيذ إضرابات واعتصامات ومظاهرات لم يكن العنف بعيدا عنها من أجل إفشال الحكومة وتوريطها في الصدام مع فئات الشعب التي تطالب بحقوق لها تحتاج إلى وقت وجهد واستقرار من أجل توفيرها…لقد تطورت الاحداث سريعا في تونس بعد مقتل أحد المعارضين اليساريين واتهام الإسلاميين بالتورط في ذلك من أجل تشويه سمعتهم وهو نفس السيناريو الذي يحدث في مصر الآن..

واستغلت المعارضة حادثة الاغتيال لكي تكيل الاتهامات للإسلاميين وتتهمهم بالتطرف والعنف ..لقد أثبتت التجربة التي تمر بها البلاد العربية التي استعادت حريتها أن المنظومة العلمانية تسير على نفس النهج وتستخدم نفس الاساليب القمعية التي كانت تستخدمها الانظمة المستبدة وأنه لا فارق بين الفريقين في التعامل مع الشعوب وخياراتها ..المؤامرات تتوالى من جانب العلمانيين من أجل تنحية الإسلاميين عن السلطة ولو بالقوة والاستعانة بالخارج وتحريض الجيش أصبحت من الأمور المباحة والغاية عند هؤلاء تبرر الوسيلة في تدهور أخلاقي منقطع النظير..

الخطير في الأمر أن الإسلاميين حتى الآن لم يقوموا بأي خطوات من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية ومع ذلك يتعرضون لحرب شعواء من الداخل والخارج فهل هذه الحرب استباقية لتخويفهم وتخويف الشعوب التي اختارتهم إذا أرادوا ذلك؟ أم أن القضية رغبة في السلطة والحكم ولو انهارت الأوطان؟..التطرف العلماني في تونس ينذر بخطر شديد على البلاد خصوصا مع استفزاز فرنسا للإسلاميين بتصريحات تشير إلى تدخل وميل للأطراف العلمانية المتورطة في إشعال العنف من أجل إسقاط حكومة النهضة…

رئيس الحكومة التونسية التابع لحركة النهضة استسلم للضغوط من أجل تهدئة الأوضاع ولكن هل سيرضي ذلك العلمانيون أم هي خطوة من أجل الانقلاب على الشرعية والانقضاض على كرسي السلطة؟ إن الصدامات التي تفتعلها القوى العلمانية في دول الربيع العربي أفضل رسالة سلبية يمكن إرسالها للشعوب التي تطمح نحو الحرية وافضل هدية للأنظمة القمعية لتستمر في ممارساتها فيا ترى هل الأمر مجرد مصادفة أم هو مع سبق الإصرار؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى