مقالات

رسائل مهرجان عدن

ناصــر يــحي

لأن الانفصال بدون عدن لا يساوي «بصلة»؛ فقد كان طبيعيا أن تنفجر خساسة الحنشان غضباً من تنظيم مهرجان في عدن لا يهلل للانفصال، ولا يرفع رايات التصالح والتسامح فوق جماجم ضحاياه (السابقين خاصة)، ولا يبكي من الإقصاء والتهميش بدموع أساطين التهميش والإقصاء في الجنوب!

 

في مهرجان عدن رسائل يمكن قراءتها بسهولة لغير الأميين التاريخيين من تيار العنف والقتل:

– إن الجنوب ليس كله مع دعوات الانفصال، ولا يحق لأحد أن يدعو للانفصال نيابة عن جزء من شعب فضلا عن شعب موحد: ديناً، وهوية، وأرضاً، ولغةً، وتقاليد وعادات.

 

– لا أحد في الدنيا كلها يقبل أن يتفتت وطنه الواحد وينقسم شعبه الواحد من أجل شلّة ساسة وعسكريين أكل الدهر عليهم وشرب، وخرجوا من نطاق التاريخ بأخطائهم وجرائمهم بحق الجنوب، والآن يريدون أن يعيدوا تاريخ طغيانهم بالبلطجة، وإعادة انتاج دورات العنف ليفرضوا حكمهم من جديد!

 

– الماضي القبيح لأنظمة الحكم في الجنوب يطل من وجوه قيادات الحراك الانفصالي المسلّح: الوجوه نفسها، الأسماء ذاتها، العنف الثوري الأعمى بحذافيره، الأكاذيب والتضليل: هي .. هي، و شعار: لا صوت يعلو فوق صوت الانفصال يؤكد أن شلة الجوع للسلطة لم تتغيّر، وما زالت تحمل جينات العنف في داخلها!

 

– من السهل الحديث عن مواطنين يتم إحضارهم من الشمال، لكن ليس من السهل استغفال شعبنا في الجنوب بهذه الحكاية؛ فهؤلاء هم الذين عرفوا حقيقة الأنظمة القديمة من اليوم الأول، وقاوموها بالسلبية في مواجهة القوّة، وبالنكتة في مواجهة الأكاذيب، وفي مواجهة مؤامرة إعادة شياطين الماضي المتخفين وراء أقنعة الزيف يقولون في عدن بلسان الحال أبياتا للشاعر نزار قباني:

أيظن أني لعبة بين يديه

أنا لا أفكر في الرجوع إليه

اليوم عاد كأن شيئاً لم يكن

وبراءة الأطفال في عينيه!

 

-اهتمت القنوات الفضائية المحلية بنقل وقائع مهرجان عدن مباشرة إلا قناة الرئيس السابق وأفراد عائلته؛ لأنهم يعرفون مغزى الاحتفال بهذا اليوم ليس لمجيء رئيس جديد ولكن لرحيل رئيس دائم.. أو كان يظن أنه رئيس دائم، وإن اضطر يوما لتسليم الرئاسة فلم يخطر بباله أنه يسلمها إلا ليدٍ آمنة.. وآمنة هذه هو الاسم الكودي لابنه البكر!

 

واأسفاه على الذين بخلوا بخبر عن مهرجان شارك فيه مئات الآلاف من الجنوبيين؛ ليس كراهية في علي صالح ولكن كُرها في أن يسمعوا هتافات للوحدة بحناجر جنوبية وفي قلب عدن!

 

عنف الحراك الانفصالي المسلح ليس كله شر؛ فهو خير في الحقيقة، ويكشف لأبناء الجنوب الحقيقة الإجرامية لهؤلاء الذين يعملون لاستعادة حكمهم هم وليس حكم الشعب، ودولتهم هم وليس دولة الشعب!

 

ودون أن يدري دعاة العنف؛ فإن عنفهم وحقدهم ضد معارضيهم السلميين سوف يجعل الناس المحايدين في الجنوب يتذكرون الماضي، ويقارنون بين دعوة سلمية وبين عنف وأحقاد.. وفي الأخير، فسوف تتخلق للوحدة شعبية تزداد صلابة بقدر وقاحة دعاة الانفصال المسلح!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى