مقالات
رسالة خاصة إلى أبناء المذهب الزيدي
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذه رسالة خاصة أو جهها إلى أبناء المذهب الزيدي من أبناء اليمن، الذين يشاركوننا الوطن أرضا وسماء، ألما وأملا، والذين بتنا وإياهم نسبا وصهرا، صحبة وجيرة، أخوالا وأعماما، كما أمر الله تعالى بوصفه المؤمنين بأنهم ((إخوة))، فأناط الأخوة بالإيمان الذي هو القاسم المشترك بين جميع المسلمين، لهذا ترجم الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا الوصف بقوله: (المسلم أخو المسلم). فالأخوة في الإسلام نشأت قبل نشوء المذاهب والفرق، فحيثما كان الإيمان والإسلام كان أمر الله ورسوله بالأخوة.
هذه هي ثقافة القرآن الكريم، وهي ثقافة الرسول الحبيب –عليه الصلاة والسلام، وثقافة آل البيت –رضوان الله عليهم، وقد ناسبوا وصاهروا من جميع قبائل العرب وبطونها، بل ومن العجم كذلك. فانتشرت أنسابهم وأصبحوا في كل أرض وداخل كل مجتمع محاطين بالمحبة والمودة. وهم اليوم في كل الفرق والمذاهب، فمنهم الشافعية والمالكية والأحناف والحنابلة، ومنهم السنة والشيعة والنواصب، ومنهم من بقى على الإسلام ومنهم من تنكر له وذهب يتلقف أفكارا إلحادية وكفرية، أو تلبس بكل أنواع الفساد والمعاصي. وهذا أمر لا ينكره من له معرفة بأحوال آل البيت في شرق الأرض وغربها.
وعلى هذا الأساس أوجه خطابي إلى إخواني في المذهب الزيدي..
بنداء الإسلام والإيمان، بروابط الأخوة والقربى والجيرة، بنداء الشرع والعقل والخلق..
إخواننا إن ما يجري على يد الحوثيين في اليمن عموما، وصعدة خصوصا، هو أمر لا يخفى عليكم كونه بات أمرا واضحا وملموسا، ويقر كل من له صدق مع الله ومع نفسه بأنه ظلم وفساد وإجرام تجاوز حدود المذهب الزيدي وما ينادي به من عدل وديانة وأمانة وتأس بأخلاق آل بيت الرسول –صلى الله عليه وسلم.
فالقتل والتعذيب والشتم والسب والطعن في موروث المسلمين الفقهي بكل طوائفه، وفي تاريخهم السياسي والجهادي، وفي رموزهم الشرعية بدءا من أصحاب الرسول –عليه الصلاة والسلام- وزوجاته إلى عصرنا الحديث… جميعها أمور منكرة وعظيمة، ولا تخدم الإسلام كدين ولا المسلمين كأمة ولا اليمنيسن كمجتمع ولا اليمن كوطن.
إن هذا التأجيج الطائفي خارج حدود العقل والإنصاف والأخلاق، والفجور في الخصومة مع كل مخالف، والإرهاب بالسلاح والقتل، والتحالف مع المفسدين في الأرض من طغاة ومجرمين وناهبي أموال ومرتزقة وعديمي الشرف والدين… لن يخدم حاضرنا فضلا عن مستقبلنا.
إخواني في المذهب الزيدي..
إن ما يتم اليوم من هذه الأمور يأتي تحت أجندات خاصة وبدعم قوى لا تؤمن بالزيدية مذهبا إسلاميا، ولا بالشعب اليمني كشعب مسلم، وغالبا ما يتخذ هذا المشروع الطائفي غطاء الزيدية لزرع الفرقة وبثها، وتأجيج الصراع واستثماره.
وإنكم اليوم بما تمثلونه من علماء حملة للشريعة، ومن قضاة وفقهاء، ومن رموز أكاديمية ونخب مثقفة، ومن وجاهات اجتماعية وسياسية، أمام مسئولية تاريخية أمام الله أولا، وأمام الأمة الإسلامية ثانيا، وأمام اليمنيون الذين تربطهم بكم روابط القربى والرحم والجوار والصحبة و(العيش والملح) كما يقال في الأعراف!
وكلمتكم اليوم لها ما بعدها، لتشهدوا بالحق وتقفوا أمام هذا الظلم الذي يتوحش ليكمم أفواه كل من يخالفه، ويطغى على المشهد ليستبد بالفكر والفقه والخطاب الديني والسياسي، فإنكم بذلك حقيقة تجددون انتماءكم لثقافة القرآن الكريم وأخلاق آل البيت -عليهم السلام، الذين كانوا يقفون عبر التاريخ ناصرين للمظلوم ورادعين للظالم ومجاهدين بسنانهم ولسانهم الفساد والإجرام.
فأعيدوا لمذهبكم وضاءته ولسيرتكم عطرها وكونوا كما قال الله ((أنصار الله))، وليس أنصار ظالم ولو انتسب إليكم برحم أو مذهب. وقد قال سيد الخلق محمد: (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
وكلنا ثقة في أن هذا المذهب الثري بموروثه الفقهي والأخلاق والوعظي لن يعجز عن إخراج قوالين بالحق قائمين بالقسط.. فإن الشجرة الطيبة لا ينقطع ثمرها على مر العصور.
والله غالب على أمره!