تقارير ومقابلات

سقوط عمران ومستقبل حزب الإصلاح في اليمن

 

عناصر من مليشيات الحوثي المتمردة
عناصر من مليشيات الحوثي المتمردة

الكاتب: تشارلز ستشيمز

المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية ترجمة خاصة من الدائرة السياسية – حزب الرشاد

 

بينما يتجه اهتمام العالم إلى الانتصارات التي يحققها تنظيم الدولة الإسلامية, يغفل البعض عن تحركات الحوثيين في اليمن والتقدم المسلح الذي يحرزوه في محافظة عمران وسيطرتهم على عاصمة المحافظة. يعتبر سقوط عمران بالغ الأهمية السياسية: حيث تم طرد أسرة آل الأحمر من قيادة اتحاد قبائل حاشد، وأن عمران تعتبر العمود السياسي للجمهورية اليمنية منذ 1962م، والتهديد ببقاء حزب الإصلاح.

 

و اثناء محاولتهم للسيطرة على عمران قام الحوثيون بتدمير اللواء 310 مدرع و الذي كان موالياً للواء علي محسن, الذي كان مقرباً من أسرة الأحمر وقيادة الإخوان المسلمين, وبمثابة أساس حزب الإصلاح. أضاء سقوط عمران لنا ما يبدو أنه تواطؤ من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي. فمنذ شهر يناير, أحرز المقاتلون الحوثيون تقدماً على الأرض وذلك إما بشراء أو بإكراه الحلفاء الجدد من القبائل أو بهزيمة وحدات عسكرية وأيضاً قيامهم باستراتيجية استغلال الفترة الانتقالية في اليمن.

 

 وتعتبر الحركة الحوثية جزءاً من مؤتمر الحوار الوطني. و لأكثر من 6 أشهر شن المقاتلون الحوثيون العديد من الهجمات في الإقليم الجديد, وفي كل مرة يقوم الرئيس هادي بإرسال وفداً للتفاوض معهم على التسوية ويتم استغلالها من قبل الحوثيين في إحراز مزيد من التقدم للسيطرة على شمال اليمن.

 

ودائماً ما يظهر الرئيس هادي بأنه يسمح للحوثيين بالمضي قدماً لإلحاق الضرر بحزب الإصلاح و الذي يمتلك الحصة الأكبر في المشد السياسي في اليمن. و قد صرح عبد الوهاب الآنسي، الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح، أن تقدم الحوثي يرجع إما إلى عجز الجيش في عهد الرئيس هادي أو الخيانة (نقلاً عن المصدر أونلاين). وذكر عدد من المراقبين أن الجيش اليمني مليء بالانقسامات الداخلية ومن المستحيل الحفاظ على هيكل قيادة متماسك. ومع ذلك، فإن أحداث الساعات الأخيرة من سقوط عمران لا تشير فقط إلى فوضى أو عجز المؤسسة العسكرية بل تعتبر تحولاً مقصوداً ومخططاً لها داخل الجيش اليمني والسلطة السياسية.

 

 و على مدار عدة أسابيع شن الحوثيون حروباً ضد الجيش اليمني وعدد من رجال القبائل، ممن ينتمون–– إلى التجمع اليمني للإصلاح، في جميع أنحاء عمران من أجل السيطرة على المداخل الرئيسية للمدينة.

 

 و دائماً ما يسعى هادي إلى إرسال لجنة وساطة لوقف إطلاق النار واحدة تلو الأخرى، والتي دائماً ما يتم انتهاكها من قبل مقاتلي الحوثي والتي من شأنها أن تتيح المجال للمقاتلين الحوثيين في إحراز تقدم عسكري.

 

و في الثامن من يوليو عام 2014م، عزم الجيش على القيام بعملية واسعة لتطهير المدينة من مسلحي الحوثي، وفي الوقت نفسه كان عدد من مسؤولين أمنيين أرسلهم الرئيس هادي لإجراء التفاوض مع قيادة الحوثي للتوسط لوقف إطلاق النار مرة أخرى.

 

قد توصلوا إلى اتفاق لوقف القتال وتسليم القاعدة العسكرية الرئيسية في عمران إلى وحدات الشرطة حتى تأتي وحدة عسكرية جديدة يمكن أن تحل محل الوحدة الحالية. تم تحقيق ما سعى إليه الحوثيون، من إزالة الوحدات العسكرية اليمنية المتحالفة مع التجمع اليمني للإصلاح. تم إعطاء الأوامر لعودة التعزيزات القادمة من صنعاء إلى ثكناتها، وداخل عمران، أعطى اللواء القشيبي الأوامر إلى رجاله بالانسحاب. ولكن الحوثيين انتهزوا فرصة وقف إطلاق النار وشنوا هجوماً على المدينة. وعلى ما يبدو، وبمساعدة قبائل حاشد ممن هم متحالفون مع الرئيس السابق صالح، هجم المقاتلون الحوثيون على مقر اللواء 310 وقاموا بقتل اللواء القشيبي والذي كان مقرباً من علي محسن (نقلاً عن المصدر أونلاين).

 

وجاء مقتل اللواء القشيبي انتقاماً لمقتل حسين الحوثي قبل عدة سنوات، شقيق زعيم الحوثيين، عبد الملك، ورسالة صارخة لعلي محسن أن المسلحين الحوثيين كانوا مجموعة سهلة المنال. وتزعم قيادة الحوثي أن هجومها ليس ضد الجيش اليمني والدولة، ولكن ضد العناصر التي تعمل لأجندة حزبية بدلاً من المصالح الوطنية.

 

 وهي إشارة ضمنية إلى أنصار التجمع اليمني للإصلاح، والتي ترى قيادة الحوثي أنهم يمثلون العدو الرئيسي في المناطق الشمالية, وأن قيادة الحوثي ليست مستعدة للسيطرة على عمران، والتي تسيطر على الكثير من مناطق شمال اليمن، وأن المقاتلين الحوثيين قد تراجعوا بعد عدة أيام من دخول المدينة. ودائماً ما يمضي الرئيس هادي بالقول بأنه ليس لأي جماعة الحق للجوء الى السلاح لأن الدولة اليمنية الجديدة تتيح لكل اليمنيين من تحقيق أهدافهم من خلال عملية سياسية سلمية.

 

 كلمات هادي هي موجه إلى حركة الحوثي والقاعدة، بالرغم من أن لاوجود لتنظيم القاعدة في أماكن يوجد بها أنصار الله، تنظيم الحوثي. وعلى الرغم من تلك الأحداث، لا يبدو الرئيس هادي مستاءً جداً من انهيار قيادة الأحمر لحاشد وتبعاتها على الوحدات العسكرية الموالية لعلي محسن، وما لا يمكن فهمه، استطاعة مقاتلي الحوثي من مغادرة عمران مع الأسلحة التي استولوا عليها من اللواء دون أي مقاومة.

 

و قد قام الرئيس هادي بجولة في المدينة مع عدد كبير من مجلس الوزراء، واعداً بإعادة إعمار البنية التحتية واستعادة مؤسسات الدولة، وكأنه يقول “إن كل شيء على ما يرام الآن”. وفي الوقت نفسه في صنعاء، ترأس علي محسن وصول جثمان القشيبي ومراسيم دفنه. في حين غاب الرئيس هادي عن تلك المراسيم، على الرغم من أن القشيبي كان يخدم في الجيش لفترة طويلة، وكان قائداً عسكرياً رفيع المستوى. ما هو واضح هو أن حزب التجمع اليمني للإصلاح، والذي كان يستعد للفوز بمنصب القيادة بعد المرحلة الانتقالية في اليمن، أصبح يكافح الآن من أجل البقاء.

 

وما هو غريب جداً حول هذه الأحداث هو أن الإصلاح كان، في نواح كثيرة، مصدر النفوذ السعودي في اليمن. وأن العوامل التي ساعدت في تأسيس حزب الإصلاح هي سعي السعودية لنشر المذهب الوهابي في اليمن ومحاربة السعودية للشيوعية في شبه الجزيرة العربية في السبعينات و الثمانينات.

 

 ومع بداية الألفية الثالثة كان التجمع اليمني للإصلاح يمثل الجبهة الأمامية للسعودية ضد حركة الحوثي حيث رأى السعوديون أن الحركة تمثل حزب الله جديداً، وأن الجيش الإيراني والقوى السياسة في إيران تسعى إلى أن يكون لها موضع قدم من الباب الخلفي للمملكة العربية السعودية.

 وفجأة، وضعت المملكة العربية السعودية الإصلاح على قائمة المنظمات الإرهابية: حيث يحتوي حزب الإصلاح على عنصر من جماعة الإخوان المسلمين ممن تراهم السعودية العدو الأول في المنطقة، وقيام الرئيس هادي المدعوم من الولايات المتحدة بالسماح للحوثيين المدعومين من إيران من إحراز مكاسب عسكرية وسياسية في عمران، وأن المبادرة الخليجية التي جنبت النخب اليمنية ويلات الحرب الأهلية في عام 2011م هي من أعطت الإصلاح دوراً أكبر بكثير في حكم البلاد.

 

 وفي عام 2012م، ومع بدء العمل بالمبادرة الخليجية، كانت الحكومة الانتقالية نصفها للإصلاح والنصف الآخر للمؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق صالح. تشير الأحداث العسكرية في محافظة عمران إلى أن ميزان القوى على الأرض في اليمن يتحول، والسياسة الإقليمية والمخاوف السعودية والأمريكية من القاعدة والأيدي الإيرانية في اليمن، يبدو أيضاً أنه تحول. ويبدو أن الإصلاح هو الخاسر في الخلط الحالي للعبة السياسية، إلا أن الفائزين الجدد لم تظهر وجوههم بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى