مقالات

على مائدة الطوفان

الرشادبرس_ مقالات

مقال /احمد عبدالملك المقرمي

التف الجميع ــ محب و مبغض ــ حول مائدة الطوفان ! دول وحكومات، شعوب ومجتمعات، عسكريون ومدنيون، أحزاب وجماعات، كتّاب وشعراء، صحف وقنوات، أعداء واصدقاء، آحاد وزرافات، رجال ونساء ..!!

كل هذه الشرائح والفئات ممن ذكرنا، ومن لم نذكر جثواعلى ركبهم جميعا حول مائدة الطوفان ؛ يتعلمون ،يتساءلون ،يستفسرون ، يُخمّنون، يستنتجون ، يؤيدون ، ينتقدون ، يمتدحون، يتهمون ، يضربون أخماسا بأسداس؛ ليدركوا شيئا، أويحلوا لغزا، أوليعرفوا أسرار معجزة يقف العالم أمامها ــ حتى اليوم ــ بين منبهر منها، ومعجب بها، وآخرون يتمزقون حسرة وغيظا.

وهناك من راحوا ينظرون إليها وهم لا يبصرون ! فآثروا الصمت والتناوم، والمتابعة بتلَصُّص من وراء ستار ، مصابون بالدهشة والخيبة والغيرة !واحسرتاه إن لم يكونوا ممن يريد أن يتّعظ ، ويتعلم ..!!

 مر عام، وشهر بعده، وأيام أُخر، والمشاهد الأسطورية في الصمود، والثبات والاستمرار تُلْهِم الأبــــرار، وتغيظ الفجار ! وحتى أولئك الذين جعلوا أنفسهم موتى سيستفيدون من المـائدة المُلهِمة ؛ لوبدلوا غفوتهم يقـظة، وتخفّيهم حضـورا ، وتلجلجهم فصاحة ! لكن .. من يقنع الدجاجة ؟!!

مر عـام ، وشــهر بعده ، وايـام تلت ، وثوابت الانحطاط الأخلاقي، والهمجية والوحشية، تتجلى بأبشع الصور، وأنذل المواقف مما يمارسه الكيان اللقيط، ومن يقف وراءه.

 ثلاثة عشر شهرا ، وأيام أُخـر .. كانت كفيلة منذ البـــداية بكشـــف أكاذيب ، ودجل دول و حكومات ، ونخب سياسية ، وأدعيـاء في عواصـم استعمــارية ، زعموا أنهم أوصياء على حقوق الإنسان ، بل نصبوا أنفسهم حماة لحقوق الإنسان ، فماهو إلا أن جاء الطوفان ،حتى أظهر للعالم حقيقتهم ، وأنهم إنما كانوا يتسترون زورا وكذبا خلف شعارات حقوق الإنسان !

وطوال ثلاثة عشر شهرا وأيام معدودات كان الطوفان يُعَرّي كذبهم و زيفهم، ونفاقهم على مدار الساعة، واليوم.

فهل لايزال هناك من يصدق أن تلك العواصم الاستعمارية المــاكرة، هي من تتبنى حقــــــوق الإنســان؟ كلا ! وألف ألف مليون كلا ..!!

 تعلمت الشعوب ــ اليوم ــ من مائدة الطوفان؛ أن إرادة الشعوب أقوى من آلة الهمجية، وأقوى من كيانات العصابات.

 تعلمت الشعوب من مائدة الطوفان أن المجتمع الذي يحمل مبدأ وقضية عادلة، أقوى من أسلحة الدمار، وإن تعددت دوله وحكوماته، وعصاباته.

تعلمت الشعوب من مائدة الطوفان أن المجتمع الحر ، وفي زمن العبودية الجديدة لا يركن ــ بعد الله ــ إلا على نفسه.

 تعلمت الشـــعوب من مـائدة الطوفــــــان أن مجتمع الثبات والصمود، لا بد له من فكرة يحملها ورسالة يعيش لها و يتربى على عقيدتها.

لقد آمنت الشعوب الحرة أن الفكرة لا تنهزم، وأن العقيدة خير زاد ، و أن الإيمان يصنع المعجزات ، وعلمت ــ قبل كل ذلك أن الله ــ ناصر المؤمنين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى