محلية

اليمن: استمرار اعتقال السيد محمد مثنى العماري تعسفيا منذ الثورة

العماري

الرشاد برس

خاطبت الكرامة في 21 فبراير 2013 آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بشأن قضية محمد مثنى العماري، الذي شارك كآلاف اليمنيين في احتجاجات 2011 التي أطاحت بالرئيس علي صالح. وأوضحت الكرامة أن السيد العماري البالغ من العمر 34 سنة، اختطف بصنعاء من الشارع العام من قبل مجموعة من الرجال المسلحين، ليختفي لأشهر قبل أن يقدم لمحكمة استثنائية في 19 أكتوبر 2012، أصدرت في حقه حكما بالسجن سنتين. وأشارت أنه رغم مضي ثلاث سنوات على الثورة اليمنية وإنهائه لعقوبته لا زال السيد محمد معتقلا بسجن صنعاء السياسي

العقوبة للمحتجين، والحصانة للموالين
إثر اندلاع الاحتجاجات في يناير 2011 المناهضة لحكم علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد 33 سنة، اعتقلت قوات الأمن اليمنية الآلاف من المحتجين والمعارضين. ورغم هذه الحملة القمعية، اضطر الرئيس علي صالح إلى ترك منصبه، بعد اتفاق الرياض في 23 نوفمبر 2011، وموافقة البرلمان اليمني 21 يناير 2012 على منحه وكل الذين تعاونوا معه الحصانة وعدم المتابعة على الجرائم السياسة التي ارتكبت طيلة فترة حكمه.

قررت الحكومة الانتقالية، التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي انتخب في 21 فبراير 2012 الإفراج عن كل المعتقلين تعسفيا، إلا أن الأجهزة الأمنية بما فيها الحرس الجمهوري، والأمن السياسي والأمن القومي التي يسطر عليها أقارب علي صالح وموالون له، استمرت في الاعتقالات خارج أي إطار قانوني.

مسلحون يقبضون على محمد مثنى العماري
ألقي القبض على السيد محمد العماري ظهيرة الاثنين 5 ديسمبر 2011، من طرف مجموعة من الرجال المسلحين بزي مدني، بينما كان برفقة زوجته وطفله يسيرون في الشارع العام في طريق عودتهم إلى منزلهم الكائن بالقرب من مقر جهاز الأمن السياسي بالعاصمة صنعاء، رموه في سيارة تحمل أرقاما مدنية وتوجهوا به إلى داخل المقر.
قصدت زوجته في اليوم التالي  مقر الأمن السياسي، وسألت عنه، لكنهم أنكروا وجوده تماماً، ونصحوها بالذهاب إلى جهاز الأمن القومي، الشئ الذي قامت به لتلقى نفس الرد.

في 15 ديسمبر 2011، تفاجأت أسرة العماري بنشر صورته في الصفحة الأولى من صحيفة الثورة الحكومية كأحد ستة “إرهابيين مزعومين” من القاعدة، وذكرت الصحيفة على لسان مسؤول حكومي أنهم مسلحون خطرون قبضت عليهم السلطات. ذهبت أسرة العماري في اليوم التالي للأمن السياسي للاستفسار عنه، لكنها واجهت إنكار المسئولين مرة أخرى.
في 11 فبراير 2012، اتصل مسؤول من الأمن السياسي بزوجته ليخبرها بوجوده لديهم، موضحا أنه سيسمح لها بزيارته قريبا. انتظرت أياماً أن يتصلوا بها لكن دون جدوى. توجهت من جديد في 23 فبراير، بعد يومين من انتخاب الرئيس هادي، لينكروا مرة أخرى تواجده لديهم.

لم يسمح لأسرة العماري بزيارته في محبسه بمركز الاعتقال التابع لجهاز الأمن السياسي بصنعاء، إلا في 6 يونيو 2012، بعدما ساءت حالته الصحية والنفسية للغاية بسبب آثار عملية جراحية كان أجراها في وقت سابق، فضلاً عن معاناته جراء مدة الإخفاء القسري الطويلة.

تعذيب أثناء الاعتقال
تعرض السيد العماري خلال الأشهر الأولى من سجنه بمركز الاعتقال التابع للأمن السياسي للتعذيب. كان يعلق مقلوبا لساعات ويضرب على قدميه وبقية أنحاء جسده إضافة إلى حرمانه من زيارات اسرته.

محاكمة جائرة
لم يعرض السيد العماري على أية هيئة قضائية منذ القبض عليه إلى غاية تقديمه للمحاكمة في أكتوبر 2012، وظل طيلة هذه المدة معتقلا بمعزل عن العالم لدى الأمن السياسي.
أخفقت المحكمة الجزائية ، ثلاث مرات في عقد أولى جلسات المحاكمة، بسبب رفض سلطات الاعتقال (الأمن السياسي) إحضاره إلى المحكمة، وهو ما دفع محاميه إلى تقديم شكوى إلى النيابة يطالب فيها بإلزام مصالح الأمن السياسي احترام توجيهات القضاء ومواعيد التقاضي، لأن تجاهل المصالح الأمنية لأوامر القضاء يطيل الإجراءات ويزيد من عذاب السيد العماري الذي يجعل إلى ذلك الحين أسباب الاعتقاله. كما طالب بنقل موكله إلى السجن المركزي، باعتبار أن حجز الأمن السياسي خارج سلطة قانون تنظيم السجون.

في مطلع سبتمبر 2012، قررت النيابة الجزائية المتخصصة في قضايا “الإرهاب وأمن الدولة”، إحالة العماري على المحكمة الجزائية بتهمة ” الانتماء للقاعدة” و” الاشتراك في عصابة مسلحة للقيام بمهاجمة منشآت عسكرية وأمنية ومصالح ومؤسسات حكومية وأجنبية”.

لم يقدم الادعاء أية أدلة أو قرائن تؤكد صحة الاتهامات الموجهة إليه، ورغم ذلك أصدرت المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة في 19 أكتوبر في حقه حكما بالسجن سنتين، يبدأ من تأريخ القبض عليه.
وأوضحت الكرامة لآليات الأمم المتحدة أن اعتقاله في السر طيلة 6 أشهر، وغياب أدلة مادية تؤكد الاتهامات الموجهة إليه انتهكت “قرينة البراءة، وتدخل الجهاز الأمني في القضاء أظهر جليا فشل السلطات اليمنية في ضمان محاكمة عادلة للضحية.

استأنف محامي الحكم، وقدم عريضة طعن في الحكم تضمنت التأكيد على “بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفته للمبادئ العامة في الإثبات، لانعدام الدليل الشرعي والقانوني في إثبات صحة ما انتهى إليه الحكم، وما نسب إلى المتهم في مسمى قرار الاتهام”، غير أن محكمة الاستئناف التي وافقت على قبول الطعن شكلاً رفضته موضوعاً، وعزت الرفض إلى أن الجدل يدور حول موضوع الدليل الذي قالت المحكمة إنه “يخضع لتقدير وسلطة قاضي الموضوع تحت رقابة الله ورقابة ضميره ووجدانه..!”، وعليه أيدت هيئة الاستئناف الحكم الابتدائي في ما يتعلق بعقوبة الحبس عامين التي انتهت في 5 ديسمبر 2013، لكن السيد العماري لا زال معتقلا ويجهل لحد الساعة متى سيفرج الأمن السياسي عنه.

ويبدو جليا ان ممارسة العماري لحريته في التعبير والتجمع المعترف بعا عالميا هي السبب وراء اعتقاله ، وهذه القضية ليست إلا نموذجا لحالات عديدة اعتقلت فيها قوات الأمن أثناء المرحلة الانتقالية، المحتجين في ظروف مماثلة وأودعتهم المعتقل لأيام أو لأسابع أو أشهر دون أية إجراءات قانونية.
ودعت الكرامة آليات الأمم المتحدة إلى التدخل لدى السلطات اليمنية ومطالبتها بالإفراج الفوري عن السيد العماري لغياب أيةقاعدة قانونية تسمح بالاستمرار في

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى