مقالات

ما وراء الغطاء الامريكى الجوى للحوثيين

 

قلمطلعت رميح

وقع الخبر كالصاعقه على رؤوس البعض .”طائرات الدرون الامريكية تغطى تقدما لميلشيات الحوثي بمنطقة راداع ينتج عنه مقتل عشرة من انصار الشريعه وابناء القبائل” .وقع الخبر كالصاعقة وما كان يجب ،اذ طائرات الدرون تقتل فى اليمن منذ سنوات بموافقة المخلوع (صالح ) ثم المنصب (هادى) ،ولا فرق بين هذا وذاك ،اذ عندما ياتى الحديث عن العلاقات مع امريكا لا فروق تذكر بين الذاهبين بعد ان جرت الثورات ضدهم ،ومن اتوا بعدها، اذا كان التنصيب قد تم وفق تسويات ،كانت امريكا طرفا فيها ،او كانت مهيمنة عليها بالاحرى.وما كان لاحد ان يفاجا ،اذ طائرات سلاح الجو الامريكى بمختلف تشكيلاتها–وليس طائرات الاعدام بدون محاكمة فقط –تعمل كسلاح جو للميليشيات الايرانية فى العراق ،تقصف فتمهد لها الارض للتقدم وتغطى حركتها عند التراجع .وهل من فرق بين ميلشيات الحوثى وميلشيات بدر والصدر والبطاط وفيلق القدس ..الخ؟

 

وما كان يجب لاحد ان يفاجا ،فالخطة الامريكية فى ادارة القتال او الاقتتال فى المنطقة تقوم على وجود ميلشيات محلية على الارض، تعمل تحت قيادتها الاستراتيجية والعملياتية من خلال وجود الاف الخبراء على الارض واجهزة الرصد والتحليل ،فيما سلاحها الجوى وصواريخها تقصف وتدمر .وما جرى ويجرى مع الحوتيين فى اليمن، هو ذاته القائم فى تغطية الحركة العسكرية للميلشيات الشيعية الايرانية فى العراق ،والكردية فى اقليم كردستان العراق ،وقوات الدفاع الذاتى –او قوات حماية الشعب الكردى-فى المناطق الكردية فى سوريا ،ونفس الحال يجرى فى باكستان وافغانستان والصومال منذ سنوات .بل يمكن القول بانه لن يكون مستغربا ان نسمع انباءا متدفقة عن ضربات جوية امريكية –او من التحالف ضد الارهاب- ضد ثوار ليبيا ،تحت عنوان مكافحة الارهاب فيكون سلاح الجو الامريكى فى وضع المساند لقوات الثورة المضادة هناك .هو امر يجرى الان تحت ظلال اخرين ،لكن التمهيد جار للاعلان غدا او بعد غد عن البدء به علنا ودون مواربات.

 

لم يكن لاحد ان يفاجا ،وقد سبق لايران ان تباهت او لنقل ان مسئولوها عيروا امريكا وذكروها بان لولا جهدهم ومساندتهم، ما كان لامريكا ان تحتل افغانستان او العراق .قالها نائب خاتمى (محمد على ابطحى ) ومن بعده اعترف محمد خاتمى ،الذى ذكر تحديدا ان بلاده هى من اعطت الطائرات الامريكية خريطة القصف فى افغانستان ،بعد ايام لم يتمكن فيها القصف من تحقيق اية نتيجة مع حشود وتركزات المجموعات القتالية والسياسية لطالبان .ولكن البعض قد ينسى او لعله لا يستطيع ان يصدق ما راه ويراه من تحالف استراتيجى عسكرى امريكى ايرانى فى مواجهة السنة او العدو المشترك ،فى اى وكل مكان وفى كل واى وقت.

 

على كل ،الامور صارت اكثر وضوحا الان .فى العراق ،وبعيدا عن حكاية داعش او حكاياتها ،فالجيش الامريكى هو من يقود الميلشيات الشيعية مباشرة –عبر خبرائه -فى الحرب الجارية على الثورة العراقية الكبرى ،وسلاح طيرانه هو من يقصف قوات الثورة .وفى سوريا منعت الولايات المتحدة وصول السلاح للثوار حتى لا يسقط الاسد بايديهم ليقيموا حكما مستقلا وقادرا على مواجهة الحليف الاول لامريكا (الكيان الصهيونى).وحين شكلت الثورة خطرا بعد صمودها ،وتحت عنوان ارهاب داعش ،يقصف الطيران الامريكى كل التنظيمات التى ترفض الوصاية الامريكية على سوريا المستقبل.

 

وهكذا فنحن امام اعادة اكتشاف العلاقات العسكرية-التحتية-الحقيقية بين امريكا وايران ،او نحن امام وضوح صورة تكامل الجهد العسكرى بين الدولتين ضد خصمهما وعدوهما المشترك .الان نستطيع ان نفهم لم لم تتحرك امريكا لوضع تلك الميلشيات والفيالق الايرانية على قوائم الارهاب،فيما تستدعى كل دول الدنيا لمحاربة الاخرين بتهمة الارهاب .ونستطيع ان نفهم اكثر ،سر اطلاق تلك الميلشيات الايرانية شعارات الموت لامريكا دون طلقة واحدة على جنودها ،فالامر يبدو غطاءا للتحالفات على الارض،غطاءا للطائرات الامريكية غطاءا للحركة على الارض.

 

تلك الصورة العسكرية فاضحه لما يجرى فى خفاء عالم الاتصالات والمباحثات والتوافقات السرية .والصورة والمشهد الذى نراه يتلخص فى اختصاص طائرات امريكا بالقصف جوا وقيام ميلشيات ايران بالتحرك لاحتلال الارض .وفى ذلك لا يعاد اكتشاف العلاقات الامريكية الايرانية فقط ،بل نحن امام اعادة اكتشاف الخطة الاستراتيجية الامريكية للعمل فى الشرق الاوسط كله .صناعة ودعم وقيادة ميلشيات تقتل السنة على الارض ،او تقوم بالدور الذى لم يعد للقوات الامريكية ان تقوم بعدما ذاقت قواتها البرية الهوان والقتل والامراض النفسية على يد المقاومتين العراقية والافغانية .تلك هى الخطة الامريكية الراهنة ،التى تتلاقى مع ايران وفيالقها العسكرية المهاجمة فى عموم المناطق السنية التى وصلت اليها .خطة امريكا توظف ميلشيات ايران ،وايران توظف سلاح الجو الامريكى للسيطرة على الارض .لكن الخطة الامريكية ابعد من ايران ،اذ هى طة شاملة لعموم الاقليم من باكستان وافغانستان الى الصومال واليمن وسوريا والعراق ،والقادم كثير.

 

وهنا ينبغى التوقف .فاذا كان هذا النمط من التنسيق والتحالف العسكرى الامريكى الايرانى ،يجرى على هذا النحو فيما الولايات المتحدة لا تزال لم تكمل حل خلافاتها مع ايران على النفوذ والمصالح فى دولنا ،فماذا بعد الانتهاء من المفاوضات والوصول الى اتفاق شامل ؟

 

اغلب الظن انا سنرى ايران وكيلا معتمدا من جهة ،والكيان الصهيونى وكيلا معتمدا من جهة اخرى ،وفق نمط معقد من تقسيم الادوار والنفوذ ،فيما العرب او السنة ما يزالوا يفكرون فى ما اذا كان ايران عدو وخصم ،ام لا !

….

المصدر : شؤون خليجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى