مقالات

الجماعة الحوثية.. مطية صفوية

بقلم /عبدالناصر العوذلي

كانت لديهم فرصة تاريخية لتثبيت دعائم حكم ملكي في إطار جمهوري حيث ساعدتهم عوامل محلية وإقليمية ودولية حتى وصلوا إلى صنعاء بعشرة اطقم وسقطت صنعاء في أيديهم وسقط القرار السياسي أيضا” في أيديهم بسيناريو محكم لعبت فيه قوى سياسية محلية ذات نفوذ دورا بارزا ساعدتها في ذلك أجندة إقليمية أرادت وأد إفرازات 11 فبراير

لم يكن الذكاء حليف هذه الجماعة المؤدلجة بالفكر المستوحى من الحوزات الصفوية المتجهم على كل خصائص العروبة، فقد غلبت عليها النزعة العنصرية بإدعاء الإصطفاء الإلهي والإرث النبوي وتقسيم المجتمع بين سادة واتباع وذوي شرف وغير ذلك وانتهاجهم نهج الإستعلاء والنظرة الدونية لما عداهم وعدم إدراكهم لخصائص المجتمع اليمني القائم على التعايش بين أوساط الشعب وهو التعايش الذي أفرزته ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والتي الغت الفوارق الطبقية وصنعت مجتمعا متجانسا تسوده روح الإخاء والسلام .

لم تكن هذه الجماعة تعي وتدرك انها تدق إسفينا في نعشها بتوغلها في دماء اليمنيين ومحاولاتها العبث بخصائص ومكنونات الشعب اليمني ومحاولتها تنفيذ أجندة معادية للجوار الإقليمي الذي اتضح جليا من خلال مناوراتهم في نهاية العام 2014 على الحدود السعودية بالإسلحة الثقيلة للجيش اليمني الذي أسقط في أيديهم .

تلك المناورات المدعومة لوجستيا من إيران التي أيقنت أنها قد ملكت القرار السيادي والسياسي للعاصمة العربية الرابعة والتي ستكون منطلقا للوصول إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة التي ترى إيران أن إمبراطوريتها لن تعود إلا بالسيطرة على هذه الأماكن المقدسة التي تدرك انها المنابع الروحية للعرب والمسلمين والسيطرة عليها يعني سيطرة مطلقة على العالم العربي الإسلامي ، وبذلك تستعيد قوميتها الفارسية على حساب وأد القومية العربية.

لم تكن هذه الجماعة تملك قرارها السياسي فقد كانت تسير بالريموت كنترول من داخل طهران التي ترسم لها الإستراتيجية وتمدها بالدعم المالي والعسكري لإغراض تريد طهران تحقيقها من خلال هذه الجماعة التي لا تعدو كونها مطية صفوية تنفذ سياسات إيرانية وهذا يدل دلالة واضحة على عقمهم من أي محتوى سياسي وجهلهم بأبجديات السياسة وعدم استطاعتهم التعاطي السياسي مع إفرازات الواقع بعد أن وصلوا إلى صنعاء وسيطرتهم على مؤسساتها وهيئاتها وكل مفاصلها لكنهم عجزوا في إدارة الملف السياسي وعجزوا في إيجاد قواسم مشتركة بينهم وبين التنظيمات والأحزاب السياسية اليمنية .

وظلوا وعلى مدى أشهر قبل عاصفة الحزم وهم في حوار غير مجدي مع الأحزاب السياسية في صلف واضح وتعنت مستمر وحوار غير مجدي وعدم السماح للأحزاب بالمشاركة الفاعلة وذلك لأسباب واضحة وهي عدم اعترافهم بالتعددية السياسية وعدم اعترافهم بالشراكة، بل أرادوا من الأحزاب أن تشرعن وجودهم وملكيتهم للبلاد تمهيدا لإلغاء دورها مستقبلا والتنفذ المطلق والحكم الجبري والعضود .

رعونة هذه الجماعة ورعونة قياداتها اوصلتنا إلى هذا التشظي وجعلتنا بؤرة توتر واستثارت حفيظة الجوار الإقليمي للتدخل وجعل اليمن مسرحا لصراع إقليمي تتبارى فيه العديد من الدول لتصفية حساباتها وتمرير اجنداتها ومشاريعها على حساب شعبنا وتدمير عرى مجتمعنا كل هذا العصف الذي يعصف ببلادنا وتعدد المشاريع الإقليمية فيها كان سببه هذه الجماعة الكالحة الجائعة التي جاءت من الكهوف تنفض غبار الزمن الذي اخوى بطونها حتى رأت خزائن وثروات ما كان لها أن تراها في يوم من الأيام

لقد أصيبت جماعة الكهوف بالذهول لهول ما رأت واستماتت على تلك الثروات التي آلت إليها اتخمت بها على مدى خمس سنوات سمان عليهم انتفخت فيها اوداجهم واشرأبت فيها اعناقهم واتخمت فيها كروشهم .

لكنها خمس عجاف على عموم الشعب الذي يتجرع الويلات في ظل تنفذهم وسيطرتهم، فتبا لهذه الجماعة الهمجية و البربرية لما تقترفه من جرائم جسيمة في حق الإنسان والحيوان والتي أردت المجتمع اليمني واوصلته إلى قاع سحيق من التردي والجوع والفقر والجهل والمرض والتشريد وقد آن أوان التخلص من الثيوقراط السلالي الكهنوتي الذي انقض على الدولة المدنية وأشعل فيها فتيل حروب أكلت الأخضر واليابس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى