من فجور العنوان: “أستاذ الإعلام معلم الحرام” إلى آخر كلمة في المقال، بدا الزميل جمال أنعم متوحشاً في نقده وطرحه، جارحاً، وقاسياً، لا يستقر به مقام، ولولا نزوف الحبر في يده لكان وصل جَرحه إلى طاقم سفينة نوح، لأنهم لم يحسنوا اختيار الوفد الإعلامي المرافق للسفينة، وسينفي وجود فوارق منطقية بين السفينة التركية “مرمرا” التي رافقتها “الجزيرة” وسفينة نوح.
بدأ العزيز جمال مقاله المتوحش بكلمة “صدمني”، يشرح فيها لحظة فارقة عاشها أثناء سماعه أن أستاذ الإخراج التلفزيوني بكلية الإعلام يحرم التصوير، وأن “الحيطة والحذر” دفعته لالتقاط صورة واحدة في حياته ضمنها جوازه، وبالاتكاء على صدمة جمال الموجعة بنى المقال، وسلخ الدكتور المعني، وتداعت الكلمات كالأكلة على قصعتها، وكاد أن يطالب بتغيير نظريات الاتصال، ومناهج الإعلام، ودور التلفزيون في تربية الأسرة… استطال صديقي في ردحه، دون أن يقول لنفسه “إذا جاءكم فاسقٌ….”، ربما ليقينه، وربما لعادة استمرائها في عدم التثبت.
فاسقُكَ يا صديقي دلّس عليك، وكنتَ ضحيته، وأنت من تشغل مقعداً في مجلس نقابة الصحفيين، منحناكَ أياه لتعلمنا التيقن والتدقيق في كل معلومة، قبل كتابتها أو نشرها… “صدمتنا” أنت بوحشيتك كما صدمك فاسقك بخديعته… وصرت من تعلمنا “الحرام”.
الأحد الماضي كنت في كلية الإعلام، وفي الاستراحة وجدت “الدكتور المعني” يجلس على يسار طالبة وبينهما “كمبيوتر محمول” يشرح لها طريقة الإخراج في مقطع من فيلم، قلتُ عند مصافحته: مش التصوير الحرام.. لم يرد، بل دعاني لمشاركته الشرح، حول الفيلم، وأثناء بقائي بجواره لم تتوقف كاميرا هاتفي عن تصويره… سألت طالباً عنه، فقال: الدكتور قال من يحضر كاميرا إلى القاعة له خمس درجات، وعند باب القاعة أصر الدكتور أن أدخل لمشاهدة عرض فيلم صوره وأخرجه مجموعة من الطلاب، كجزء من تكاليف المادة التي يدرسها.
بهتّ الرجل يا جمال فقد افتريت عليه بما ليس به، أليس هذا في الإسلام هو البهتان، هذا الدكتور يا عزيزي كان زميل دراسة، لي، ولنائب رئيس تحرير صحيفة «المصدر» علي الفقيه تزاملنا في الجامعة بعد عودتك من القاهرة حاملاً شهادة جامعية في الآداب… كانت الفرصة أمامه سانحة فاتجه إلى كندا لدراسة الماجستير، ومن مصر كانت الدكتوراه، هو رجل متدين، وصارم في تعامله، لكنه لا يتطرف ولا يحرم أو يحلل، ولا يتعجل النشر، قبل التثبت.
تحول صديقي إلى مستشار نفساني، واكتشف من مقيله أن “الدكتور” يعاني من انفصام في الشخصية، وشرخ في النفسية، وحساسية في الاندماج الاجتماعي، و… و… كم أحب وأكبر فيك إنسانيتك المفرطة يا جمال وأظنك قوياً في شجاعة الاعتذار، كما كنت سباقاً في الانتقاد.