هل يمكن الحوار مع الشيعة
د.ناصر عبدالله القفاري
قضية التأليف بين فصائل الأمة، والسعي في إصلاح ذات بينها وجمع شملها على الحق والهدى، ورأب صدعها، والتقريب بين فئاتها المتنازعة – بالحوار أو بغيره من وسائل بيان الحق وهداية الخلق – من أعظم أصول الإسلام العظيمة، ومن أفضل أبواب الخير والجهاد في سبيل الله.
والأمة لم تؤتَ من ثغرة مثل ما أُتيت من جانب فرقتها وتنازعها، والصراع بينها، ولقد كان الأعداء هم الذين يؤججون هذا الصراع، ويحصدون نتائجه، والمسلمون لا يحصدون سوى الخيبة والفشل.. إذْ لم يستطع الأعداء أن يحققوا ما يريدون من تبديد الأمة وتشتيت شملها، إلا بعد أن غرسوا فسائل الفتنة والخلاف بينها، وبعد أن أوجدوا أسباب الصراع والنزاع في صفوفها. ولقد كانت محاولاتهم قديمة بدأت في عهد الدولة الإسلامية الأولى بمحاولة التفريق بين الأوس والخزرج بإثارة النعرات القومية، وبعث الأحـقاد التـاريخية. ولكن محاولاتهم باءت بالفشل؛ فما كان للأمة أن تختلف وفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد رأى الأعداء بعد النصر العظيم الذي تحقق على يد خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاسيما بعد فتح الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلاد فارس، فرأوا أن كيد الإسلام – كما يقول الإمام ابن حزم – على الحيلة أنجع؛ لأنهم راموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، وفي كل ذلك يظهر الله سبحانه وتعالى الحق، فرأوا أن كيده عن طريق التخطيط والاحتيال والتآمر أجدى؛ فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشناع ظلم علي رضي الله عنه (في زعمهم) ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن الإسلام[1].
فخرجت كثير من الطوائف التي تتسمى بالإسلام وليس لها من الإسلام نصيب، ونادت بآراء وعقائد غريبة عن الإسلام وبعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولقد كان لظهور هذه الأفكار والعقائد والطوائف آثار بعيدة المدى في تفريق الأمة، وإضعاف شأنها، لأنه «إذا ترك الناس بعض ما أنزل الله، وقعت بينهم العداوة والبغضاء؛ إذ لم يبقَ هنا حق جامع يشتركون فيه؛ بل {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53]»[2]. وحقق الأعداء ما يريدون، وجنوا ثمرة تآمرهم ضد المسلمين.
وكان أنكى صراع وأطول نزاع.. وأخطر اختلاف: ما حصل بين أهل السنة والشيعة.. فلقد شهد التاريخ أحداثًا دامية تمثلت في الصراع العنيف الذي دار بين الطائفتين، واستمر قائمًا.. يزداد أو يخف على اختلاف المراحل التاريخية.. وإلى يومنا هذا، يشتد الصراع ويزداد لهيبه، ويبدو أن الأعداء يريدون أن يستثمروا الخلاف بين أهل السنة والشيعة، بتوسيع نطاقه، وتأجيج حدته ليحققوا مكاسب أكبر.
وقد عرف الأعداء أن فرصتهم لتحقيق مطامعهم وآمالهم الدموية لا تواتيهم إلا في جو تخيم عليه كآبة الفرقة، وتتطاول فيه ألسنة لهيب التصارع، لذلك دأبوا على مواصلة إمداد نيران النزاع بوقود الفتن. وإذا كانت محاولات التأليف بين الفرقاء قد نشطت من قديم فهي الأخرى لم تسلم من كيد الأعداء؛ إذ نجد أن مسألة التقريب والتأليف والوحدة استُغلت لإعطاء الباطل صفة الشرعية.. ومنح الدخيل من الأفكار صفة الأصيل، لتبقى بذور الفتنة وأُسس الخلاف بين الأمة لتشتعل في أي لحظة تراد لها.
ولا شك أن الإسلام قد رسم للأُمة طريق وحدتها، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، فهو اعتصام بحبل الله واجتماع على هدى الله، وما حصلت الفرقة إلا بالبعد عن هذا المنهج.
وقد بيّن القرآن الكريم المنهج الذي يلجأ إليه المسلمون عند التنازع والاختلاف، قال تعالى: {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]، «قال العلماء: إلى كتاب الله وإلى نبيّه صلى الله عليه وسلم، فإن قبض فإلى سنّته»[3].
إن الحوار الحق مع كل الطوائف مشروع؛ لأنه من وسائل بيان الحق وهداية الخلق، وكشف الالتباس، وبيان الحق لجميع الناس، وقد قال تعالى: {ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، فإن الحوار وفق الأصول الشرعية يسفر عن الحق، ويعري الباطل، وقديمًا قيل: من الحوار ينبثق النور.
لكن هل بالإمكان إجراء حوار صادق مثمر مع الروافض[4]، وذلك برد النزاع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليلتقوا مع الأمة على كلمة سواء؟
وهل يمكن الثقة بما يقولون في ظل إيمانهم بالتقية، وتعاملهم مع من يخالفهم وفق طقوسها؟!
وهل يمكن لعاقل أن يثق بنتائج حوار مع من يقوم دينه على التفاخر بخلاف ما يعتقد، فيوافقك في الظاهر وهو على خلافك في الباطن، ويتظاهر بأنه حليفك وهو يتآمر عليك مع عدوك؟! إذا حدثك كذب، وإذا عاهدك غدر، وإذا وعدك أخلف، وإذا خاصمك فجر، وإذا ائتمنته خانك، يظهر الإيمان ويبطن الكفر، ويحلف لك وهو كاذب، ويعاهدك وهو غادر، إن احتججت عليه بما ثبت لديه من أقوال أئمته مما يوافق الأمة في اعتقادها قال: هذا تقية، وإن قلت له: هل تستطيع التمييز بين التقية والحقيقة من الأقوال المتناقضة والمدونة في كتبك، قال: لا أستطيع إلا بناء على أصل (وضعه لهم زنادقة القرون الغابرة) وهو قولهم: «دعوا ما وافق القوم (يعني المسلمين) فإن الرشد في خلافهم»[5]، وقولهم: «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما يخالف القوم»[6]، ولما سأل أحد الروافض إمامه فقال: يروى عن أبي عبدالله شيء، ويروى عنه خلافه فأيهما نأخذ؟ فقال: «خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتنبه»[7].
ويعللون الأخذ بهذا المبدأ بما يرويه أبو بصير عن أبي عبدالله قال: «ما أنتم والله على شيء مما هم فيه، ولا هم على شيء مما أنتم فيه، فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء»[8].
إذن كيف السبيل إلى حوار صادق مثمر مع من هذه حاله وتلك عقيدته؟!
فقد أصبحت هذه العقيدة عند هذه الطائفة ركنًا من أركان دينهم، قال شيخهم ابن بابويه في كتابه «الاعتقادات» المسمى «دين الإمامية»: «والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة»[9].
بل نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تارك التقية كتارك الصلاة»[10].
ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله، فقالوا: «لا دين لمن لا تقية له»[11]، وعدوا ترك التقية ذنبًا لا يغفر على حد الشرك بالله، قالت أخبارهم: «يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان»[12].
والتقية عندهم مستمرة لا تنقطع في أي وقت، روت كتبهم عن علي بن موسى الرضا أنه قال: «لا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية[13]، فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا»[14].
والتقية ملازمة للشيعي في كل ديار المسلمين حتى إنهم يسمون دار الإسلام دار التقية، جاء في رواياتهم: «… والتقية في دار التقية واجبة»[15]، ويسمونها «دولة الباطل»، قالوا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتقية»[16]، ويسمونها «دولة الظالمين»، قالوا: «التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين، فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه»[17].
ويؤكدون على أن تكون عشرة الشيعة مع عموم المسلمين بالتقية، وقد ترجم لذلك الحر العاملي فقال: «باب وجوب عشرة العامة (يعني عموم المسلمين) بالتقية»[18]، ونسبوا لأبي عبدالله أنه قال: «من صلى معهم (يعني عامة المسلمين) في الصف الأول فكأنما صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول»[19]، وقال: «من صلى خلف المنافقين بتقية كان كمن صلى خلف الأئمة»[20].
وقال صاحب كتاب «كشف الغطاء» المعتمد عند شيعة العصر: «التقية إذا وجبت فمتى أتي بالعبادة على خلافها بطلت، وقد ورد فيها الحث العظيم، وأنها من دين آل محمد، ومن لا تقية له لا إيمان له»[21].
ودعوا أتباعهم إلى الدخول في مساجد المسلمين تقية، بل بلغ حثهم لأتباعهم على ذلك أن قالوا: «من أتى مسجدًا من مساجدهم، فصلى معهم خرج بحسناتهم»[22]، ولم يكتفوا بذلك، بل زعموا أنه «يدخل معهم في صلاتهم فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم»[23].
ولذا قال شيخهم جعفر كاشف الغطاء: «الصلاة بهم ومعهم لها فضل عظيم وثواب جسيم، فقد روي أن من صلى خلفهم في الصف الأول كان كمن صلى مع النبي – صلى الله عليه وآله – في الصف الأول، وأن من صلى معهم غفر له بعدد من خالفه، وأنه يحسب للمصلي معهم ما يحسب لمن صلى مع من يقتدى به[24]، وأن من يحضر صلاتهم كالشاهر سيفه في سبيل الله تعالى، وأن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنكحهم[25]، وعلي صلى خلفهم، والحسن والحسين صليا خلف مروان، وأن من صلى معهم خرج بحسناتهم، وألقى عليهم ذنوبه، وأن الصلاة معهم بخمس وعشرين صلاة، وأن الإمامية مأمورون بأن لا يحملوا الناس على أكتافهم، بل يعودون مرضاهم ويشيعون جنائزهم ويصلون معهم، وإن استطاعوا أن يكونوا أئمتهم أو المؤذنين فعلوا، وأن الإمامية أحق بمساجدهم منهم»[26].
بل إن التقية تجري عندهم حتى وإن لم يوجد ما يبررها، فأخبارهم تحث الشيعي على استعمال التقية مع من يأمن جانبه حتى تصبح له سجية وطبيعة، فيعتاد التعامل بها حينئذ مع من يحذره ويخافه بدون تكلف ولا تصنع، فقد روت كتبهم: «عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه، لتكون سجيته مع من يحذره»[27].
فهذه الطائفة دينها التقية، ولا يوجد في قديم الزمن وحديثه طائفة ترى الكذب دينًا، والنفاق صلاحًا سوى هذه الطائفة.
بل إن أصحاب هذه العقيدة شر من المنافقين؛ لأن المنافقين يبطنون الكفر، ويتظاهرون بالإسلام، وأما هؤلاء فيظهرون عقائد باطلة بالاتفاق ويرون أنها هي الإسلام، ويعتقدون أن الإسلام الذي عليه الناس هو الباطل.
فما دام دين هذه الطائفة هو الكذب والنفاق الذي يسمونه خداعًا «تقية» وما هو من التقية الشرعية في شيء[28]، فهل يمكن التفاهم معهم أو الحوار مع شيوخهم؟! إن الحوار مع أصحاب الكذب والنفاق متعذر! فكيف بمن كان هذا دينه وسجيته وطبعه؟!
قال محب الدين الخطيب: «وأول موانع التجاوب الصادق بإخلاص بيننا وبينهم ما يسمونه «التقية»، فإنها عقيدة دينية، تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون، فينخدع سليم القلب منا بما يتظاهرون له به من رغبتهم في التفاهم والتقارب وهم لا يريدون ذلك ولا يرضون به ولا يعملون له»[29]، وهذا ما قرره العالم الإيراني والإمام المهتدي آية الله البرقعي حينما أشار إلى تعذر التفاهم بين طرفين أحدهما يرى أن تسعة أعشار الدين في التقية والخداع، والآخر يراها عين النفاق، وحينها تصبح الجهود المبذولة في التقريب عديمة الفائدة، ثم قرر أنه لا مجال للتقريب بين الحق والباطل أصلاً[30].
وبسبب عقيدة التقية والنفاق تراهم يعيشون مع المسلمين بظواهرهم وهم في الحقيقة مع الأعداء ببواطنهم، ولذلك فإن الأصل إجراء العقوبة الشرعية من الحاكم الشرعي عليهم إذا استمر مكرهم وكيدهم للمسلمين، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين، كما قال الله في أمثالهم من المنافقين: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْـمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْـمُرْجِفُونَ فِي الْـمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إلا قَلِيلًا 60 مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيـلًا 61 سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 60-62].
ولا أرى أن الحوار معهم حول التقية نفيًا وإثباتًا أو صحة وبطلانًا مجدياً؛ لأنهم سيجيبونك أيضًا وفق طقوس التقية.
إن المشكلة الكبرى في اعتقادي تكمن في المصادر التي يتلقون منها دينهم ويقدسون ما فيها، وهي التي أسست لهذا المعتقد الباطل الخطير، ولذلك فإنهم وإن أنكروا إيمانهم بـ«التقية»، فهذا الإنكار تقية على التقية ما داموا يؤمنون بهذه المصادر، ولهذا يرى الشيخ الكوثري أنه لا يمكن الحديث في موضوع التقريب مع أحد من شيوخ الشيعة إلا إذا كان حائزًا للتفويض من الطائفة في الاعتراف بسقوط تلك الكتب الأربعة صحاحهم الأربعة من مقام الاعتداد[31]، ويرى الشيخ موسى جار الله أنه لن يجدي أي حوار أو كلام في التقريب وأي مؤتمرات لتحقيق التآلف ما لم يقم مجتهدو الشيعة بنزع تلك العقائد التي تطعن في القرآن والسنة، والصحابة والأمة من كتبهم[32].
لقد انفصل الشيعة الرافضة عن المسلمين في مصادر يتلقون عنها دينهم، وفي ظني أن المسلمين قديمًا لم يعلموا بهذه المصادر ولم يقفوا عليها، إما لأنها كانت موضع التداول السري بين الروافض، وإما لعدم اهتمام المسلمين بما لدى هذه الطائفة لما جبلت عليه من الكذب ومردت عليه من النفاق، ولذلك قال عنهم الإمام الذهبي: «لا يحتج بهم ولا كرامة… الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله؟ حاشا وكلا»[33].
ويكفي أن تعلم أن أهم كتاب معتمد عند الروافض في التلقي وهو «الكافي»[34] الذي قالوا بأنه عرض على مهديهم (الذي لا وجود له إلا في خيالاتهم) فقال: «الكافي كافٍ لشيعتنا»[35]، لا نجد له ذكرًا عند أئمة المسلمين المهتمين بشأن الفرق والمقالات، مع أنه منسوب لرجل يقولون إنه توفي في بغداد سنة 329هـ، ويلقبونه بـ«ثقة الإسلام»[36]، ومع ذلك فلا نجد له ولا لكتابه ذكرًا عند الإمام الأشعري صاحب «مقالات الإسلاميين»، وهو من معاصري صاحب الكافي – إن كان له وجود – معاصرة زمانية ومكانية، كما لا نجد له ذكرًا فيما بعد لدى الشهرستاني في «الملل والنحل»، ولا البغدادي في «الفرق بين الفرق»، ولا الإسفراييني في «التبصير في الدين»، ولا ابن حزم في «الفصل في الملل والأهواء والنحل»، ولا عند شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» أو غيره من كتبه، وغير هؤلاء من الأئمة الأعلام ممن لهم عناية بأمر المقالات والفرق.
وأول ذكر وقفت عليه لمصادر الرافضة واستقلالهم عن المسلمين بهذه المصادر كان عند مخدوم الشيرازي في كتابه «النواقض في الرد على الروافض» حيث ذكر أن من هفوات الروافض إنكارهم كتب الأحاديث الصحاح التي تلقتها الأمة بالقبول، وإيمانهم بمقابل ذلك بأربعة كتب جمعوا فيها كثيرًا من الأكاذيب مع بعض الأحاديث وأقوال الأئمة[37]، وقد عاش صاحب «النواقض» (مخدوم الشيرازي) في القرن العاشر الهجري، ولكن لا يعني ذكره لهذه المصادر ظهور أمرها ومعرفة الأمة بها؛ لأن الشيرازي هذا عاش في وسط الرافضة، واضطر أن يتلقى تعليمه بينهم، فعرف من أمورهم – كما يقول – ما يخفى على الكثير[38].
إن انفصال الروافض عن الأمة بهذه المصادر أحدث بعدًا خطيرًا وعقدة قد يتعذر حلها، ولذا سماها شيخ الرافضة المعاصر محمد رضا المظفر بـ«اللغز»[39].
وقد اعتمد نظام الملالي الإيراني هذا الانفصال في مصادر التلقي مسميًا إياها بـ«سنة المعصومين»، فقرر في مادته الثانية أن «نظام الجمهورية الإسلامية يقوم على أساس الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين»[40].
وهم يعنون بـ«سنة المعصومين» ما جمعوه ونسبوه لمن يدعون إمامتهم في كتب سموها «الكتب الأربعة الأولى» و«الكتب الأربعة المتأخرة»، ويلقبونها بـ«صحاح الإمامية»[41].
وإذا نظرت في هذه المصادر فإنك لا تكاد تجد فيها رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أكثرها روي عن جعفر الصادق، وقليل منها يرتقي إلى والده محمد، وأقل منها ما ينسب إلى علي وابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، ونادرًا ما يقال فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغالب ما يروونه عن جعفر الصادق وغيره كذب، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ينبغي أن يعرف أنه قد كذب على علي وأهل بيته؛ لاسيما على جعفر الصادق ما لم يكذب على غيره»[42]، لكنهم يعتقدون بأن جميع ما فيها هو كقول الله ورسوله لأنهم يعتقدون أن قول الإمام هو قول الله ورسوله، كما أن متونها تتضمن إثبات عقائد خطيرة لا تجعل لمن يؤمن بها أي صلة بالإسلام إلا الدعوى، كالشرك بالله تعالى، والطعن في القرآن والسنة، ولعن وتكفير الصحابة والأمة، كما أسسوا في هذه المصادر لتلك العقيدة الخطيرة والتي تمنع الحوار الصادق المثمر معهم كما قلنا، والتي أسموها «التقية» وحقيقتها النفاق، وبمقتضى هذه العقيدة أحاطوا معتقداتهم فضلًا عن مصادرها بسياج من التقية والكتمان وعدوا ذلك دينًا لهم.
وقد تنبه الإمام أبو يعلى إلى أن الانفصال في مصادر التلقي من أعظم السدود المانعة لإجراء حوارات ناضجة، فقال: «ولو ذهب ذاهب إلى ترك مناظرة الروافض ومكالمتهم لكان قد ذهب مذهبًا ليس ببعيد؛ وذلك أن المتناظرين إنما يتناظران ويردان إلى أصل قد اتُّفق عليه، والأصول التي ترجع إليها الأمة فيما اختلفت فيه إنما هو الكتاب والسنة وإجماع الأمة وحجج العقول.
وهذه الأصول الأربعة لا يمكن الرجوع إليها على قول الرافضة، وذلك أن مذهبهم أن الكتاب مغير مبدل، وأنه قد ذهب أكثره، فلا يأمن أن يرد إلى آية فتكون منسوخة بآية من القرآن الغائب عنا الذي هو عند الإمام. وكذلك لا يجب أن يرجع فيما اختلفنا فيه إلى السنة؛ لأن النقلة فسقة[43]، الكذب غير مأمون عليهم، وخبر الواحد الذي ظاهره العدالة لا يوجب العمل عندهم، فإذن ليس في السنة حجة[44].
وكذلك الرد إلى الإجماع ليس فيه حجة؛ لأن الأمة يجوز عليها أن تجتمع على خطأ وضلال، وأنها معصومة بقول الإمام، فإذن ليست الحجة إلا قول الإمام فقط.
وكذلك حجج العقول؛ لأن الخلق كلهم قد عمهم النقص إلا المعصوم، فإذًا لا يأمن أن يرد إلى أمر من الأمور ولشبه يدخل علينا [كذا] لأن النقص والجهل قد عمنا فيردنا الإمام عن ذلك، فيجب أن نشك في كل ما نعتقده وأن لا نأمن أن نكون على خطأ»[45].
وقد حدثني سماحة الشيخ عبدالله بن حميد – رحمه الله – أن الرافضة في عهد الملك فيصل قد أرسلوا لعلماء السعودية رسالة يطلبون فيها جلسة حوار معهم فإن تبين – كما يقولون – أن الحق مع السنة اتبعه الجميع، وإن كان مع الشيعة اتبعه الجميع وبهذا يرفع الخلاف ويكون التقارب والتآلف.
ولما تداول العلماء هذا الطلب قال بعضهم: هؤلاء الروافض لا يجدي معهم بحث أو حوار، فهم أهل تقية ونفاق، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويتظاهرون بخلاف ما يبطنون، إلا أنه قد اعترض على هذا الرأي بأنه قد يفسر الرفض وعدم الموافقة بأنه عجز فلابد من الاستجابة، فكان الجواب الذي تم اعتماده: أنه لا مانع لدينا من ذلك، ولكن لابد من الاتفاق على أصل يرجع إليه عند الخلاف وهو كتاب الله عز وجل، وصحيح السنة وعلى رأسها صحيح البخاري، وأرسلوا بذلك إليهم وانتظروا منهم الجواب، ولم يصل إليهم جواب[46].
إن انفصال الرافضة الكامل عن الأمة في مصادر التلقي بما فيها من معتقدات باطلة تجعلهم دينًا آخر غير دين الإسلام، وهذا ما يقرون به حتى إن شيخهم ابن بابويه القمي ألف كتابًا في ذكر عقائدهم الأساسية سماه «اعتقادات دين الإمامية»، وهذا الكتاب يعده الشيعة عمدتهم في الاعتقاد[47].
ولذلك دعا علامة الشام محمد بهجة البيطار بعد وقوفه على حقيقة نحلتهم من خلال حوار طويل مع أحد آياتهم ممن يدعو للوحدة الإسلامية المزعومة، دعا إلى أن على الأمة أن تدرك أن هؤلاء الرافضة دين آخر غير دين الإسلام، فقال: «لنتفق جميعًا على أن لكلٍّ دينه ومعتقده ولنتعاون فيما بيننا كما تتعاون الدول المختلفة الأديان والعقائد»[48].
ولكن يبدو من خلال الوقائع التاريخية، وما تضمنته مصادرهم المعتمدة، وما يصدر من فتاوى مراجعهم وشيوخهم أن التعايش معهم أيضًا غير مأمون العواقب.
أما كون التعايش مع الروافض غير مأمون العواقب فهذا حق تشهد به وقائع التاريخ وأحداث الواقع ومصادرهم وفتاوى مراجعهم، ولذا قال الإمام الشوكاني رحمه الله: «لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له؛ لأنه عنده مباح الدم والمال، وكل ما يظهره من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة»[49]. وهناك نصوص كثيرة في مصادرهم تدعو إلى قتل المخالف وسلب ماله[50].
وقد يقال: إن هذا الاستحلال يوجد عند بعض من ينتسب إلى السنة من الغلاة والمتطرفين وغلاة التكفير، فالغلو والتطرف يوجد في السنة كما يوجد في الشيعة على حد سواء، فلم التفريق؟!
وأقول: إن هذا قياس مع الفارق؛ لأن هذا الغلو المنتسب إلى بعض أهل السنة إنما هو انحراف وضلال تنكره أصول أهل السنة وترده معتقداتهم، كما ينكره أئمتهم وأهل العلم منهم، فهو خروج عن الحق والسنة، ولذا أسماهم أهل السنة بـ«الخوارج» لخروجهم عن الحق في تكفيرهم المسلمين، وخروجهم عن طاعة ولي الأمر، وانفصالهم عن جماعة المسلمين، فهذا الغلو والتطرف انحراف في السلوك والتطبيق، لا في المبادئ والأصول ومصادر التلقي.
أما ما يفعله الشيعة الرافضة فهو من طبيعة دينهم، وتقرره وتؤيده مصادرهم، ويفتي به مراجعهم، ولذا نجد أن هذا التطرف هو الأصل أو الغالب على حال كل رافضي ممن لا يتلقى دينه إلا من الكافي والبحار وغيرهما من مصادر الغلو والتطرف، وهم جميع رافضة اليوم الذين يلقبون أنفسهم زورًا بالشيعة، ولن تجد شيعيًّا يؤمن بهذه المصادر ويرجع إليها يمكن أن يكون مواطنًا صالحًا، وللمسلمين مسالماً، ولولي الأمر مطيعًا ومبايعًا إلا نفاقًا وتقية.
ولذلك فإن مثل دعوة البيطار لهؤلاء الغلاة إلى التعايش لاقت إنكارًا صريحًا من بعض شيوخ الرافضة أنفسهم، وخرجوا من دائرة التقية والكتمان ليعلنوها صريحة على صفحات مجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا، فقال أحدهم[51]: «ودع عنك قول بعضهم: دعوا البحث فيما يتعلق بالدين والمذهب وهلم إلى التعاون على توحيد الكلمة وجمع الأمر قبالة المستعمر، فإن ذلك لغو من القول وخطل من الرأي، وكأنها مقالة من لا يرى الإسلام دينًا، ولا يرى أن هناك حياة أخرى خالدة غير هذه الحياة، وإنما يرى الإسلام رابطة قومية وجامعة سياسية فهو يدعو إليها ويحض عليها»[52]، ثم ذكر أن الخلاف بين الفريقين هو في أرسى قواعد الإسلام وأقوى دعائمه، وأنه لابد من حسم ذلك بالبرهان، وإلا فإن التعاون بأي شكل من الأشكال متعذر، وإن حدث فهو مبني على المجاملة وغير مأمون العاقبة، بمعنى أن الغدر والخيانة هي عاقبته كما يعترف هذا الرافضي[53]، وعقب الشيخ رشيد رضا على رأي الشيعي هذا بأن تاريخ الشيعة مع أهل السنة يؤيده؛ فهو تاريخ حافل بالغدر والخيانة وممالأة الأعداء ومناصرتهم ضد أهل السنة[54]. كما يشهد التاريخ والواقع بأن ما يصدر عن الرافضة في مناسباتهم ومآتمهم وحسينياتهم وعبر إعلامهم بمختلف وسائله من تعرضهم لمقدسات الأمة، ولعنهم لرموزها، وطعنهم في الكتاب والسنة، وتكفيرهم لخير أمة أخرجت للناس، كل ذلك وغيره مما يثير الفتن، ويكدر صفو التعايش.
فما دام الحوار قد لا يوصل إلى نتيجة بسبب انفصالهم عن الأمة في مصادر التلقي، ومعاملتهم للآخرين وفق طقوس التقية والكتمان، وما دام التعايش غير مأمون العواقب من جهتهم، ويكدرون صفوه بفتنتهم؛ لأنهم يعتقدون أن المخالف حلال الدم والمال، بل إن قتل المخالف عندهم وسيلة لدخول الجنان، فما السبيل إلى درء فتنتهم وكف شرهم؟
إنه لا سبيل لذلك إلا بدعوتهم وبيان الحق لهم، ابتداء من بيان بطلان هذه المصادر سندًا ومتنًا، ونقلًا وعقلًا، ونقد مذهبهم من خلالها، وهذا منهج سلكه علماء الهند، وكان له أثره في الحد من غلوهم – كما يقول الكوثري –[55]، كما أنه يتعين الاحتجاج عليهم بالقرآن[56]، وقد اهتدى جلة من آياتهم بسبب تدبرهم للقرآن مثل البرقعي وشريعت سنكلجي وغيرهما، كما يجب الاحتجاج عليهم بالأمور المعلومة الضرورية المتفق عليها.
كما أنه لابد من أن يعتمد بيان الحق لهم ودعوتهم إلى كلمة سواء على أصول، منها:
الأصل الأول: الأخذ بمنهج الرسل – عليهم الصلاة والسلام – في الدعوة إلى التوحيد: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]؛ لأن رافضة اليوم وثنيون مشركون[57].
الأصل الثاني: أن تكون الدعوة على بصيرة: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْـمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
الأصل الثالث: أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: {ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
الأصل الرابع: الإعراض عن مسائل الحوار التي لا تجدي ولا تفيد، وأن نتجه إلى الحوار في الأصول التي يقوم عليها دين الروافض[58].
الأصل الخامس: ألا ننخدع بظاهر أقوالهم، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم؛ ويقولون ويفعلون خلاف ما يعتقدون، فلا ثقة بما يتظاهرون به؛ لأن التقية دينهم[59]، بل يجب الرجوع إلى ما يقررونه في مصادرهم الحديثية، وما يعتمدونه في مناهجهم الدراسية، وما يقولونه في حوزاتهم العلمية وحسينياتهم الخفية، وما يعتمدونه في دستورهم، وما يفتي به مراجعهم.
ولتفصيل القول في إستراتيجية دعوتهم وأصول ومبادئ بيان الحق لهم موضع آخر.
[1] انظر «الفصل» (2/108–109).
[2] «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام ابن تيمية (13/227).
[3] «التمهيد» لابن عبد البر (4/264).
[4] الروافض جمع رافضي، والرافضي مأخوذ من الرفض وهو الترك، وهذه التسمية ترجع لحادثة تاريخية، وهي موقف أسلاف هذه الطائفة من الإمام زيد بن علي بن الحسين حين رفضوا اتباعه، وتركوا مناصرته بسبب ترضيه وثنائه على عظيمي هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما -، فسماهم رافضة، وسمي من اتبعه بالزيدية، وذلك في آخر خلافة هشام بن عبدالملك سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين (منهاج السنة: 1/21، الرسالة الوازعة: ص87-88) ثم لقبوا بالاثني عشرية، كما يلقبون اليوم بالشيعة، ويدخل معهم في لقب الرافضة الإسماعيلية.
[5] «أصول الكافي» خطبة الكتاب (ص 8)، وانظر: «وسائل الشيعة» (18/80).
[6] «وسائل الشيعة» (18/85).
[7] «وسائل الشيعة» (18/85).
[8] الموضع نفسه من المصدر السابق.
[9] «الاعتقادات» (ص114-115).
[10] «جامع الأخبار» (ص110)، «بحار الأنوار» (75-412).
[11] «أصول الكافي» (2/217)، «المحاسن» البرقي (ص259)، «وسائل الشيعة» (11/460)، «بحار الأنوار» (75/423).
[12] «تفسير الحسن العسكري» (ص130)، «وسائل الشيعة» (11/474)، «بحار الأنوار» (75/415).
[13] وكأنهم يفسرون قوله – سبحانه -:{إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .
[14] «إكمال الدين» ابن بابويه (ص355)، «أعلام الورى» الطبرسي (ص408)، «كفاية الأثر» أبو القاسم الرازي (ص323)، «وسائل الشيعة» (11/465، 466)، وانظر في هذا المعنى: «جامع الأخبار» (ص110)، و«بحار الأنوار» (75/412).
[15] «جامع الأخبار» (ص110)، «بحار الأنوار» (75/411).
[16] «جامع الأخبار» (ص110)، «بحار الأنوار» (75/412).
[17] «جامع الأخبار» (ص110)، «بحار الأنوار» (75/412).
[18] «وسائل الشيعة» (11/470).
[19] «بحار الأنوار» (75/421).
[20] «جامع الأخبار» (ص110)، «بحار الأنوار» (75/412).
[21] «كشف الغطاء» (1/61).
[22] «الكافي» (3/381)، «وسائل الشيعة» (8/304)، «بحار الأنوار» (85/98).
[23] «تهذيب الأحكام» (3/273)، «وسائل الشيعة» (8/304).
[24] المقتدى به في نحلتهم هو من يدعون إمامته، وهو مهديهم الغائب منذ سنة 260هـ إلى اليوم، والذي لا حقيقة له إلا في خيالاتهم، وأساطير معمميهم.
[25] يشير بذلك إلى تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم – رضي الله عنهما – لعثمان رضي الله عنه، وأن ذلك وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التقية بزعمهم، كما قالوا مثل ذلك في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه زوج ابنته أم كلثوم لعمر رضي الله عنه على سبيل التقية، كما أنه بايع بزعمهم أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم تقية، وجاهد معهم وصلى خلفهم ولم يخالفهم في شيء تقية، فما الحيلة مع من هذه عقيدته؟!
[26] «كشف الغطاء» (1/265).
[27] «أمالي الطوسي» (1/199)، «وسائل الشيعة» (11/466)، «بحار الأنوار» (75/395).
[28] لأن التقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: {إلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، قال ابن جرير الطبري: «التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم» (تفسير الطبري: 6/316 تحقيق شاكر).
والتقية رخصة في حالة الاضطرار، ولذلك استثناها الله – سبحانه – من مبدأ النهي عن موالاة الكفار فقال – سبحانه -: {لا يَتَّخِذِ الْـمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْـمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإلَى اللَّهِ الْـمَصِيرُ} [آل عمران: 28] .
[29] «الخطوط العريضة» (ص11).
[30] انظر: «حاشية مختصر منهاج السنة» للبرقعي (ص65)، نقلًا عن «منهج البرقعي وجهوده في الرد على الشيعة الاثني عشرية» رسالة دكتوراه للباحث خالد بن عبدالمحسن التويجري (ص353).
[31] «المقالات» للكوثري (ص158).
[32] انظر: «الوشيعة» (ص أ) طبعة الخانجي.
[33] «ميزان الاعتدال» (1/6).
[34] ويكفي الاطلاع على بعض أبواب الكتاب لتدرك بعد من يعتمد عليه عن الإسلام، كما يكفي أن تعرف أن مؤلفه الملقب بـ«ثقة الإسلام» ليس له من الإسلام نصيب؛ لأنه كان يعتقد بتحريف القرآن، ولذلك قال عنه الشيخ محمد أبو زهرة: «فإن من هذا اعتقاده فليس من أهل القبلة» (الإمام الصادق ص440).
[35] «روضات الجنات» للخوانساري (6/116)، «مقدمة الكافي» لحسين علي (ص25).
[36] انظر: «تفسير الصافي» المقدمة السادسة (1/52)، «الحدائق الناضرة» يوسف البحراني (1/5).
[37] «النواقض» (الورقة 109، 110) (مخطوط).
[38] انظر: «المصدر السابق» (الورقة 87، 103، 151).
[39] مجلة «الرسالة» (مجلد 3 ص1614) مقال بعنوان «السنيون والشيعة وموقفهما اليوم» لمحمد رضا المظفر.
[40] انظر: «الدستور الإيراني» (ص20).
[41] انظر: «الشيعة» لمحمد صادق الصدر (ص127)، «أعيان الشيعة» (1/288)، «مفتاح الكتب الأربعة» (1/5)، «منهاج عملي للتقريب» للحائري (مقال نشر في مجلة رسالة الإسلام في القاهرة، كما نشر مع مقالات أخرى منتخبة من المجلة باسم «الوحدة الإسلامية» ص233).
[42] «مجموع الفتاوى» (13/244).
[43] بل قالوا أشد من ذلك؛ قالوا بردتهم إلا بضعة منهم.
[44] وهم يصرحون بأن الحجة ليست في السنة المنقولة عن طريق الصحابة، بل ما رواه شيوخهم – المشهورون بالكذب عند أهل السنّة – عن المعصومين الاثني عشر.
[45] «المعتمد» (ص259-260).
[46] وقد حدثني بذلك أيضًا فضيلة الشيخ صالح بن غصون – رحمه الله -.
[47] انظر: «الفهرست» للطوسي (ص189)، «الذريعة» أغا بزرك (2/226)، «الشيعة في الميزان» (ص14) محمد جواد مغنية.
[48] انظر: «الإسلام والصحابة الكرام بين السنّة والشيعة» محمد بهجة البيطار (ص116).
[49] «أدب الطلب» (ص70-71).
[50] انظر بعض هذه النصوص في كتابي: «بروتوكولات آيات قم» (ص117-155) الطبعة الأخيرة.
[51] وهو عبدالحسين نور الدين العاملي.
[52] «المنار» (32/61).
[53] «المنار» (32/61-62).
[54] المصدر السابق (32/72).
[55] «المقالات» (ص154-155).
[56] انظر تطبيق هذا المنهج في: «مسألة التقريب» (2/264-274)، «أصول مذهب الشيعة» (2/752-772).
[57] انظر: «أصول مذهب الشيعة» (2/425) وما بعدها، (2/507) وما بعدها.
[58] انظر: مقال «الحوار غير المجدي» للباحث، مجلة البيان.
[59] انظر نصوصهم في ذلك في: «أصول مذهب الشيعة» (2/807) وما بعدها.