هل ينجح هادي في تهدئة جنوب اليمن؟
الرشاد برس – الجزيرة نت – سمير حسن
يواجه الرئيس اليمني عبد ربّه منصور هادي اختباراً عسيراً هو الأصعب منذ انتخابه رئيسا للبلاد بشأن قدرته على إعادة الهدوء ونزع فتيل العنف الذي أخذ منحى تصاعديا بعد محاولات عناصر في الحراك الجنوبي فرض عصيان مدني لليوم الرابع على التوالي بمدينتي عدن والمكلا بجنوب اليمن.
ويبدو أن الرئيس هادي، الذي ينتمي إلى المحافظات الجنوبية، مقبل بحسب مراقبين على مواجهة مباشرة خلال المرحلة القادمة مع معرقلي التسوية وفي مقدمتها قيادات الحركة الانفصالية التي تتهم من قبل الأمن بالضلوع في أعمال العنف الدائر في جنوب البلاد مع اقتراب الموعد المحدد للحوار الوطني الذي سيبدأ في الـ18 من الشهر القادم.
وكان الرئيس الانتقالي لليمن عبد ربه منصور هادي أطلق تهديدات شديدة اللهجة ضد الشخصيات التي تعرقل الحوار في اليمن وتوعد بإحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك على خلفية الاضطرابات وأعمال العنف التي يشهدها الجنوب منذ الخميس الماضي والتي أسفرت حتى الآن عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
تهيئة
وينظر سياسيون لزيارة هادي إلى مدينة عدن والتي تعد الأولى له منذ انتخابه رئيسا للبلاد في فبراير/شباط العام الماضي، على أنها خطوة مهمة جداً في اتجاه اتخاذ إجراءات عملية للتهيئة وتوفير مناخات مناسبة لإقامة الحوار الذي يعول عليه لبحث سبل حل القضية الجنوبية.
وقال رئيس دائرة شؤون السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني بمكتب رئاسة الجمهورية الدكتور عبد الله العليمي للجزيرة نت “لدينا قناعه بأن الرئيس هادي أصبح على اطلاع كامل بما يحدث في الجنوب، ونحن على أمل في أن تساهم زيارته في حل كثير من التعقيدات الراهنة في المشهد الجنوبي”.
وأوضح العليمي -وهو أيضاً الأمين العام لمجلس تنسيق قوى الثورة الجنوبية- أن هناك استعدادات مهمة جدا للقضية الجنوبية، وأن زيارة هادي تأتي في اتجاه إنجاز هذه المهمة بشكل يبعث في نفوس كل الجنوبيين الطمأنينة ويوجه رسالة للقوى “الحاقدة والمتطرفة في الجنوب بأنه لا مجال لنشر الفوضى”.
وأضاف “أعتقد أن هادي خلال هذه الزيارة سيوجه رسالتين، الأولى للقوى الحريصة على الجنوب من خلال تنفيذ النقاط العشرين المتعلقة بالتهيئة للحوار الوطني، والثانية إلى تيارات العنف المسلحة التي تستهدف الأمن في الجنوب”.
خلط الأوراق
غير أن محللين أشاروا إلى أن هناك عوامل داخلية وخارجية تلعب دوراً كبيراً في عملية الاستقرار في جنوب البلاد، مرجحين إمكانية استمرار أعمال العنف من قبل بعض عناصر الحراك المسلح كلما اقترب موعد الحوار.
وفي هذا السياق يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد أن هناك إستراتيجية لدى فصيل الحراك الجنوبي المتشدد المطالب بالانفصال تعتمد على خلط الأوراق وإدخال الجنوب في دوامة عنف لإفشال مؤتمر الحوار الوطني.
وأكد في حديث للجزيرة نت وجود تداخل وتنسيق واضح في الجنوب بين ثلاث قوى، هي الحراك المسلح والحوثيون وأتباع النظام السابق خصوصاً، بعد ورود اسم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ونائبه السابق علي سالم البيض الذي يطالب بانفصال الجنوب وشحنة الأسلحة الإيرانية في بيان مجلس الأمن.
وأضاف “الثابت أن إيران تقدم دعما إعلاميا وماليا معلنا للبيض زعيم حركة الانفصال وهناك اتهامات بدعمه عسكريا، ولها مصالح تكتيكية تريد تحقيقها لتخفيف انعكاس سقوط مشروعها في سوريا”.
وأشار الباحث إلى أن إيران تحرك أذرعها في جنوب اليمن لخلق بؤرة توتر في منطقة ساخنة تشرف على باب المندب الذي تمر منه سفن النفط العالمية بهدف رفع سقف التفاوض مع المجتمع الدولي.
إجراءات عاجلة
من جهته أشار الكاتب والمحلل السياسي بعدن عبد الرحمن أحمد عبده إلى أن بمقدور هادي احتواء الأوضاع المتوترة في الجنوب إذا ما باشر باتخاذ إجراءات عاجلة بإحالة المتسببين في تأزم الوضع السياسي ومن وقفوا خلف استخدام القوة ضد المتظاهرين سلميا وتسببوا بسقوط قتلى وجرحى للمحاكمة.
وشدد في حديث للجزيرة نت على ضرورة أن يلتقي هادي بقيادات الحراك الجنوبي بصورة عاجلة للوقوف على تطورات الوضع المتوتر بهدف احتوائه، وبالمقابل على القيادات الجنوبية أن تدرك أن القضية الجنوبية قد أخذت مكانتها محليا وإقليميا ودوليا ولن يكون باستطاعة أحد تجاوزها.
وأضاف “على الرئيس هادي أن يدرك أن ما اتخذ بشأن معالجة القضية الجنوبية حتى الآن غير كاف ولا يرتقي إلى مستوى عدالة هذه القضية، وهو ما يصعد حالة التوتر والاحتقان في الجنوب، وعليه إصدار قرارات تضمن معالجة الوضع كليا في الجنوب”.