تقارير ومقابلات

وزارة الأوقاف والإرشاد: قصة نجاح.. وتجربة رائدة في تقديم الخدمات

الرشاد برس | تقرير
في مرحلة استثنائية تمرّ بها البلاد، وفي ظل تحديات معقّدة تواجه مؤسسات الدولة، برزت وزارة الأوقاف والإرشاد كأحد النماذج الحكومية التي أعادت تعريف دور المؤسسة الرسمية، ورفعت سقف الإنجاز في أصعب الظروف. ومنذ تولّي الشيخ “محمد بن عيضة شبيبة “دفة قيادة الوزارة، شهدت نقلة نوعية في الأداء والهيكلة والرؤية الاستراتيجية؛ حيث تحوّلت من مؤسسة مغلقة ومحدودة النشاط إلى منظومة متكاملة تؤدي أدوارًا محورية في إدارة شؤون الحج والعمرة، والنهوض بالخطاب الديني المعتدل، وتأهيل الكوادر، وتوسيع العمل المؤسسي على أسس مهنية ووطنية.
في عهده، لم تعد الوزارة مجرد جهة تنفيذية، بل أصبحت رافعة مجتمعية تُسهم في ترسيخ قيم التسامح، وتحقيق الكفاءة، وتقديم الخدمات بشفافية، لتكون بذلك مثالًا يُحتذى في إعادة بناء الدولة من الداخل، رغم غياب الدعم وصعوبة الواقع.

البداية من الصفر:

في مطلع عام 2020، تم اتخاذ قرار مصيري بنقل وزارة الأوقاف والإرشاد إلى العاصمة المؤقتة عدن، وسط واقع هش وفوضى إدارية خانقة وغياب للبنية التحتية. آنذاك، كانت الوزارة تُدار عن بُعد، دون مقر فعلي، وبموظفين موسميين ينشطون فقط خلال موسم الحج.
لكن هذا القرار شكّل نقطة تحول مفصلية، إذ شرعت القيادة الجديدة للوزارة، برئاسة الدكتور شبيبة، في بناء كيان إداري من الصفر. وتم وضع هيكل تنظيمي شامل، وتفعيل القطاعات المتوقفة، واستعادة روح المسؤولية المهنية، فبدأت الوزارة في الظهور كمؤسسة فعليّة على الأرض، لا على الورق.
يقول الأستاذ علي القاضي: “لقد برز الشيخ محمد بن عيضة شبيبة، وزير الأوقاف والإرشاد، كأحد النماذج الإدارية الناجحة التي استطاعت أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في الأداء المؤسسي والخدمات العامة”.
ويضيف: “منذ توليه الوزارة، عمل على إعادة تفعيلها من العاصمة المؤقتة عدن، محوّلًا مبناها من كيان افتراضي إلى مؤسسة فاعلة تمتلك بنية إدارية وتنظيمية قوية. ومن أبرز إنجازاته ترميم وتأهيل معهد الإمام البيحاني وتحويله إلى مقر رئيسي حديث للوزارة، وإعادة افتتاح المعهد العالي للتوجيه والإرشاد ليكون منبرًا لتخريج الكفاءات الشرعية المعتدلة”.
ترميم معهد الإمام البيحاني:
أولى الخطوات العملية كانت إعادة ترميم وتأهيل معهد الإمام البيحاني، ليصبح المقر الرئيسي للوزارة ومركزًا حيويًا يضم مكاتب جميع القطاعات والإدارات. لم يكن ذلك مجرد ترميم إنشائي، بل تأسيسًا لبيئة إدارية متكاملة، تم تجهيزها وتأثيثها بالكامل من إيرادات الوزارة الذاتية، دون الاعتماد على الميزانية الحكومية.
كما أُعيد افتتاح المعهد العالي للتوجيه والإرشاد بعد سنوات من الإغلاق، ليعود منبرًا أكاديميًا يرفد اليمن بكفاءات دعوية وسطية، مؤهلة علميًا وفكريًا.
تنظيم غير مسبوق وخدمة عادلة:
كان موسم الحج لعام 1445هـ من أفضل المواسم، وشهد نقلة نوعية بإطلاق النظام الرقمي لتسجيل الحجاج، والذي يهدف إلى تسهيل البيانات وتقديم الخدمات، من خلال بطاقات إلكترونية وزّعت على 24,255 حاجًا.
ورغم أن ملف الحج والعمرة يُعدّ من أكثر الملفات تعقيدًا في وزارة الأوقاف، فقد شهد القطاع تحولًا جذريًا في عهد الوزير شبيبة. فخلال موسم حج 1445هـ، تمكنت الوزارة من استرداد مبالغ تُقدّر بـ 15 مليون ريال سعودي مقابل خدمات لم تُنفذ من قبل الشركات المتعهدة. وتم صرف هذه المبالغ مباشرة للحجاج اليمنيين عبر بنك القطيبي، وفق آلية شفافة مدعومة بكشوفات رسمية.
وقد نُفذت هذه الخطوة في 7 مايو 2025، وتُعدّ الأولى من نوعها في تاريخ خدمات الحج اليمنية، مما رسّخ لدى المواطنين مفهومًا جديدًا عن العدالة الإدارية والمساءلة الحكومية.
وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من النخب والمواطنين. يقول الدكتور محمد القُشّة: “من أراد الله به خيرًا جعله قدوة في أداء الأمانة، ومن هؤلاء الشيخ محمد بن عيضة شبيبة، الذي أعاد للناس الأمل في النزاهة وسط واقع محبط، وأثبت أن اليمن لا يزال فيه المخلصون رغم الأعاصير”.
تمويل ذاتي:
في ظل غياب الدعم الحكومي، اتجهت الوزارة إلى إدارة ذاتية تعتمد على إيراداتها المحلية، وتمكنت من تنفيذ مشاريع استراتيجية في الهيكلة والتأهيل والإصلاح الإداري، دون اللجوء إلى الخزينة العامة.
وقد منحها هذا النوع من التمويل الذاتي استقلالية في اتخاذ القرار، ومرونة في إدارة الموارد، وشفافية أمام المواطنين، الذين باتوا يلمسون أثر الرسوم والخدمات بشكل مباشر.
مشاريع قرآنية وتربوية واسعة:
في قطاع التحفيظ، أثمرت جهود الوزارة عن تخريج مئات الحُفّاظ من مختلف المحافظات، شارك بعضهم في مسابقات دولية وحققوا مراكز مشرّفة، ما يعكس جودة البرامج القرآنية والإشراف المؤسسي النشط.
وقد تم تفعيل المدارس القرآنية والمعاهد الدينية في مناطق متعددة، مما منحها بُعدًا وطنيًا موحّدًا في ظل تشتت البلاد، ورسّخ دور الخطاب الديني المعتدل كمظلة جامعة. وفي العام الماضي، تم اعتماد 350 مركزًا صيفيًا شارك فيها 31,000 طالب وطالبة تحت شعار: “معًا لمواجهة تجريف الهوية اليمنية”. كما شاركت اليمن، عبر وزارة الأوقاف، في أكثر من 90 مسابقة قرآنية دولية، كان لليمن فيها الصدارة في معظمها.
الإرشاد والدعوة:
كان قطاع الإرشاد حاضرًا أيضًا في هذه النهضة، حيث انخرط في الأنشطة المجتمعية، وركّز على نشر ثقافة التسامح والتعايش، وتحصين المجتمع من التطرف، من خلال المحاضرات والدروس والخطب الموجهة.
كما أطلقت الوزارة مشروع أكاديمية خاصة لتأهيل المرشدين والدعاة علميًا وإداريًا، لتعزيز الكفاءة والاحتراف في الخطاب الديني.
تعاون إقليمي يعزز الحضور العلمي:
على الصعيد الدولي، نجحت الوزارة في توقيع بروتوكول تعاون مع الأزهر الشريف، تضمّن تقديم منح دراسية جامعية وعليا للطلاب اليمنيين، إضافة إلى تبادل المناهج والبرامج العلمية، بما يعمّق أواصر التعاون الإسلامي الأكاديمي.
ولم يأتِ هذا التعاون من فراغ، بل نتيجة حراك دبلوماسي علمي نشط قاده الوزير شبيبة، لتعزيز حضور اليمن في الفضاء الديني الوسطي.
درس في الإدارة الرشيدة:
تجربة وزارة الأوقاف والإرشاد خلال السنوات الأخيرة تُعدّ نموذجًا لما يجب أن تكون عليه مؤسسات الدولة: تخطيط استراتيجي، استثمار في الكوادر، اعتماد على الذات، وشفافية في الأداء.
وقد نجح الوزير محمد بن عيضة شبيبة في نقل الوزارة من الحضور الشكلي إلى الفعل المؤثر، ومن الجمود إلى الريادة، ليؤكّد أن بناء الدولة يبدأ من داخل مؤسساتها، بالإرادة والكفاءة، لا بالشعارات والمراوغات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى