منوعات
أستاذ بجامعة صنعاء يقترض الف ريال من طالب وآخر يلاحق أمين الصندوق بحثا عن الفي ريال مقابل عميد مراهق بسيارة لكزس!

🖌 / محمود_ياسين
الأستاذ الجامعي إن لم يكن لديه سيارة لكن لا يستلف أجرة الباص .
هذه بديهية ومتداولة حتى في اكثر الدول فقرا ، على درجة من القيافة وممتلئ هكذا مجسدا لمقام العلم ، لكن في جامعة صنعاء أساتذة جامعيون ظروفهم أسوأ من ظروف الطلبة ، فالطالب بلا عائلة والتزامات إيجار وماشابه ، أربعة منهم في غرفة وانتهى الأمر ، كيف تقف في المدرج وماالذي تقوله وعن ماذا تحاضر ورأسك محتشد بالديون وضجيج التبرم العائلي وملامح المؤجر الغاضب وهو يتصفح المراجع نيابة عنك ، يتصفحها وقد امتلك وجودك البديل .
ادفعوا رواتب أساتذة الجامعة وامنحوهم تلك الاستثنائية التي تتبعها أي سلطة تتمتع بالحد الأدني من إدراك الأولويات .
لا يمكن لأحد تقبل دفع كلفة ” نحن في حرب وعدوان ” بوصفه الجدار القصير للحرب والعدوان بينما يختال العميد المراهق بسيارة لكزس ويتجشأ وطنية وتعريفا للوطنية .
هناك مؤسسات تمثل مقياسا للحد الأدنى من التمسك باللياقة وحماية القلاع الحصينة وبالغة الرمزية ، حتى أن الدكتور وهو يتجول بين مباني مؤسسة علمية كانت تمثل صخرة وجوده ،وكأنه عامل بالسخرة ، لا شقة له في مباني سكن الأساتذة ولا اسم له في كشف راتب ولا سيارة في الموقف ، وبقي عليه الاستماتة في التيقظ صباحا بمزاج دب عالق ومقيد برسن ، ويمضي بكوت مكرمش باهت من ضربات الشمس شأن روحه وقد بهتت في زمن جرده من كبرياء العلم وحتى من حقوق العامل .
المؤسسة التعليمية تحديدا ، يجب أن تظل بمنأى عن حسابات الحرب وعن الاستقطاب وعن العقاب وبعيدا عن متناول الجشع .
أستاذ اقتصاد يقترض الف ريال من طالب ، أستاذ علم اجتماع يلاحق أمين الصندوق بحثا عن الفي ريال حافز محاضرة ، أستاذ جامعي يتضائل كل يوم أكثر وأكثر ، يتضائل أمام البوابة ويختنق صوته وقد توقفت المدرجات عن ترديده كما يحدث في جلبة العلم ومطارحات الفلسفة ، تتسرب الحياة من بين أصابعه وتسيل كرامته قطرة قطرة على السلالم الحجرية .
في كل حرب وفي كل تحول وانتقال وتلاشي قوى وشتات جماعات وتصدع وطن وصعود قوة ، تلتزم الأخيرة تجاه مايعرف بالرمزيات الأخيرة ، والمؤسسة العلمية مزيج من رمزية ونشاط غير قابل للإرجاء .
هناك في تاريخ كل قوة صعدت ، جملة مؤسسات متعذرة على الزج بها في حسابات الاستقطاب ومقايضتها بجشع الصاعدين الأكثر تخففا من المسؤولية ، تظل المؤسسة التعليمية حالة من القدسية أيا تكن خيارات واضطرارات القوة .
وإذ تمنح نشاطك الاستقطابي ودوراتك الثقافية بسخاء ،وتجرد المؤسسة العلمية الجامعة تسمية ودلالة من أبسط الموارد والحقوق ، كأنما تقرر تحفيز وإحياء وعي استقطابي خاص مقابل ترك الوعي العام والمعرفة للإضمحلال تحت وطأة الظروف القاسية التي خلقتها انت ، وأمام كل موظف تم استقطابه في دورة تخسر أستاذا جامعيا وتجبره وتدفعه ولو للكمون بوصفه ” العدو الصامت ” والمدجج بمزيج من المقولات والكتب واستخلاصات التاريخ مفعمة بنكهة ضغينة وانتظار فوضى قد تمنحه خلاصا ويمنحها بالمقابل غطاء أخلاقيا ومعرفيا معزز بمقاربات العلم ، العلم وهو يتحول بفعل الظلم والإهمال من أداة تنوير لصيغة تبرير في طريق المجازفات والفوضى .
المعادلة الأساسية ، فقط ، ألف باء الدول ، اتبعها فحسب وسنجد مستقبلا ما أبقته عقلانية ما بمعزل عن عصف الجنون .