إسرائيل تدفن وثائق المجازر وفظائع التهجير خلال نكبة فلسطين..
الرشاد برس تقارير ومقابلات
قالت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، في تقرير نشرته الجمعة، إنه “منذ بداية العقد الماضي، كانت فرق وزارة الدفاع تجوب أرشيف إسرائيل وتزيل الوثائق التاريخية، لكنها لم تكن فقط الأوراق المتعلقة بمشروع إسرائيل النووي، أو العلاقات الخارجية للبلاد التي يتم نقلها إلى قبو، بل تم أيضا إخفاء مئات الوثائق الأخرى، في إطار جهد منظم لإخفاء أدلة النكبة”.
وأضافت: “تم اكتشاف هذه الظاهرة لأول مرة من قبل معهد أكفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وأشارت الى انه وفقًا لتقرير صادر عن المعهد، فإن العملية تقودها إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع التي يحظر الكشف عن أنشطتها وميزانيتها.
وقالت: “يؤكد التقرير أن إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع أزالت الوثائق التاريخية بطريقة غير مشروعة وبدون أي سلطة، وفي بعض الحالات على الأقل، قامت بحظر الوثائق التي سبق أن تمت الموافقة على نشرها من قبل الرقابة العسكرية، إذ أن بعض الوثائق التي تم وضعها في خزائن قد تم نشرها بالفعل”.
ويقول الفلسطينيون إن عشرات الآلاف من الفلسطينيين اضطروا الى ترك ممتلكاتهم وعقاراتهم خوفا من أن يتم الحاق الاذى بهم بعد أنباء عن مجازر ارتكبتها عصابات يهودية في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية قبل العام 1948.
ونتيجة لنكبة العام 1948، لجأ عشرات الاف الفلسطينيين الى دول عربية مجاورة والى الضفط الغربية وقطاع غزة تاركين من خلفهم عقارات وشهادات ملكية.
وترفض اسرائيل منذ ذلك الحين عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم، كما ترفض الاعتراف بوقوع مجازر أو هدم مئات القرى الفلسطينية.
وتقول الصحيفة الاسرائيلية إن إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع الاسرائيلية “أخفت شهادة من جنرالات في الجيش الإسرائيلي حول قتل المدنيين وهدم القرى، فضلاً عن توثيق طرد البدو خلال العقد الأول من قيام الدولة”.
وقالت: “كشفت المحادثات التي أجرتها الصحيفة مع مديري الأرشيفات العامة والخاصة على حد سواء أن موظفي إدارة الأمن تعاملوا مع الأرشيفات كممتلكات لهم، وفي بعض الحالات كانوا يهددون المديرين أنفسهم”
ونقلت الصحيفة عن يهيل حوريف، الذي ترأس إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع الاسرائيلية لمدة عقدين حتى عام 2007، إقراره بأنه هو من أطلق المشروع، الذي لا يزال مستمراً.
وقالت: “هو يعتبر أنه من المنطقي إخفاء أحداث عام 1948، لأن الكشف عنها قد يولد اضطرابات بين السكان العرب في البلاد”، على حد قوله.
وردا على سؤال حول الهدف من إزالة الوثائق التي تم نشرها بالفعل، أوضح حوريف أن الهدف هو “تقويض مصداقية الدراسات حول تاريخ مشكلة اللاجئين، فمن وجهة نظر حوريف، فإن الادعاء الذي يقدمه الباحث مدعوما بوثيقة أصلية ليس بقوة الادعاء الذي لا يمكن إثباته أو دحضه”، تضيف هآرتس.
ولفتت الصحيفة في هذا الصدد الى انها تمكنت من اكتشاف وثيقة كتبها عضو اللجنة المركزية لحزب” مابام”، أهارون كوهين، مستندا الى إحاطة قدمها في نوفمبر/تشرين الثاني 1948 إسرائيل جليلي، رئيس الأركان السابق لميليشيا “الهاغاناه”، والتي أصبحت الجيش الإسرائيلي بعد عام 1948.
وكتب كوهين في الوثيقة ” في صفصاف (قرية فلسطينية بالقرب من صفد في الشمال)، تم القبض على 52 رجلاً، وقيدوا بعضهم ببعض، وتم حفر حفرة وأطلقوا (الإسرائيليون) النار عليهم. عشرة منهم كانوا لا زالوا ينازعون الموت. وجاءت نساء يتوسلن لرحمتهم دون جدوى. تم العثور على جثث 6 رجال مسنين. كانت هناك 61 جثة و3 حالات اغتصاب، احدها شرق مدينة صفد، لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، 4 رجال قتلوا بالرصاص، أحدهم تم قطع أصابعه بسكين لأخذ خاتمه”.
واستنادا الى الصحيفة، فإن أحد أبرز الوثائق المذهلة حول أصل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كتبها أحد الضباط موجهة الى جهاز الأمن العام “الشاباك” يناقش فيها سبب إفراغ البلاد من العديد من سكانها العرب، مع التركيز على ظروف كل قرية.
وقالت “تم تجميعها في أواخر يونيو/حزيران 1948 ، تحت عنوان: هجرة عرب فلسطين”.
وأضافت: “كانت هذه الوثيقة هي الأساس لمقال نشره (الباحث الاسرائيلي) بيني موريس في عام 1986. وبعد ظهور المقال، تمت إزالة المستند من الأرشيف وتم حجب وصول الباحثين اليه. وبعد سنوات ، قام فريق إدارة الأمن السرية بإعادة فحص الوثيقة، وأمر أن تظل سرية”.
لكن الصحيفة تشير الى ان “الوثيقة المؤلفة من 25 صفحة تبدأ بمقدمة تعكس توافقا بلا خجل على إخلاء القرى العربية”.
وقالت الصحيفة: “وفقا للرواية الإسرائيلية التي تم نشرها على مر السنين، تقع مسؤولية الهجرة من إسرائيل على عاتق السياسيين العرب الذين شجعوا السكان على المغادرة، ومع ذلك ،فإنه وفقا للوثيقة، غادر 70 % من العرب نتيجة للعمليات العسكرية اليهودية”.
واضافت: “يصنف مؤلف النص الذي لم يكشف عن اسمه أسباب رحيل العرب حسب الأهمية كالتالي: السبب الأول: “الأعمال اليهودية العدائية المباشرة ضد اماكن تواجد العرب، السبب الثاني: تأثير تلك الأعمال على القرى المجاورة.
وجاء في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية العمليات التي نفذتها عصابات” إرجون” و”ليهي”، في حين تمثل السبب الرابع للهجرة العربية في الأوامر الصادرة عن المؤسسات العربية و”العصابات” (في اشارة الى الجماعات العربية المقاتلة)؛ أما السبب الخامس فتمثل في “عمليات يهمس” اليهودية لحث السكان العرب على الفرار”؛ والعامل السادس والأخير تجسد في توجيه “الإنذار للعرب بإخلاء” أراضيهم.
وتخلص “هآرتس” إلى أن المؤلف يجزم بأن “العمليات العدائية كانت بلا شك السبب الرئيسي لحركة السكان”، أي تهجير الفلسطينيين.
الاناضول