عربية

إطلاق سراح “عيدان “:خطوة إنسانية من “حماس” تعيد ترتيب أوراق التفاوض

الرشادبرس- عربي

في تطور يُعد الأول من نوعه منذ أشهر من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، أقدمت حركة “حماس” على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، في خطوة وصفتها الحركة بأنها “بادرة حسن نية” تهدف إلى فتح الطريق أمام مفاوضات جادة لوقف العدوان، وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

الخطوة، التي جرت بتنسيق مباشر بين “حماس” والولايات المتحدة عبر الوساطة القطرية، شكّلت اختراقًا سياسيًا ودبلوماسيًا مهمًا، حيث لاقت ترحيبًا واسعًا من الإدارة الأميركية وعدد من الوسطاء الإقليميين، وعلى رأسهم مصر وقطر، اللتان وصفَتا ما حدث بأنه “خطوة مشجعة” يمكن أن تؤسس لعودة سريعة إلى طاولة المفاوضات.

إشادة أميركية ودعم إقليمي:

الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يستعد لجولة في المنطقة، أشاد بالخطوة ووصفها بأنها “إشارة إيجابية” يجب أن تُستثمر لبناء تسوية حقيقية، مؤكدًا أن الإفراج عن ألكسندر يمثّل بداية الطريق لإنهاء النزاع في غزة.

من جهتها، أعلنت وزارتا خارجية مصر وقطر في بيان مشترك، أن “الإفراج عن الجندي الإسرائيلي خطوة نوعية تعبّر عن جدية الجانب الفلسطيني ورغبته في إنهاء المعاناة الإنسانية المتفاقمة في غزة”، مشددتين على أن هذه الخطوة يجب أن تقابلها استجابة إسرائيلية متزنة ومسؤولة.

“حماس”: مستعدون لمفاوضات شاملة:

في بيان رسمي صدر الأحد، أكدت حركة “حماس” أن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جاء ضمن إطار “الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر، وتقديم الإغاثة العاجلة لأبناء شعبنا في قطاع غزة”، مضيفة أنها على استعداد فوري للدخول في “مفاوضات مكثفة وجادة للوصول إلى اتفاق شامل وعادل يضمن إنهاء الحرب وتبادل الأسرى”.

هذه الرسالة السياسية، التي بُعثت بلغة إنسانية واضحة، لم تُخفِ رغبة الحركة في استثمار الظرف الدولي الراهن لإعادة وضع القضية الفلسطينية في صدارة المشهد، مع التركيز على الجوانب الإنسانية والمعاناة اليومية لأهالي غزة.

 نتنياهو تحت الضغط:

رغم هذا التحول الإيجابي، حاول رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التهوين من شأن التطورات، مشيرًا إلى أن “الاحتلال غير ملتزم بأي وقف لإطلاق النار”، وأن المفاوضات “ستستمر تحت النيران”، وهو ما يعكس تخبطًا واضحًا في الموقف الإسرائيلي، خاصة في ظل تفادي نتنياهو للمشاركة في الترتيبات الأولية التي أفضت إلى الإفراج عن الجندي.

لكن وبعد لقائه بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف والسفير مايك هكابي، اضطر نتنياهو إلى إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة، ما اعتُبر تراجعًا سياسيًا أمام الزخم الدولي، ومحاولة للالتفاف على الضغوط الأميركية المتصاعدة التي تزامنت مع زيارة ترمب المرتقبة.

 خطوة “حماس” تعيد رسم المشهد:

يؤكد مراقبون أن حركة “حماس” من خلال هذه الخطوة الذكية، استطاعت أن تكسر الجمود، وتفرض نفسها مجددًا كلاعب سياسي له وزنه في المشهد الإقليمي والدولي، رغم الحصار والتصنيف الأميركي لها كمنظمة إرهابية.

 وأن المحادثات المقبلة في الدوحة قد تفضي إلى هدنة جزئية بضمانات أميركية، تبدأ بإدخال المساعدات وتُهيئ الأرضية لاتفاق سياسي شامل، مرجّحًا أن تستمر الضغوط الدولية على حكومة الاحتلال الإسرائيلية، خاصة مع استمرار المأساة الإنسانية التي يواجهها سكان قطاع غزة.

الرهائن.. ورقة حماس القوية:

ويرى مراقبون أن “حماس” تدير ملف الرهائن بعناية سياسية، إذ تعتبره الورقة الوحيدة القادرة على دفع المجتمع الدولي للتحرك، وهي تدرك أن أي اتفاق مرحلي يجب أن يتضمن مخرجات إنسانية واضحة، ووقفًا دائمًا للعدوان، إلى جانب التفاهم على ترتيبات ما بعد الحرب في قطاع غزة، بما يضمن دورًا سياسيًا للحركة في أي معادلة مستقبلية.

وفي وقت أعلنت فيه السلطات المصرية عن جاهزيتها لإدخال شاحنات المساعدات فور إعادة فتح المعابر، فإن الطريق يبدو مهيأً لتقدم حذر في المسار السياسي، إذا ما تجاوبت إسرائيل مع الديناميكيات الجديدة، وخرجت من دائرة التصعيد العسكري.

فرصة حقيقية:

في ظل هذه المعطيات، تبدو خطوة “حماس” بإطلاق الجندي الأميركي الإسرائيلي أكثر من مجرد بادرة إنسانية؛ إنها دعوة جريئة لإعادة تعريف موازين القوى، وتثبيت حق الفلسطينيين في الحياة والكرامة والحرية.

وإذا ما تجاوبت واشنطن بجدية، وامتلكت الإرادة السياسية للضغط على حكومة نتنياهو، فإن فرصة التوصل إلى هدنة دائمة، بل وربما تسوية شاملة، قد تكون أقرب مما يتوقع كثيرون.

المصدر: صحافة عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى