إيران في سوريا
بقلم / أحمد عثمان
فقدان إيران لسوريا أفقدها التوازن السياسي، والتجربة العسكرية، ونظريتها في “الصبر الاستراتيجي” التي اتقنتها في المنطقة. وبسببه، توغلت في الوطن العربي، وسيطرت على قرار عواصم عربية مهمة. والمتابع لتصريحات إيران عن المقاومة الإسلامية في سوريا وتحركات الفلول، يكشف خفة سياسية وإرباكًا لا تصدر عن دولة ذات تجربة.
مراقبون يؤكدون أن إيران لم تصدم كما صدمت بفقدان سوريا، التي كانت في يدها بتكلفة باهظة من الدماء الإيرانية واللبنانية وحتى الباكستانية والأفغانية من مليشياتها الطائفية، التي جلبتها إلى سوريا لتقتل وتُهجّر، والكثير منهم مُنِحوا الجنسية السورية. وكانت الفاتورة الأكبر مما دفعه الشعب السوري، الذي لن يتخلى اليوم عن انتصاره مهما كانت الظروف.
وما زالت إيران لم تفق من الصدمة، والدليل مواقفها في دعم ما يجري في الساحل السوري، وتسرعها الذي يعكس أن قوى في إيران تعيش حالة من التوتر الداخلي، الذي قد ينفجر في أي وقت. هذه القوى تريد الخلاص من نتائج هذا التوتر بسبب ما حدث في سوريا، على أمل العودة إليها أو على الأقل إسقاط وإضعاف النظام الجديد فيها، دون أن يأخذ هذا التدبير وقته وإعداده.
مع التفاف الشعب السوري حول النظام الجديد، وتحفز أجهزته الأمنية، ودعم الدول العربية، فإن هكذا تمرد يصب في خدمة النظام الجديد، ويعطيه مبررات شرعية أمام المجتمع الداخلي الذي بدأ يضغط لمزيد من الحسم، وأمام المجتمع الدولي والإقليمي. هذا التمرد يمثل انتحارًا للقوى المتمردة وداعميهم، وفي المقدمة إيران، التي لم تخف دعمها بصورة تفتقر إلى الدبلوماسية.
بعد انتصار ثورة الشعب السوري وتقدمه المتسارع في بناء الدولة، وعودتها إلى الحضن العربي بقوة، أصبحت إسرائيل قلقة جدًا، وإيران تشعر بالاختناق.