مقالات
ادعاء الوصاية على الدين بالنسب….
بقلم / محمد شبيبة
تستهدف النبي عليه الصلاة والسلام تلك التي تزعم أنه لم يكن علىٰ مسافة واحدة من اتباعه، وأنه إنما كان يُحابي القرابة، ويختصهم بالسلطة والثروة!!
هناك من يتبنى هذا الطرح العنصري، ويروج له بطريقة وأخرى،
وهؤلاء لايفرقون بين رسولٍ وملك،
ولا بين دِين وسُلطة
ولا بين نبي ملة ورب أسرة…!!
لقد مرغ القرآن خشم أبي لهب، ودس أنفه في التراب، وذمه بالإسم من بين كل العرب، مع أنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرب الناس إليه، كل ذلك لنفهم – إذا أردنا أن نفهم- بأن الإسلام لايعتد بقرابةٍ، وليس في قاموسه وساطة، وإنما ميزانه التقوى والعمل الصالح
إذا كان هذا صنيع القرآن مع أقرب المقربين نسبًا من نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فما بالكم بمن يأتي ليدعي القرابة بعد أكثر من ١٤٤١ سنة
ويظن أنها تُقربه من الله زلفى، وأنه أقرب إلى باب الجنة من كل أتباع الملة، وأن له من الامتيازات والحقوق ماليس للمسلمين الآخرين!!
لقد منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس رضي الله عنه من الولاية حين طلبها، وبين له أن سعيه في إنقاذ نفسه بترك المنصب أفضل له من إهلاكها بتقلد المنصب ، وأنه لايُعطي الولاية من طلبها،
وكان عمر بن الخطاب بنظرته الثاقبه يمنعهم منها لما يعلم من تطلعهم لها وسعيهم لمنافسه الخلفاء والأمراء عليها، وقد كانوا كذلك، وجرت بسبب تطلعهم هذا ، وزعم أحقية الحكم لهم دون غيرهم ، حروبًا دامية، لاتزال أثارها الكارثية حتى اليوم
لقد جعل رسول الله زيد بن حارثة المولىٰ رضي الله عنه أميرًا على ابن عمه جعفر رضي الله عنه
وجعل أسامة بن زيد المولىٰ رضي الله عنه أميرًا على ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحينما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تولىٰ الخلافة رجل من بني تيم وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحد رعاياه، ثم تولى بعد أبي بكر رضي الله عنه رجل من بني عدي وكان علي بن أبي طالب أحد رعاياه، ثم تولى بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل من بني أمية، وهم من أكثر القبائل منافسة لبني هاشم، وكان علي بن أبي طالب أحد رعاياه
وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما من رعايا معاوية ويدينون له بالسمع والطاعة
ولذلك تجد سلالة اليوم تحاول أن تنكر هذه الحقائق وتدعي أن عليًا هو الوصي، وأن الخلفاء اغتصبوا الخلافة منه، وتربعوا على كرسيٍ ليس لهم!! وقصدهم من هذا التزييف البحث عن ورقة دينية تحفظ لهم السلطة والثروة!! وللأسف فلازال في المسلمين، وخاصة من اليمنيين من يصدقهم!!
لم يكن رسول الله صلى الله عليه على رأس شركة، ولا رب عائلة، ولا شيخ قبيلة حتى يُسلط علينا قرابته ويعزز سلطتهم بسوط الآيات والأحاديث، حاشاه ثم حاشاه ثم حاشاه
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:
لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يوصيه – ومعاذ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ رَاحِلَتِهِ – فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:
(يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي) فَبَكَى مُعَاذٌ خَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ثم التفت صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فقَالَ:(إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِي وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ من كانوا وحيث كَانُوا
اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ فَسَادَ ما أصلحت وايم الله لَيَكْفَأُنَّ أُمَّتِي عَنْ دِينِهَا كَمَا يُكفأ الْإِنَاءُ فِي البطحاء)
صححه ابن حبان والألباني ومقبل الوادعي رحمهم الله