حسن الظن وتلتمس الأعذار للناس…
بقلم / محمد عيضة شبيبة
يأتي إلى حارتنا في الصيف فيسكنها رغبة في جوها المعتدل ، وقبل الأذان للصلاة يترجل من سيارته الفارهة ليحتل مكانه في الصف الأول
ينكب علىٰ المصحف حتى الإقامة وعند الإنتهاء من الصلاة يقوم إلىٰ إحدىٰ الزوايا فيختلي بالمصحف مرة أخرى حتى يكون آخر من يخرج من المسجد.
لكن مما أثار استغرابي منه وجعلني أجدُ في نفسي عليه وأستهجن صنيعه هو أنني كلما أتيتُ إلىٰ المسجد ألقيتُ عليه السلام فلا يرد عليَّ السلام ولا يلتفت إليّ ،
يتكرر منه هذا الصنيع في كل الصلوات، لايرد لابصوت ولا بحركة ولا بالتفاتة
وبالأمس دخلتُ المسجد فوجدته قبلي، سلَّمتُ عليه فلم يَرُد كالعادة!
صليتُ تحية المسجد ثم جلست أحدث نفسي عن هذا الجلف المتكبر وعن هذا التناقض الذي يعيشه!
صِلَة بالمسجد وقطيعة مع المصلين!!
وفي هذه الأثناء قطع حديثي مع نفسي دخول نائب الإمام ، ألقىٰ السلام، فرددت عليه وحدي وبعد فراغه من سنة الفريضة التفتَ إليّ واستأذن في أن يُطْفِي المراوح
إذ لاحاجة لها مع الجوء المعتدل فقلتُ له :
هذا دَخَلَ قبلي – وأشرتُ إلىٰ الذي لايرد السلام – وربما هو من شغل المراوح، كلمه لعله يريدها تبقىٰ شغالة
خاطبه نائب الإمام :
– هل تريد المراوح؟
– فأجابه لا تؤذن قد أذن الإمام!!
خاطبه مرة أخرى بصوت مرتفع
– أقول المراوح عادي لو طفيتها؟
فرد عليه :
– قد أذن الإمام قبل شوي وخرج يمكن انه يتوضأ!!
فرفع نائب الإمام صوته مع إشارة إلى المروحة التي فوق راسه وحرك يده كما تفعل المروحة
– تريد نطفي المروحة أو نخليها شغالة؟
ففهم في الثالثة مُراد نائب الإمام وقال: –
– لا لا طفها طفها مالها داعي.
حينها فهمتُ أن الرجل ثقيل السمع وأنه لم يكن يسمع صوتي ولا يشعر بإلقاء السلام حين أسلم عليه.
زال كلما كنت أجده في نفسي ومحىٰ هذا الموقف العفوي تراكمات سلبية كانت قد ترسبت في صدري عليه
عاتبتُ نفسي كم أنا أتسرع في سوء الظن والحكم على الأشخاص، وكان يجب أن أترك مساحة واسعة لحسن الظن وقراءة الملابسات وفهم واقع الناس….
رزقنا الله وإياكم قلوباً تُغَلّب حسن الظن وتلتمس الأعذار للناس