البيضاء .. نظرة للصراع من الداخل
“تلتزم الدولة بحماية المواطنين في محافظة البيضاء من خطر القاعدة وتقدم له الدعم اللازم وتقف إلى جانبهم في مواجهة خطر القاعدة والإرهاب” كان ذلك هو البند الثامن لاتفاقية السلم والشراكة والذي أصر الحوثيون فيها على إعطاء هذه الخصوصية لمحافظة البيضاء ببند مستقل, ومن الملاحظ أن الحوثين يحاولون إظهار جميع خصومهم في البيضاء على أنهم من القاعدة حتى يكون تدخل الجيش بالقتال معهم مبررا ولكي يحصلوا على مشاركة أمريكية فاعلة وهو ما حصل عبر طيران “الدرونز”.
الحوثيون يدركون تماما أن محافظة البيضاء بمديرياتها 20 لن تكون شبيهة بنظيراتها من محافظات الشمال الأخرى التي أسقطوها بطريقة درامية هزيلة, ولهذا فالحوثيون يشتمون منها رائحة مؤامرة كما جاء في إحدى خطابات عبد الملك الحوثي لإتباعه, لكن ما حقيقة الصراع القائم بالبيضاء والى أين يتجه الصراع المسلح هناك؟!
بنظرة سريعة إلى نقاط التواجد الحوثي المحلي داخل البيضاء, لن نجد أمامنا سوى بعض البيوتات الحوثية والتي يتركز وجودها بمركز مديرية رداع (المدينة)، وهي
محل الصراع المشتعل حاليا، تعتبر مديرية رداع أكبر مديريات محافظة البيضاء ولهذا قسمت المديرية إلى سبع مديريات وهي: مديرية رداع والرياشية وصباح والعرش وولد ربيع والشرية والقريشية .
إذا فالحاصل هو صراع في نقاط التواجد الحوثي داخل المحافظة وليس توسعا للحوثي فيها، بمعنى أدق أن الحوثيين في محل دفاع وليس في محل هجوم ولهذا لم تخرج المواجهات عن مركز مديرية رداع بمعنى أنها لم تخرج من مركز المديرية إلى الأنحاء الأخرى من المديرية نفسها, فضلا عن أنها لم تخرج حتى للمديريات الست الأخرى التابعة لرداع وبقية مديريات المحافظة ككل .
حصل توسع للصراع لمنطقة المناسح المجاورة لمركز مديرية رداع وحقق الحوثي فيها تقدم مؤقت بفضل الغطاء الجوي الذي وفره الطيران الأمريكي عبر طائرات “الدرونز”, لكن ما لبثت القبائل أن شنت هجمات عنيفة اضطرت الحوثيين للانسحاب منها، خسر الحوثيون ماجد الذهب أحد ابرز قيادتهم في نفس المواجهات مع عشرات القتلى .
بالنسبة لجبل أسبيل الذي سيطر عليه الحوثيون بدعم من الطائرات الأمريكية فعلى رغم أهميته الإستراتجية إلا أنه لا يعتبر في العمق من المحافظة, إذ يقع بين محافظتي البيضاء وذمار ولم يستطع الحوثيون التقدم بعده لمديرية قيفة المتاخمة له بسبب قوة المقاومة القبلية التي واجهتهم .
ما يميز محافظة البيضاء في صراعها مع الحوثي أمرين :
* قوة شيوخ قبائل المحافظة الرافضين لتواجد الحوثي فيها حتى أنهم أنشئوا تحالفا لمواجهة الحوثي أسموه تحالف قبائل مذحج، يأتي على رأس قائمة هؤلاء
المشايخ الشيخ صالح الرماح – الشيخ حسن الهدار – الشيخ علي الشرفي – الشيخ قاسم المشدلي – الشيخ احمد العمري – الشيخ عبدالله الحميقاني – الشيخ عبدالقوي حسن الحميقاني – الشيخ الخضر العزاني – الشيخ حسين عيدروس الثريا – الشيخ محمد حسن طالب – الشيخ عبدالرحمن محسن العزاني – الشيخ علي احمد الرصاص وكل هؤلاء بالإضافة إلى آخرين قد أصدروا بيانا عبروا فيه عن رفض لمؤتمر حكماء اليمن الذي دعا إليه الحوثيون .
* على رغم أن تنظيم القاعدة لا يتواجد بأعداد كبيرة في المحافظة إلا أنه يخوض صراع قوي مع الحوثيين حتى قبل اتساع المواجهات في المحافظة, ولهذا فهو يعمل
على مواجهة كل من يساعد أو يساهم في التمكين للحوثي هناك .
تعتبر محافظة البيضاء المحافظة الوحيدة التي لم تخرج فيها مسيرات مؤيدة للحوثي وعلى ما يبدوا أنها ستكون الحلقة الأصعب أمام مسلحي الحوثي والذي يغلب على
الظن أن الحوثي لن يحقق فيها تواجد يذكر وفق المعطيات المذكورة أعلاه .