الجولة الثانية من مفاوضات روما: تباينات حادة وتصريحات متضاربة
الرشاد بـــــــــــــــــــــــــــرس ــــ دولــــــــــــــــــــــــــــــــــي
اختُتمت، مساء امس ، الجولة الثانية من المفاوضات الحساسة بين الولايات المتحدة وإيران بعد نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة من انطلاقها في مقر السفارة العُمانية وسط العاصمة الإيطالية روما، في ظل أجواء مشحونة بالتوتر والحذر.
وجاء هذا اللقاء بعد 45 يوماً من الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي حملت دعوة صريحة للتوصل إلى اتفاق جديد، أو مواجهة خيار عسكري لا لبس فيه.
وكانت الجولة الأولى قد عُقدت قبل أسبوع في سلطنة عُمان، وطغى عليها الطابع الدبلوماسي، حيث تبادل الطرفان الرسائل عبر وسائل الإعلام، وسط مراقبة دولية حذرة.
وفي هذا السياق، قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، في تصريحات أدلى بها الأحد الماضي عقب لقائه القصير بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن واشنطن قد تقبل ببرنامج نووي مدني إيراني شرط ألا تتجاوز نسبة التخصيب فيه 3.67%، وهي النسبة التي نصّ عليها الاتفاق النووي لعام 2015. لكنه عاد لاحقاً لينشر بياناً على منصة “إكس” دعا فيه طهران إلى التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم، مما أثار تساؤلات بشأن وضوح الموقف الأميركي.
وفي مؤتمر صحافي عُقد الثلاثاء، شددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، على أن “الهدف الأساسي واضح: إيران يجب ألا تمتلك سلاحاً نووياً، ولا برنامجاً يمكن أن يقود إلى امتلاكه”. وأضافت: “ما يُقال أمام الكاميرات لا يعكس بالضرورة ما يدور خلف الأبواب المغلقة. نحن في عملية دبلوماسية معقدة، والأفعال والنتائج على الأرض هي ما يُعتد به”.
من جهته، حاول وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التقليل من أهمية التصريحات الأميركية، مشيراً إلى أن “المواقف الحقيقية تتضح على طاولة المفاوضات”، مضيفاً أن تصريحات ويتكوف كانت “متعددة ومتباينة”، وهو ما اعتبره دليلاً على الارتباك داخل الإدارة الأميركية، وعدم وضوح استراتيجيتها التفاوضية.
بدوره، عبّر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن قلق طهران إزاء “التصريحات المتناقضة” الصادرة عن مسؤولين أميركيين خلال الأيام الماضية، داعياً واشنطن إلى تقديم توضيحات جدية بشأن نواياها، مؤكداً أن موقف إيران من قضيتي العقوبات والبرنامج النووي “واضح وثابت”.
وأشار بقائي إلى أن العودة إلى الأساليب السابقة “لن تُفضي إلى نتيجة”، داعياً الولايات المتحدة إلى اعتماد مقاربة واقعية، وعدم الانسياق وراء “مطالب غير عقلانية بتأثير من إسرائيل”.
وكان الرئيس ترمب قد انسحب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، بعد سلسلة من التجميدات المؤقتة للعقوبات، ضمن ما وصفه آنذاك بـ”فرصة لإيران”، قبل أن يعتمد سياسة “الضغوط القصوى” سعياً لاتفاق أوسع.
التسلسل الزمني للمسار الدبلوماسي منذ رسالة ترمب:
5 مارس: ترمب يبعث برسالة إلى خامنئي يدعو فيها لاتفاق أو مواجهة.
7 مارس: ترمب يتحدث عن تطورات قريبة بشأن إيران.
8 مارس: خامنئي يرفض التفاوض مع “دولة تمارس التنمر”.
12 مارس: تسليم رسالة ترمب عبر ممثل إماراتي.
13 مارس: إيران تستدعي سفراء ألمانيا وبريطانيا وفرنسا احتجاجاً على ضغوط متزايدة.
20 مارس: عراقجي يعلن دراسة “التهديدات والفرص” في رسالة ترمب.
28 مارس: ترمب يهدد: “إما التفاوض أو ستحدث أمور سيئة”.
30 مارس: الرئيس الأميركي يصرّح: “إذا لم يتفقوا، سنقصفهم”.
12 أبريل: بدء محادثات غير مباشرة في مسقط.
14 أبريل: إيطاليا تعلن استضافتها الجولة الثانية… وطهران تنفي مؤقتاً.
18 أبريل: ويتكوف يلتقي مسؤولين إسرائيليين سراً قبل المحادثات.
19 أبريل: انعقاد الجولة الثانية في روما.
ورغم أن إيران التزمت ببنود الاتفاق النووي لعام 2015 لمدة عام كامل بعد انسحاب الولايات المتحدة، فإنها بدأت لاحقاً في تقليص التزاماتها تدريجياً، لتصل نسبة التخصيب إلى نحو 60%، وهي نسبة تفوق بكثير السقف المحدد في الاتفاق، لكنها لا تزال دون العتبة التقنية لتصنيع سلاح نووي (90%).
ورغم استمرار الخلافات في قضايا محورية، فإن مجرد انعقاد هذه الجولة في العاصمة الإيطالية يُعد مؤشراً على أن قنوات الدبلوماسية لا تزال مفتوحة، وأن إمكانية التوصل إلى تفاهم، وإن كانت صعبة، لا تزال قائمة في ظل تعقيدات إقليمية ودولية متزايدة.
المصدر: الشرق الأوسط